صفحة 6 من 11 الأولىالأولى ... 45 678 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 104
الموضوع:

رواية فلتغفري .."للـكاتبة أثير عبد الله - الصفحة 6

الزوار من محركات البحث: 9210 المشاهدات : 39074 الردود: 103
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #51
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    تاريخ التسجيل: October-2014
    الدولة: Iraq
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 15,523 المواضيع: 479
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 7035
    المهنة: صيدلانية
    موبايلي: iphone 8 plus& note5& iphone 7
    آخر نشاط: 12/August/2022
    مقالات المدونة: 8
    باتت الأيام تتشابه ، لم أعد أميز من أيامي شيئاً ، أستيقظ في كل يوم

    بانتظار أن يمن الله علي بعودتك ، لكن انتظاري يطول بلا عودة

    و لا استجابة ، فأنام كل لليلة على يأس ، واستيقظ كل صباح على

    أمل ورجاء .



    دفعني انتظار عودتك لأن أكره كل شيء ، ولأن يثير حنقي أي شيء ،

    لم أتوقع غيابكِ يوماً ، على الرغم من أنني أغيب عنكِ كثيراً إلا أنني

    كنت أدرك في كل مرة أغيب فيها ، ومهما طال الغياب أنني سأجدكِ

    في نهاية غيابي بانتظاري .



    عبثتِ بي بغيابكِ كما لم تفعلي قط ، لم تجرؤئي يوماً على أن تجازفي

    بالغياب لمدة طويلة ، لم تغيبي عني خلال السنوات الأربع التي

    جمعتنا مثلما غبتِ هذه المرة ، على الرغم من خلافاتنا وشجاراتنا ،

    وكذلك غيابي !



    لم أتوقع منكِ هذه القسوة يا جمانة ، أنتِ المرأة التي خلقت من

    مغفرة ، كيف تنتقم مني بكل هذا العنفوان ؟!



    أعود إلى الحكيم أوشو في كل مرة تغضبينني فيها لأنتقم منكِ من

    خلال أفكاره ، تكرهين أوشو كثيراً ، تظنين أنه دجال ، وأنه شاذ

    الرغبات ، يعبث بأفكار البشر ومشاعرهم عن طريق إيهامهم بالسلام

    والروحانية ، أذكر أننا كنا نتناقش عن البعد يوماً ، قلت لكِ إنني مؤمن

    بما قاله أوشو عن البعد ، حيث يؤمن أن الوهم الجميل يخلقه البعد ،

    وأن القرب يفضح حقيقة الإنسان وجوهره .



    سألتني : ألا تؤمن إلا بما يقوله الدجالون ؟!


    هو حكيم وليس بدجال .


    -بل هو أعظم الدجالين ، أوشو مريض ، مدعٍ ، كاذب ، مجنون ، أوشو

    كراسبوتين وكأحمد القدياني ، جميعهم دجالون لا فرق بينهم .



    -لا يهمني أن تؤمني به أو أن تصدقيه ، المهم أن ما ذكره بخصوص

    البعد حقيقي وواقعي .



    قلتِ باستنكار : ومن قال إنه حقيقي ؟!


    -إلا تؤمنين أن البعد يجعلنا أجمل ، وأن القرب يخفف من لهيب العاطفة

    ويفضح عيوبنا ويكشفها ؟!



    قلتِ بعناد : لا ، لا أظن ذلك .


    قلت لكِ بسخرية : أنتِ تخشين فكرة المسافات والغياب والابتعاد ،

    لذا ، لا تريدين الاقرار بالحقيقة .



    -أنا مؤمنة أن البعد يجعلنا نعتاد الغياب ن قد يدخلنا في حالة شوق

    في بداياته ، لكننا في نهاية المطاف سنعتاده ، لذا لا أؤمن بأن البعد

    يجعلنا أجمل .



    -أنتِ تفكرين بعقلية النساء ، هناك مفاهيم من الصعب أن نتفق عليها

    ، تنظرين إلى الأمور من خلال ثقب أنثوي ضيق ، وأنظر إليها من خلال

    زاوية ذكورية واسعة ، وشأن رجولي بحت .



    قلتِ بقهر لم تتمكني من إخفائه وأنتِ تنظرين بعيداً :

    شؤونك الرجولية سخيفة ! ، تعزي كل الأمور السيئة إلى الشؤون

    الرجال ، كل خطيئة ترتكب هي شأن رجولي ، كل سلوك خاطئ ،

    وكل تصرف لا يليق ، وكل فكرة بذيئة ، وكل نظرة وقحة هي شأن

    رجولي يجب علي تفهمه واحترامه واعتياده .



    قلت لك بسخرية محاولاً تغيير الموضوع : على العموم لا تقلقي ،

    على الرغم من أن البعد أجمل ، إلا أنني سأتزوجكِ يوماً وسأستر

    عليكِ !



    أحمر وجهكِ غضباً ، قلتِ وأنتِ تقاومين دموعك : الحمد الله ، أنا

    مستورة من قبل أن أعرفك !



    حملتِ حقيبتكِ وخرتِ مسرعة ، ناديتك لكنكِ لم تتوقفي ، كنت أعرف

    بأنني جرحتكِ كعادتي ، و لا أعرف حقيقة إن كنت قد تعمدت إيلامكِ

    بمزحة لاذعة أم أنني فعلاً لم أقصد إهانتك !



    أشعر أحياناً بأن قوة داخلية خفية تدفعني لأن أجرحكِ ، أفكر كثيراً في

    أسباب إهانتي إياكِ و لا أصل إلى قناعة أو سبب .



    لم أشعر يوماً تجاه أحد مثلما أشعر حيالك ، شيء فيكِ يستفز رغبتي

    بالتجريح ، لكنني وعلى الرغم من ذلك أندم كثيراً على تجريحي لكِ ،

    أظن أحياناً أنني مريض ، الرغبة العارمة التي تنتابني بين الحين

    والآخر بأن أؤلمك بكلامي لم تكن طبيعية قط ، و لا أعرف حتى الآن

    مصدرها أو أسبابها !



    أظن أحياناً أنني أرغب في لاوعيي بأن تكرهيني ، وأظن أحياناً أنني

    سادي يتلذذ بإهانة من تحبه وتحتاجه ، بكل الحالات ، أدرك بأنني

    معتل بشكل من الأشكال وبطريقة ما لا أفهمها .



    سألتني ذات مرة : لماذا تعاملني بفوقية ؟!


    أجبتكِ : لأنني رجل ولأنك امرأة .


    قلت : وإن يكن ! أنت رجل يدعي الديمقراطية الجنسية ، والإيمان

    بالمساواة ، فلماذا تظن أنك أفضل مني لكونك رجلاً ؟!



    قلت بلامبالاة محاولاً إنهاء الحديث : هو موروث اجتماعي نفسي لن

    أقدر على الخلاص منه .



    قلتِ بسخرية : من يعامل الآخرين بفوقية هو شخص يشعر بالدونية

    من قبل أشخاص آخرين .



