لا أعرف إن كنت سأصبح أباً يوماً !
الحقيقة أن الأطفال لم يكونوا بالنسبة إلي حلماً أو رغبة في يوم من
الأيام ، لم أتخيل يوماً شكل أطفالي و لا حتى أسماءهم ، على
العكس تماماً دائماً ما كنت أقول بأنني لن أفكر بإنجاب طفل ما إلى
هذه الحياة ، كنت أقول إنني قد أتزوج في نهاية المطاف لكنه سيكون
زواجاً بلا أطفال .
لا أعرف حقيقة لماذا كنت أخشى فكرة أن يكون لي أطفال ، من
المؤكدة أنني لا أحبذ فكرة العائلة والمسؤولية وارتباط مصائر مجموعة
من الأفراد ببعضهم بعضاً ، كانت تخيفني فكرة التنازلات ، التضحيات ،
الالتزام ، الارتباط ، المسؤولية وكذلك الفقد الذي قد نتعرض له يوماً .
لكن قناعتي تبدلت ما إن احببتكِ يا جمانة ، أصبحت أتخيل دوماً ملامح
أطفالنا ، طباعهم ، أصواتهم وروائحهم ، أتخيل المزيج الذي قد ينتج
مني ومنكِ ، فيبهرني جمال الخيال والتوقع وأذوب شوقاً ليوم أحمل
فيه طفلة أو طفلاً يشبهني ويشبهك .
أنا مؤمن تماماً بأنني لن أصبح أباً إلا معكِ ، وبأنني لن أفكر بالأبوة مع
امرأة غيرك ، أنتِ أيضاً تدركين ذلك في قرارة نفسكِ ، لذا ، وعندما
تطلبين مني شيئاً أو أمراً أرفضه تقولين لي : بو صالح !
عشان خاطري .
تسألينني دوماً باسم طفلنا (( الحلم )) لأنك تدركين بأنني لن أقاوم
نشوته وسأستجيب .
أدرك أنكِ تبتزينني بـ (( أبوصالح )) ، لكن ابتزازكِ يعجبني ،
فأنساق خلف استغلالكِ للاسم منتشياً به وبفكرته .
أفكر أحياناً بـ (( حلا وصالح )) ، طفلينا اللذين خلقا فينا قبل أن يخلقا
منا ، أفكر فيما لو خسرتهما قبل أن يجيئنا ، فيما لو خذلتهما بخذلاني
لكِ فأفقدهما بفقدي إياكِ ، أشعر أنني تورطت معكِ بأطفال لم يتكونوا
بعد ، وهذا يخيفني كثيراً على الرغم من توقي الحاد إليهم .
في الحب تتضاد الأشياء ، نريد و لا نريد ، نخشى ونأمل ، نسعى
ونهرب بسبب الرغبات والحاجات والأشياء ذاتها ، لذا أنا متناقض
الأفعال معكِ ، لا لأن التناقض سمة شخصية بل لأنه ضرب من ضروب
الحب ، وأحد وجوهه الكثيرة .
أنتِ تريدين الكثير وأنا أريد الكثير ، والحب يريد أكثر فأكثر فأكثر فأكثر !
***