    -أتقصدين أنني أشعر بالدونية أمام المرأة ؟


    -ليس بالضرورة ، لكنك تشعر بالدونية من قبل أحد ، لذا تمارس

    الفوقية على من تستطيع ممارستها عليه .



    قلت لكِ محاولاً استفزازكِ : بمناسبة المرأة والرجل ، أوشو يؤمن أن

    في داخل كل رجل امرأة ورجلاً ، وكذلك في داخل كل امرأة ، امرأة

    ورجل ، وهو يؤمن بأننا جميعاً آدميون وحوائيون ، حوائيون وآدميون !



    قلتِ : ويؤمن أن البعد أجمل .


    -صحيح !


    قلتِ بعتب ساخر : وعلى الرغم من ذلك ستتزوجني وستستر علي !


    كان قد مضى على قولي ذلك أكثر من شهرين ، لكنكِ كنت لا تزالين

    مجروحة منه ، قلت لكِ مداعباً : خلاص يا حقودة لا تزعلي ، ما راح

    أتزوجك و لا راح أستر عليك ، أنا مدري وش لقفني وقلت اللي قلته ،

    أنا مو راعي زواج !



    أحمرت أذناكِ غضباً ، وقمت من مكانك مغادرة المكان ، وأنا أضحك !


    كانت نظرية أوشو عن البعد ، مصدر ألم بالنسبة إليكِ وأداة إزعاج

    أجلدكِ بها وأزعجكِ فيها ، لكنني لم أعد أؤيد نظرية البعد تلك ، أصبحت

    أخاف البعد يا جمانة ، بعدكِ لم يبق لي حائطاً أستند إليه ، نزعتِ عني

    ستري ببعدكِ عني .



    بت أخشى اعتيادك بعدي ، بت أخشى البعد والمسافة والغياب

    ، كفرت بأوشو ، فهل عدتِ لتؤمني بي ولتستري علي ؟!


    ***

  2. #52
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    لكل منا حكايته مع الحلم .


    سألتكِ في بداية تعارفنا : ما هو المكان الذي كنتِ تحلمين بأن نلتقي

    فيه بفارس أحلامكِ ؟



    أجبتِ بلا تفكير : في المكتبة .


    -حقاً .


    قلتِ بحماس وبأفكار متسلسلة ومنظمة وكأنكِ راجعتِ السيناريو قبل

    هذه المرة ألف مرة : كنت أحلم بأن ألتقي فارس أحلامي في المكتبة

    ، أرفع يدي نحو الرف عال ، بينما أطلع على بعض الكتب ، أمسك كتاباً

    فيسقط من يدي ، ليقترب مني شاب وسيم ، مثقف ، طيب وشاهق ،

    ويرفع الكتاب من الأرض ويمده إلي ، تلتقي أعيننا ونقع في الحب

    ومن ثم نتزوج .



    -من الواضح أنكِ متأثرة بأفلام هوليوود .



    -وأنت ، كيف كنت ستلتقي بفتاة أحلامك ؟


    -في الطائرة ، وفي رحلة طويلة ن غالباً كانت ستكون الرحلة من

    الرياض إلى تورنتو ، تجلس فتاة جميلة بجواري لنتعارف في الساعة

    الأولى من إقلاعنا و نثرثر طوال الرحلة من دون أن يقطع ثرثرتنا سوى

    الترانزيت الذي نتناول أثناءه غدائنا معاً ونستكمل فيه ما تبقى من

    الثرثرة .



    -على هذا الأساس ، سأعتقد بأنك تعرفت على كل الفتيات اللاتي

    جاورنك في رحلاتك !



    -من سوء الحظ ، لا يجلس بجواري سوى الرجال والأطفال والعجائز .


    -من سوء حظك ، ومن حسن حظي .


    -وكيف تتمنين أن يتقدم لك فارس أحلامك بالزواج ،

    صِفي المشهد لي .



    -هناك مشاهد كثيرة في رأسي ، لكن أجمل مشهد هو أن أحضر ندوة

    أو أمسية لحبيبي المثقف ، ليقول في نهايتها بعد أن يشكر السادة

    والسيدات على حضورهم ، إنه سينتهز هذه الفرصة ليعبر لي عن حبه

    الكبير ، وليخبرني بأنه لم يحب امرأة سواي في حياته ، ولذا هو يأمل

    أن أقبل به زوجاً ، ليقف الحضور ويصفقوا لنا فرحين .



    -ما شاء الله ، فكرتِ وخططتِ لكل شيء ، ألا يوجد في مخيلتك

    مشهد أسهل ؟!



    ضحكتِ : فلتحمد الله ، وصفت لك المشهد الأسهل !


    -مشكلة ! من أين أجيء لك بندوة وجمهور .


    قلتِ مبتسمة : لا بأس ، صِف لي مشهدك .


    -فكرت أن أضع لك دبلة في (( كب كيك )) .


    -تقليددي لكن رقيق !


    -على أي حال ، أخبريني حينما تتواضع أحلامك ، في بيتي مزيج كيك

    من (( بيتي كويكر )) ستنتهي صلاحيته خلال عام .



    ضحكتِ : هل من المفترض أن أتحمس ؟


    -طبعاً ، الفتيات يحلمن بالزواج طوال الوقت .


    -لكنني لست منهن .


    قلت لكِ مستنفراً : بل أنتِ الملكة ، ملكة اللاتي يحلمن بالزواج ،

    وسأثبت لكِ ذلك يوماً .



    قلتِ بتحدًّ : سنرى كيف ستثبت ذلك يا عزيز !


    تذكرت حديثاً ذاك بعد ثلاثة أشهر ، أعددت لك كعكة واحدة ، ودعوتكِ

    للخروج في نزهة بالحديقة ، ارتديت بذلك رسمية كنت أرتديها عادة

    في احتفالات السفارة السعودية خلال الأعياد ، وبقيت أنتظركِ على

    الكرسي حتى جئتِ .



    مظهري لم يكن غريباً بالنسبة لكِ فقط ، كان غريباً لكل من كان في

    الحديقة ، رأيتكِ تقتربين رافعة حاجبيكِ بدهشة ، قلت ما إن اقتربتِ :

    ما كل هذه الأناقة ؟



    -ألم يعجبك شكلي ؟


    قلتِ برقة وأنتِ تجلسين بجواري : لا لا ، على العكس ، لكن لو كنت

    أعرف أنك ستكون بهذه الأناقة لارتديت ما يناسبه .



    -أنتِ أنيقة بكل حالاتك ، انتظري لدي شيء لك .


    أخرجت من كيس بجواري قطعة الكيك ، مددتها لك : تفضلي .


    أخذتِها وابتسمتِ بدهشة ، كان وجهكِ قانياً ، قلت : هيا تناوليها .


    ضحكتِ بخجل : الآن ؟


    -الآن !


    أخذتِ تأكلين الكعكة بخجل وبقضمات صغيرة حتى انتهت ، قلتِ

    باستغراب وأنتِ تلعبين بورقة الزينة التي كانت تغلف الكعكة : أها ؟



    قلت : أعجبتك ؟


    -أها !


    قلتُ بسخرية مبتسماً : بالعافية !


    -الله يعافيك ، وبعدين ؟


    - ولا قلبين !


    قلتِ بعصبية : ما الحكاية ؟


    -لا حكاية و لا رواية ،خشيت أن تنتهي مدة صلاحية الخليط ،

    فقررت أن أعد لك واحدة .



    -هكذا إذاً !


    قلت وأنا أضحك : أرأيتِ كم تحلمين بالزواج ؟!


    قلتِ بعصبية وبوجه محرج : أرأيت كم أنك سخيف ؟!


    قمتِ من مكانكِ وتركتني أضحك خلفك ، ناديتكِ لكنكِ لم تلتفتي إلي ،

    ركبتِ سيارتك ورحلتِ مسرعة ، أرسلت إليكِ برسالة على هاتفكِ ،

    كتبت (( كنت أمزح معكِ )) !.



    أجبتِ : (( مزاحك سخيف وتافه )) .


    بعثت : (( دعابة ، ألا تحبين الدعابات )) ؟.


    كنت أتوقع أن تجيبي علي بـ (( دعابة يعني )) ؟ كالعادة ، لكنكِ لم

    تقوليها هذه المرة ن ولم تردي على رسالتي الأخيرة ، فعرفت أنكِ

    قد غضبتِ مني فعلاً .



    صالحتكِ وأرضيتكِ بعدها بيوم واحد ، وقررت في نفسي أن أعوضكِ

    يوماً ، وأن أفاجئك على حين غرة !




    ***

  3. #53
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين

  4. #54
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    اليوم ، أجلس في مقهانا وحيداً ، أمامي فنجان قهوة ، وديوان نيتشه ،

    وسجائر ملت مني ومللت منها ،اليوم أستشعر وجودكِ في الأنحاء ،

    أشعر بك فعلاً ! ، أشعر بك أنتِ البعيدة جداً ، الحانقة كثيراً ،

    والمخذولة حتى اللانهاية .



    محبطة أنتِ إلى آخر حد ، وأعرف إلى أي درجة من الإحباط وصلتِ ،

    لكني أعرف أيضاً بأن إحباطي قد تجاوز حدود إحباطكِ بكثير ، أنا الرجل

    الذي بات لا يملك شيئاً بعدكِ ، والذي كان يملك كل شيء بوجودكِ

    معه .



    لا أفهم كيف فعلتِ بي هذا ، كيف استعمرتني بكل هذا العنفوان ،

    وكيف غرستِ أوتاد حبك في قلبي بكل هذه القسوة والثبات .



    نيتشه الذي يشاركني وحدتي اليوم ، هو نيتشه ذاته الذي لا تحبينه ،

    والذي أخبرتني يوماً بأنني سأموت وحيداً مجنوناً مثله .



    أتصدق نبوءتكِ يا جمان فأموت مثله ! أأموت كرجل بات يشاركني

    حياتي بصمت الموتى ، ليقنعني بأن الوجود يسبق الماهية ، أنا الذي

    لم أستوعب يوماً ماهيتكِ الغريبة ، والذي لم أقدر على تفسير لغز

    وجودك ، ولغز طغيان حضورك الذي لا يضاهيه في طغيانه حضور .



    أنا اليوم لا أعرف كيف فرطت فيكِ ولماذا فعلت ، كل ما أعرفه يا جمان

    هو أنني كنت مذعوراً من إيذائكِ ، أنتِ التي لا تؤمن إلا بالعلاقات

    الخالدة ، أنتش التي قد يقتلها ارتباطها بي مثلما يقتلني انفصالي

    عنها ، أنتِ التي وضعتني في مأزق الاختيار ، فإما الإقدام على

    المجهول وإما الفرار .



    لقد كنت خائفاً من تحور علاقتنا يا جمان ، كنت أريد الاحتفاظ بكِ كما

    أنتِ ، من دون قيود أو تغيير في نمط العلاقة .



    أعترف بأن حاجتي الجسدية إليكِ تزداد تأججاً بفعل الحب ، لكنني

    قادر على أن أكبح كل رغباتي في سبيل أن لا أخسرك بفعل الزواج .



    أدرك بأنه من الصعب على فتاة مثلك أن تتعايش مع رغبات رجلٍ

    مثلي ، امرأة متشربة بالطهر حتى آخرها لا قدرة لها على تفهم

    احتياجات رجل ، لكنه ليس ذنبي ! ، الذنب ليس ذنبي يا جمان .



    أنتِ من جاءتني متأخرة ! أنتِ التي جئتني بعد أن اعتدت على تلبية

    حاجاتي واحتياجاتي ، جئتني بعد أن أفسدني الزمن ، بعد أن سلبني

    كل أسلحة المقاومة ، جئتني بعد أن اعتدت على الاستسلام لك رغبة

    تغامرني ، سواء أكانت صغيرة أم كانت ضخمة ، أنا رجل لم يعد يملك

    القدرة على التحكم برغباته يا جمان ، لم تشعرني الخيانة يوماً

    إلا بالسعادة ، أنا لا أخونكِ لأنني مستمتع بالخيانة ، لكنني اعتدتها ،

    اعتدت هذا النمط من الحياة لا نقصاً فيكِ بل عيباً فيّ .



    فتاة مثلكِ تدرك أننا ندمن العادة ، وأنا اعتدت هذه الحياة و لا قدرة لي

    على الإقلاع عنها بسهولة أو الانسحاب منها جذرياً .



    أحتاج لأن تصبري يا جمانة ، من يدري ! ، فقد أشفى من هذه

    الحياة يوماً .


    ***

  5. #55
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    ***





    فتحت بريدي الإلكتروني ككل صباح ، كنت أبحث عن رسالة تحمل

    اسمك من بين عشرات الرسائل الدعائية اليومية ، كنت أنزل بالمؤشر

    بحثاً عن حروف اسمكِ ليحبطني غيابه من جديد .



    وجدت بانتظاري رسالة من موقع future me الشهير ، الموقع الذي

    يسمح لمستخدميه إرسال رسائل مستقبلية لأنفسهم .



    جاءتني الرسالة بعنوان

    (( رسالة من الماضي إلى السيد عبد العزيز )) ، كنت قد كتبتها معكِ

    قبل أربعة أعوام في مقهى Mash .. فتحت الرسالة وذاكرتي تحاول

    استرجاع ما كتبته ، كنت قد كتبت فيها بأنني أجلس معكِ في المقهى

    ، وبأن كل واحد منا يكتب الآن رسالة إلى مستقبله الذي اتفقنا على

    أن يكون استقبالنا له في منتصف 2008 م ، تحديداً في مثل

    هذا اليوم !



    كتبت رسالة طويلة إلى نفسي ، قلت فيها بأنني في أفضل حالاتي

    بل في أسعدها ، وبأنني لم أحب يوماً امرأة بقدر ما أحببتكِ ، كتبت

    بأنك تخنقينني بغيرتك وبأنني متأكد من أنك ستكونين قد تخلصتِ من

    هذا الطبع في الوقت الذي سأستقبل فيه الرسالة ، أوصيت نفسي

    في الرسالة أن أتمسك بكِ ، وأن لا أفرط فيكِ مهما حدث بيننا ،

    كتبت : (( إن كنت معها الآن فلتحافظ عليها ، وإن كانت الأيام قد فرقت

    بينكما فابحث عنها واستردها )) ، في نهاية الرسالة تركت ملحوظة

    صغيرة لكِ : (( جمان ،عودي إلى الحروف المرفقة إن أضعتِ

    الحقيقة يوماً )) !



    قرأت الرسالة وكأنني لم أكتبها قط ،كنت قد نسيت أمرها تماماً ،

    جاءت تلك الرسالة من الماضي في وقتِ دقيق وحساس وكأنها

    إشارة من الله إلي ، إشارة إلى أن أحاول استردادكِ ودعوة لكِ بأن

    تستفتي قلبك !



    كنا قد اتفقنا أن نتبادل الرسائل فور وصولها حتى لو كنا قد افترقنا ،

    أعدت توجيه الرسالة إليكِ ، أرسلتها من دون أعلق عليها بحرف ،

    بقيت أنتظر طوال اليوم أن تعيدي توجيه رسالتك إلي ، لكنكِ لم تفي

    بوعدكِ ولم تفعلي .



    كنت أفكر وأنا أنتظرك ، كيف تخلفين بوعدك ؟ وكيف أصبحتِ بهذه

    القسوة فجأة ؟!



    مكسور أنا (( كعادتك )) ، قاسية أنتِ (( كعادتي )) !



    ***

  6. #56
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    مضى شهر كامل بعد انهيارك ذاك ، شهر كامل لم يعدكِ الحنين فيه

    إلي ولم تشاركيني فيه الحياة .



    لا أعرف كيف قدرتِ على الغياب ، وكيف تمكنتِ من أن تكوني قاسية

    إلى هذا الحد ! ، أفكر أحياناً أن الجزاء من جنس العمل ، لكن يمامة

    مثلك لا تعرف للحقد درباً ، و لا أعرف كيف قدرتِ على أن تغادري خارج

    السرب ؟! ، السرب الذي لا يشكله سوانا ، أنا وأنتِ يا جمان ،

    أنا وأنتِ فحسب .



    لمحتكِ يوم أمس في الجامعة ، كنتِ تجلسين في الزحام ، تخفين

    عينيك بنظارة سوداء كاحلة ، كنت تهزين رجلكِ كعادتك وأنتِ تعبثين

    بالدبلة التي اشتريناها معاً ، الدبلة التي تعلقينها في سلسلة حول

    عنقك منذ لأن ابتعناها بانتظار أن يأتي يوم أضعها حول إصبعك .



    سرت في جسدي رعشة خفيفة ما إن لمحتكِ ، ارتبكت لرؤيتك

    فجلست في ركن بعيد أرقبكِ ، أرقب قدمك التي تهتز بطريقة

    لا يشبهكِ فيها أحد و لا يميزها أحد غيري ، أنتِ لا تهزين قدمكِ بتوتر

    كما يفعل الناس ، تهزين قدمكِ بعبث مغرور وغنج ناعم ، تهزينها ببطء

    مكابر وكأنك تحركين العالم من خلالها .



    رأيتك تزحين شعركِ بنظارتكِ ، رفعت نظارتكِ فوق رأسك لتطالعي

    هاتفك المحمول ، كنتِ تكتبين شيئاً في هاتفكِ ، شيئاً كنت أحترق

    فضولاً وغيره وخوفاً كي أعرفه !



    كنت أفكر فيما لو كنتِ قد لمحتني أيضاً ، فيما لو كنت تعرفين أنني

    أراقبك ولو كنتِ قد رفعتِ نظارتكِ عن وجهكِ لتساعديني على

    ارتشاف ملامحكِ من جديد ، مدرك أنا بأنكِ لا تجيدين الألاعيب ، لكنني

    كنت أرجو أن يكون غيابكِ لعبة هذه المرة ، كنت أدعو الله أن يكون

    ابتعادكِ عني عقاباً ستنتهي مدته قريباً ، لتعودي إلي بعد انتهاء

    (( المحكومية )) وعفا الله عمن أذنب .



    فكرت فيما لو رفعتِ رأسكِ ونظرتِ إلي وابتسمتِ ، فيما سأقوله

    وفيما سأفعله ، لكنكِ لم تفعلي ، أعدت إخفاء عينيكِ بنظارتكِ ،

    لممتِ أوراقكِ وحملتِ حقيبتكِ ، تركتني خلفك ورحلتِ .



    كنت أرجو الله طوال غيابكِ أن يجود علي بلحظاتِ ألمحكِ فيها ، ولم

    أكن أعلم أن رؤيتكِ بهذه الصورة ستزيدني حرقة وتزيدني وجعاً .



    وصلتني رسالة هاتفية انتشلتني من ولعي ووجعي ، لوهلة من أمل

    ظننتكِ من أرسل ، فتحت الرسالة بأصابع راجية ، ليطالعني

    اسم ياسمين



    Hello Husband did you miss your wife?,she missed you


    تمتمت بداخلي وأنا أتلفت حولي بحثاً عن خيال عودتك : تباً لك

    ياسمين ، لطالما كنتِ السبب ! .. يا لكِ من ورطة ! .



    لم أجب ياسمين ، ولم تعودي بعد مغادرتك ، فبقيت في باحة الجامعة

    عالقاً بين وصلها وبين جفائك !


    ***

  7. #57
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    ***


    اشتقت لأغانيكِ ! ، لذوقكِ الغنائي الذي لا يمتّ لعمركِ بصلة ، أنتِ

    التي تحب الأصالة بالطرب سواء كان عربياً أم أجنبياً ، من يراك

    لا يصدق ما تحبينه و ما تسمعينه ، التناقض الحاد بين عصرية مظهرك

    وكلاسيكية ذوقك لا يتخيله أحد و لا يعرفه سواي .



    أصبحت أسمع أغانيكِ بعد غيابك ، لا أعرف لماذا لم أفهم يوماً كم

    تشبهك أغانيكِ ، كم فيها منكِ وكم منكِ فيها .



    كنت أستمع إلى (( نقيلي أحلى زهرة )) ولـ (( عاشقة الورد )) لزكي

    ناصيف ، وأنا أفكر أن هاتين الأغنيتين اللتين تحبينهما تشبهانكِ ! ،

    لا أعرف لماذا تحبين هاتين الأغنيتين ، ربما لأن فيهما ورداً وزهراً يليق

    بامرأة تعشق الزنبق .



    أذكر أنني سألتك في بداية تعارفنا إن كنتِ تحبين الشعر ،

    قلتِ : طبعاً أحب الشعر ، لكن ليس بأي شعر .



    سألتكِ : أي أنواع الشعر لا تحبينها ؟


    أجبتني ببساطة : صل صلاصل صلاصيل !


    سألتكِ بدهشة : ماذا ؟!


    -الشعر العامي .


    -تعنين الشعر النبطي .


    -نبطي ، شعبي ، عامي كل الطرق تؤدي إلى روما .


    -شعر شعبي وروما ! ، قصدك كل الطرق تؤدي إلى السعودية !


    ضحكتِ : بالضبط !


    -بدوية و لا تحبين الشعر النبطي !


    -على أساس أول مرة قابلتني فيها كنت لابسة رشرش ؟!


    -أنتِ طويلة لسان على فكرة !


    -حرام عليك .


    -وتفتين كثيراً على فكرة ، تحرمين وتحللين .


    قلتِ باستنكار : حرام عليك .


    انفجرت ضحكاً وضحكتِ ! ، أنتِ هكذا دوماً ، تضحكينني من دون أن

    تقصدي ذلك أو تتعمديه ، ربما يكون هذا أكثر ما أحبه فيك ، أحب أن

    تضحكينني من دون حتى أن تحاولي إضحاكي ، أن لا تكابدي حتى

    عناء المحاولة .



    أفتقد إضحاككِ إياي كثيراً ، أفتقد الأغاني التي تقومين بإرسالها إلي

    يومياً ، الأغاني التي أسخر منها كثيراً ، والتي اكتشفت في غيابكِ أنها

    أجمل بكثير مما ظننت .



    أذكر أول مرة أسمعتكِ فيها شيئاً من عزفي على العود، عزفت لكِ

    مقطوعة (( ليلة القبض على فاطمة )) لعمر خيرت ، كان أول يوم

    تزورينني فيه في بيت روبرت وباتي ، تلك الزيارة التي جاءت على

    مضض وبحذر شرقي شديد .



    سخرت منكِ عندما سألتني عن المقطوعة ، سألتني بغيرة نسائية

    متوجسة : (( من هي فاطمة )) ؟!



    أجبتكِ مازحاً : خادمتنا التي هربت !


    سألتني ببراءة : ولماذا تألف مقطوعة عنها ؟


    سخرت منكِ كثيراً بعدما ضحكت كثيراً ، احمر وهكِ خجلاً وارتبكتِ من

    ضحكي ، براءتكِ النقية ، ونقاؤكِ البريء ، أضحكاني كثيراً يا جمانة ! ،

    لكنكِ رددتِ لي الصاع صاعين ، بعدما أنهيت عزف مقطوعة خيرت ،

    عزفت لك : نسم علينا الهوى لفيروز ، سألتكِ بعدما أنهيتها : ما رأيك ؟



    أجبتني ساخرة : ما شاء الله ، عبادي !


    وظللتِ تنادينني بعبادي في كل مرة أمسك عودي فيها ، لذا سجلت

    لك بعض أغاني عبادي بصوتي وبعزفي ، نقلتها إلى أسطوانة

    موسيقية وأهديتكِ إياها في عيد ميلادك ، أسمعتكِ بداية الأسطوانة

    في السيارة ، كانت أغنية (( المزهرية )) .



    لا أنتِ وردة و لا قلبي مزهرية من خزف .

    صدفة وحدة جمعتنا ، شوفي شلون الصدف !
    التقينا في مدينة ، وفرقتنا ألف ميناء .
    اغفري للرياح والموج والسفينة .
    كانت الرجلة حزينة ... للآسف !


    أذكر أنكِ مددتِ يدك وأغلقتِ الجهاز عند هذا الجزء من الأغنية ،

    سألتكِ : ما أعجبتك ؟!



    قلتِ بضيق : حلوة ، بس وش هالفال ؟!


    -تشاءمتِ ؟!


    -جداً ، أنت تعرفني جيداً ! ، أتشاءم كثيراً من هذه الأشياء الصغيرة .


    يومذاك سخرت من سخافاتكِ ، من تشاؤمكِ ، من انشغالكِ واهتمامكِ

    ومتابعتكِ لإرشادات القدر ، لكنني أظن اليوم بأنكِ كنتِ محقة في

    توجسكِ ، وبأننا قد نجلب أحداثاً سيئة من خلال الطاقة السلبية التي

    كانت تشع من خلال أفكارنا تجاه بعضنا بعضاَ ، كلانا جلب لهذه العلاقة

    شيئاً من التعاسة ، أنتِ بشككِ بي وأنا بخوفي من أن يحرمني الله

    منكِ ، لو أنكِ وثقتِ بي ولو أنني آمنت بأن الله سيمنحني إياكِ لربما

    لما حدث كل هذا ، لم يكن ينقصنا سوى الثقة ، الثقة الإيمان يا جمانة

    ، لكنكِ لم تثقي ولم يؤمن ، لذا لم يبق لي اليوم منكِ سوى أغان كنت

    أكرهها ، وسراب أمل كاذب يطمئنني بأنكِ قد تعودين يوماً .


    ***

  8. #58
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين


    أشعر أحياناً وكأن الله يعاقبنا بالحب .



    يظن الناس أن الحب هبة عظيمة ومكافأة إلهية يغبطون بعضهم عليها

    ، ويدعون الله أن يمنحهم إياها ويشكرونه إن منحهم ذلك ، لكنني

    أعتقد بأن الله يبتلينا بالحب و لا يكافئنا به ، ما الحب إلا ابتلاء وأنا

    مبتلى بحبكِ ، لذا أدعو الله كثيراً أن يرفع عني حبك ، أدعوه

    و لا يستجيب لعاص مثلي ، فأخاف أكثر وأغرق بكِ أكثر وازداد عشقاً

    ومرضاً وهلعاً من غضب الله الذي يصبه بكِ علي !



    كاد القلق أن يفتكِ بي ، حبستني الكآبة في منزلي ، لم أستطع

    الهرب منكِ هذه المرة إلى ياسمين ، سيطرت علي بغيابكِ أكثر بكثير

    مما فعلتِ في حضوركِ يا جمان ، لا أعرف أن كنت لم أدرك مقدار

    ولعي بكِ إلا بلوعة غيابك ، أو أنني رجل يغريه الغياب أكثر من الحضور

    ، في كل الحالات ، لم أستطع انتشالكِ من جمجمتي ، كنتِ تقرعين

    في رأسي ، ترقصين وتدورين بين الأنسجة ، أراكِ في عيني ، أشم

    رائحتكِ ، أستشعر حضوركِ كرجل ممسوس ، عبثتِ بحواسي مثلما

    عبثتِ بقلبي وعقلي يا جمانة ، فانزويت في البيت كمدمن يحاول

    الإقلاع عما أدمنه .



    اتصلت بشبكة الإنترنت محاولاً الانشغال بأي شيء سواكِ ، فتحت

    برنامج الماسنجر الشهير ، علكِ تشفقين علي وتحادثينني من خلاله ،

    كان قلبي يخفق بقوة أثناء الاتصال بالبرنامج ، كنت أدعو الله في

    سري أن تكوني متصلة ، وفي ثواني الاتصال فكرت فيما لو وجدتكِ

    متصلة على البرنامج ، هل سألقي عليكِ التحية أم أنتظركِ أن تبادري

    ، فيما سأقوله وما ستقولينه ؟ ، لم تتجاوز محاولة الاتصال بالبرنامج

    سوى بضع دقائق ، فكرت فيها يا جمان بكل شيء قد يخطر في بالكِ ،

    بكل ما قد خطر فيه وفي كل ما قد لا يخطر ، لكنكِ لم تكوني متصلة

    فتبخرت كل الأفكار وبقيتِ أنتِ غائبة .



    بقيت أنتظر مجيئكِ لساعات ، أرقب الشاشة كمصرفي محنك حتى

    رأيت تغير اسمك على الرغم من عدم ظهور اتصالك بالبرنامج ، عرفت

    حينئذ أنك قد قمتِ بحظري وحجبي عن رؤيتكِ متصلة ،ومع أننا دائماً

    نفعل ذلك في شجاراتنا إلا أن صمودكِ هذه المرة ، وعدم مكالمتكِ

    إياي جعلاني أشعر بالضعف أكثر فأكثر ، شعرت باليأس يتسلل إلي

    وازداد شكي في قدرتك على المغفرة .



    انتظرت أن ترفعي الحجب عني لكنكِ لم تفعلي ، لذا غيرت اسمي

    ليظهر أمامكِ (( عيد سعيد جمانة قبل الزحمة )) ! وأغلقت البرنامج ،

    أخذت هاتفي وأرسلت إليكِ بعد تردد : (( أعرف أنكِ حاظرتني ، بس

    كنت بقولك عيد سعيد قبل الزحمة )) ، اضطجعت على سريري وأنا

    أفكر فيما ستفكرين به عندما تقرأين رسالتي وفيما ستردين علي به

    لكنكِ هزمتني أيضاً هذه المرة ولم تجيبي على رسالتي ، كان

    تجاهلكِ لي خائفاً ولم أعد أستطيع احتماله ، أرسلت لك بعد ساعة

    من الانتظار (( كانت تهنئة لا أقل و لا أكثر )) ، غيرت ملابسي و غادرت

    المنزل ، وقد قررت أن أعاقبكِ بالعبث ككل مرة .


    ***

  9. #59
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    كنت مع أحمد صديقي الذي لا تحبينه ، تظنين أنتِ أن أحمد من

    يفسدني ، تثورين غضباً في كل مرة أخرج معه فيها ، ترمقينه

    بالازدراء وتصفعينه بتلميحات حادة عن سوء أخلاقه من دون أن تكترثي

    لما قد يفسره ، أنت هكذا ، لا تخجلين من غيرتكِ علي وكأنني

    زوجك فعلاً !



    رأيت اسمك يضيء على شاشة هاتفي فجأة ، كان هذا بعد حادثة

    الماسنجر تلك بيومين ، وكأنك شعرتِ بوجود أحمد معي ، كنا نسهر

    في أحد النوادي الليلة الصغيرة ، وكنت في حالة غضب حولت

    التنفيس عنها بجو صاخب وكأس بيرة .



    أعرف بأنكِ لن تصدقينني لكنني لم أكن أبحث عن أحد هناك يا جمانة ،

    كنت بحاجة إلى مكان أنتقم بوجودي فيه منكِ ليس أكثر .



    أعرف بأنكِ لا تفهمين كيف يكون ذلك ولما يكون ، لكنه شأن رجولي

    معقد كالكثير من شؤونهم التي تكرهينها و لا تفهمينها !



    أجبتكِ ما إن رأيت اسمكِ ومن دون أن أفكر فيما قد يفعله أثر الخمر

    في صوتي عليكِ ، أو فيما قد يفعله الصخب الذي كان حولي ، أجبتك

    بلهفة : هلا !



    كان صوتكِ يرتجف : كيف حالك يا عبد العزيز ؟


    شعرت بأنكِ تطعنيني بسؤالكِ ذاك ، كان سؤالكِ مهيناً يا جمانة ،

    ولم أقدر على تحمله ، أجبتك : كيف حالي ؟! ، كيف حالك أنتِ ؟ ،

    ما الذي ذكركِ بي ؟!



    أذكر أنكِ قد قلتِ شيئاً عن النسيان ، وأنكِ لم تنسني لتذكريني ،

    حينها انفجر كل ما في أعماقي عليكِ ، لم أشعر بنفسي إلا وأنا

    أشهق دمعاً ، كنت أصرخ فيكِ بلا شعور : لماذا اتصلتِ ؟! ، أحاول أن

    أنساكِ لماذا تتصلين الآن ؟!



    اعتذرتِ على اتصالكِ وأردتِ أن تنهي المكالمة ، أرعبتكِ ردة فعلي

    فيما يبدو ، لكنني صحت بكِ محذراً : هيه ! تعالي ، لا تغلقي الهاتف ،

    تعالي وكلميني ، كلميني !



    كنت أشعر بأنفاسك تتصاعد خوفاً على الطرف الآخر ، بينما كان جميع

    من في النادي يرمقونني بنظرات متوجسة ، فعلى الرغم من صخب

    المكان وخفوت أضوائه إلا أن رؤية شاب عربي الملامح يصرخ ويبكي

    على الهاتف لم تكن مطمئنة في 2008 م .



    ثرثرت كثيراً عليك بفعل الشوق وفعل الغضب وفعل السكر ، لا أذكر

    كل ما قلته لكِ لكنني أذكر أنني قلت لك إنني سأطلق ياسمين

    أو إنني طلقتها ! ، طلبت منكِ أن نتزوج ، وأخبرتكِ أنني مستعد لفعل

    أي شيء يرضيك .



    قلتِ لي بعتب إنك لن تفكري بشيء الآن ، وأنك تفضلين أن تتركينني

    لأكمل سهرتي !



    كنت أعرف بأنكِ تثبتين لي غيرتك وعتبك بأسلوبك وطريقتك اللتين

    لم تتغيرا على الرغم من الغياب ، قلت لك إنني سأعود إلى البيت الآن

    ، وإنني سأحادثك من فراشي ، وطلبت منك أن لا تنامي قبل أن

    تحادثيني ، رجوتك أن تفعلي وأغلت الهاتف راكضاً نحو سيارتي على

    الرغم من سخرية أحمد مني !



    لا أعرف كيف وصلت إلى البيت ومتى وصلت ، كان وصولي كالحلم ،

    أذكر أنني دخلت غرفتي ، خلعت حذائي وتمددت على سريري

    بملابسي لأهاتفك ، لأستيقظ في عصر اليوم التالي وبيدي الهاتف

    من دون أن أكلمكِ وبملابسي كلها !



    لا أعرف كيف نمت في مثل تلك السرعة، أظن أن مكالمتك لي تلك

    الليلة جاءت كمخدر انتزع مني كل آلامي ، فنمت كما لم أنم منذ مدة .



    شعرت بأنني قد أفسدت كل شيء بعدم اتصالي ، كنت أعرف أنك لن

    تصدقي نومي ، وأن أفكارك ستحلق بك في عوالم قذرة ، لذا أرسلت

    لك رسالة متغابية ، كتبت : (( جمانة ، حلمت بأنكِ اتصلتِ ليلة أمس ،

    لطالما كنتِ جميلة في أحلامي )) .



    أرسلت الرسالة وأنا أعرف أنكِ لن تجيبي عليها ، تمنيت أن تخذلي

    يقيني تلك المرة وأن تردي علي ، لكنكِ لم تفعلي وازداد الأمر تعقيداً !


    ***

  10. #60
    من المشرفين القدامى
    جيل الطيبين
    Look into my eyes , you will see
    What you mean to me
    Search your heart , search your soul
    And when you find me there
    You II search no more
    Don ,t tell me it is not worth trying for


    كنت أجوب الشوارع بسيارتي وأنا أستمع لأغنية براين أدمز

    وابتسامتكِ تصهر ذاكرتي وجلدها ...



    مضى أكثر من شهرين على انفصالنا و لا أزال أشعر بأنني عالق

    ما بين شيئين لا قُدرة لي على تفسيرهما ، أنا لا أفهم ما الذي أشعر

    به وما الذي أريده أن يحدث !



    أريدك أن تعودي بأي صفة كانت ، لا أريد أن أفكر في مسمياتٍ لعلاقتنا

    ، و لا اريد أن أفكر في مستقبلنا ، أريدك أن تعودي فحسب ، أن

    تنتشيليني من حالة الضياع هذه من دون أن نفكر في أي شيء سوى

    حاضرنا وفي أي أحد عندانا .



    لم أعد أقدر على تحمل غيابك ، حياتي تنهار بعيداً عنكِ ، و لا قدرة لي

    على ترميمها من دون وجودكِ فيها ياجمانة !



    انحرفت إلى طريق بيتك ، قدت سيارتي إليكِ من دون أن أفكر فيما

    سأفعله أو سأقوله ، كنت أشعر بيد براين أدمز وهي تربت على

    كتفي وهو يغني :



    Don ,t tell me it is not worth trying for
    كنت أتمتم طوال الطريق : It is worth a try , it is worth a try
    والحق أنني كنت مستعداً لأن أحاول كثيراً يا جمانة ، لم تكوني

    تستحقين محاولة فحسب ، كنتِ تستحقين أن أحاول استرجاعكِ

    طوال الحياة ، ركنتُ سيارتي أمام بيتك وأنا أغني مع براين



    Don ,t tell me it is not worth fighting for
    I can,t halp it ,there is nothing I want moor
    You know it is true
    Everything I do , I do it for you


    لم أكن أعرف ما الذي سأفعله ، لكنني كنت أردك أن الأمر يستحق

    أن أقاتل من أجله ، ترجلت من سيارتي وصعدت إلى شقتك ، قرعت

    الجرس وسمعت هيفاء وهي تطالعني عبر العين السحرية التي

    تتوسط الباب ، لكنها لم تفتحه ، فطرقت الباب بيدي وأنا أحاول الاتصال

    بهاتفكِ بلا إجابة .



    كنت أعرف أن ظهوري فجأة أمام الباب سيثير ذعركِ وهيفاء ، لذا لم

    أرحل ، عرفت بأنكما تحتاجان لبعض الوقت لاستيعاب حضوري ،

    فبقيت أمام الباب بانتظار أن تهدآ ، أجبتِ على هاتفكِ بعد دقائق : قلت

    لكِ من دون أن أسلم عليكِ : أنا على الباب ، افتحي !



    أجبتني بصوت خائف وناعس : ماذا تريد ؟!


    قلت : افتحي جمانة .


    مرت دقيقتان أو ثلاث حتى فتحتِ لي الباب ، كنتِ ترتدين منامة وردية

    برسوم طفولية ، وترفعين شعركِ بـ (( تسريحة النوم )) كما تسمينها

    ، وهيفاء تقف خلفكِ لتطالعني بوجه غاضب وخائف .



    سألتني بدهشة : عزيز ! أيش فيك ؟ أيش ابك ؟


    -جمانة ، أحتاج أحكي معاك ، أنزلي معاي شوي .


    -ننزل لوين ؟!


    -إلى أي مكان نحكي فيه لوحدنا .


    قلتِ بكبر : ما في شيء نحكي فيه .


    -لوسمحتِ جمانة ، جيتك برجليني ، ما تستاهل جيتي تسمعين لي

    شوي ؟



    قلتِ بترد : زين ، انتظرني على الرصيف اللي قبال العمارة ؟


    نزلت خلاف ما صعدت ، لم يكن يفصل نزولي من شقتكِ عن صعودي

    إيها سوى دقائق ، لكن رؤيتك غسلت قلبي بسرعة لا تصدق !



    وقفت بجوار مقعد على الرصيف المقابل لشقتك ، وأشعلت سيجارة

    وأنا أدندن بصوت خافت



    Don ,t tell me it is not worth trying for
    You can it tell me it is not worth dying for


    كنت أحاول تهدئة أفكاري وطمأنتها ، رأيتكِ تقتربين بشعر مبلل وقد

    ارتديت كنزة صوفية ضخمة كنت قد أهديتكِ إياها في شتاء سابق ،

    جلست على طرف المقعد فأطفأت سيجارتي ، سألتني بعد لحظات

    من الصمت : بتظل ساكت ؟



    جلست بجواركِ من دون أن أتكلم ، كان كتفي يلامس كتفك ، شعرت

    بأنني أريد أن أحتفظ بتلك اللحظة إلى الأبد ، قلتِ وقد ضقتِ بصمتي :

    جيت عشان تسمعني سكوتك ؟



    كنت أشعر بالرغبة في أن أتراشق معكِ العتاب ،لكنني اخترت أن

    أتخلى عن عنادي وكبريائي هذه المرة ، أجبتك : لا ! ، جيت لأني

    اشتقت لريحتك !



    قلتِ بعتب غاضب : مو أنتا اللي تقول دائماً أن روائح النساء تتشابه ؟


    -لكنك مو امرأة ، أنتِ ملاك .. اشتقت لريحة السماء اللي تملأك .


    سكتنا معاً ، كنا نتأمل المارة ونتشارك الصمت ، قلتِ لك بعد صمت

    طويل : تطلقنا !



    التفت : أيش ؟


    -طلقتها ، طلقت ياسمين .


    كنتِ تبحلقين بي بأعين متشككة ، استرسلت : ما راح أقولك أن اللي

    بينا انتهى لأنه ما كان بيننا شيء من الأساس .



    -جيت عشان تقولي أنك طلقتها !


    -جيت لأن دروبنا راح تلتقي دائماً مهما افترقنا .


    قلت وأنتِ تنظرين بعيداً : ولو قلت لك إن في حياتي شخصاً جديداً ؟


    شعرت بعضلة قلبي تنكمش ، كنت أعرف أن ضميرك يدفعكِ لأن

    تبوحي بشيء لم أكن أريد سماعه في تلك اللحظة .



    عرفت يا جمانة وقتذاك أنك تلمحين لزياد ، لكنني لم أرغب سماع ذلك

    أردت إنكاره وأن تنسيه أيضاً ، حاولت تغيير الموضوع ، سألتك إن كنت

    تذكرين بأنك قد قلت لي يوماً بأن (( قلب الله يسعنا حينما نحب )) ،

    فأجبتني بأن جبران من قال ذلك ،أخبرتك أن قلب الله وسعني حينما

    أحببتني فنهرتني عن قول ذلك قائلة لي بأنه كفر وإن كان ناقل الكفر

    ليس بكافر .



    قلت : ممكن أسألك سؤالين ؟


    -تفضل .


    -تعتقدين أنك تقدرين تسامحيني ؟


    -وأيش سؤالك الثاني ؟


    أشرت بيدي إلى نافذة شقتك ، كانت هيفاء تراقبنا من الشباك ،

    سألتك : هيفاء ليه معلقة بالشباك ؟



    نظرتِ إلى الشباك بدهشة ، وانفجرت ضحكاً ، شعرت بأن الناس

    يرقصون من حولي ، وأن أصوات العصافير بدأت تعلو بالتغريد ، شعرت

    بالألوان تسترجع زهوها وبأن الأكسجين أخيراً بدأ يسري

    في جسدي .



    أخذت تمسحين دموعك المنهمرة من شدة الضحك ، وأنتِ تنظرين

    باتجاه هيفاء محاولة التوقف عن الضحك عليها ، شعرت بالرغبة في

    أن أحتضنكِ بقوة ، أن أخفيكِ في داخلي ، مددت يدي ومسحت على

    شعركِ المبلل : شعرك رطب ،منتي بردانة ؟



    -إلا .


    وقفت من مكاني وخلعت معطفي مددته لكِ : ألبسيه .


    نظرتِ إلى الشباك مجدداً وهززتِ رأسك رافة : لا شكراً .


    فهمت أنكِ تخشين أن تراكِ هيفاء وقد أخذتِ معطفي مني ، لم أشأ

    إحراجك ، سألتكِ وأنا أرتدي المعطف : جمانة ، شرايك نصير أصدقاء ؟



    -ممكن تحول الصداقة إلى حب ، لكن الحب مستحيل أن يتحول

    إلى صداقة .



    -بنكون أصدقاء لفترة ، لحد ما أسترجع حبك لي وثقتك فيني .


    أخذتِ تتأمليني بحيرة ، كنت أرى الخوف في عينيك ، الخوف من خيبة

    جديدة وخذلان لا ينتهي ،قلتِ : يمكن !



    ابتسمت لك ، فابتسمتِ ، قمتِ من مكانكِ من دون أن تودعيني ،

    رأيتكِ تدخلين باب العمارة وأنا أفكر في أي يوم عظيم هذا ! ، رفعت

    رأسي لأجد هيفاء لا تزال تراقبني في مكانها ، تمنيت في تلك

    اللحظة أن تموت هيفاء ، وأن تموت ياسمين وأن يموت زياد !




    ***


    عدتِ باستحياء ، عملتني في الأيام الأولى من عودتك بكبر أحياناً

    وبعتب أحياناً أخرى لكنكِ عدتِ !



    حقنتيني بإكسير الحياة بعودتك ، ضخختِ الأوكسجين في حسدي ،

    فانتعش قلبي وعادت إلي الحياة بعد نزاع واحتضار .



    أنتِ مثلي يا جمانة ، جبانة مثلي وتخشين الحقيقة مثلي ، لم تسألي

    بعد عودتكِ عن شيء يخص ياسمين ، لم تسأليني كيف تزوجت ومتى

    عرفتها ، إن كنت أحببتها حتى إن كنت قد نمت معها ؟! لم تسأليني

    سؤالاً واحداً يتعلق بشيء مما حدث ! كأنكِ قد قمتِ بحذف الشهرين

    الأخيرين من حياتكِ وحياتي ، وكأنكِ انتزعتِ ذلك الفصل من كتاب

    الحياة ، انتزعته تماماً ، مزقته ، أحرقته ونثرتِ رماده بعيداً عنا .



    لم ترغبي بحقيقة تؤلمك ، أردتني وأردتِ ما بيننا ، وآثرتِ أن لا نتشارك

    حقيقة ما جرى ، أردتِ النسيان أكثر بكثير مما أردته ، فصمتُّ وصمتَّ

    وكأن شيئاً لم يحدث .



    لم يتغير فيكِ شيء إلا أن ظنونك تضاعفت ، ولم يكن يزعجني هذا

    لأنني أردت فعلاً أن أتغير من أجلي ومن أجلك ، صدقيني يا جمانة

    أردت أن أتغير فعلاً ، لم أرغب بخسارتك مجدداً ، أبداً يا جمانة ، أبداً !



    ما تغير فعلاً هو علاقتي بزياد ، فعلى الرغم من أنني لا أعرف فعلاً

    ما حدث بينكما أو حتى إن كان قد حدث شيء لم يحدث ، إلا أنني لم

    أعد قادراً على أن أتجاهل مشاعر زياد تجاهك أكثر مما تجاهلتها ، لم

    أرغب بمواجهتها مثلما لم أرغب بتجاهلها ، لذا فضلت أن أبقي زياد

    بعيداً عنا قدر المستطاع .



    لم يكن من السهل علي أن أخسر زياد يا جمانة ، زياد الذي لم يسيء

    إلي يوماً ولم يتخل عني قط على الرغم من كل ما أقحمته فيه طوال

    السنوات الماضية ، لم يخذلني زياد إلا بسببكِ أنتِ يا جمان ،

    و لا قدرة لي على لومه أو لومك أو لوم نفسي .



    عرجت على بيت محمد بعد عودتك بأيام ، فوجئت بوجود زياد هناك ،

    سلم علي بتوتر واستأذن مغادراً معتذرا بارتباطه بموعد لدى طبيب

    الأسنان ، سألني محمد بعدما غادر زياد : ما أمرك أنت وزياد ؟



    -أي أمر ؟


    -من الواضح أنكما على شجار !


    -أبداً ، لم يحدث شيء بيننا .


    وضع محمد يده على صدره وقال مستنكراً : علي ذا الكلام ؟!


    -والله ما صار شيء !


    -أجل !وش السالفة ؟


    -مافي سالفة ، كل شيء كويس .


    أسند محمد ظهره على الأريكة قائلاً بغير اقتناع وهو يمسح شعره :

    طيب الحمد الله ، وأنت شلونك ؟



    -الحمد الله .


    -وجمانة كيفها ؟


    قلت بحزم : الحمد الله ، مشغولة بامتحاناتها ، تعرف لما يكون الواحد

    باقي له سنة على التخرج يتحمس له .



    -أيه ، الله يعينها ويوفقها .


    -آمين .


    قرب محمد علبة البسكويت مني ، وسألني وهو يسكب الشاي ودون

    أن ينظر إلي : وأنت وش ناوي ؟



    -بخصوص ؟


    -بخصوصكم ، أنت وجمانة ؟


    -كل خير أن شاء الله .


    رفع محمد رأسه وأخذ يحلق بي مستغرباً من طريقتي في الكلام عنكِ

    ، أنا الذي لم أكن أتوانى عن الحديث عن تفاصيل علاقتنا وبدون حتى

    أن يسألني أحد ، فهم محمد أنيي لا أرغب بالحديث عن الأمر معه وأن

    شيئاً ما قد تبدل ، فغير من مجرى الحديث على الرغم من استغرابه

    الذي كان جلياً على ملامحه ، قال : الله يكتب لنا ولكم اللي فيه الخير

    ، أخوي بيجيني زيارة بعد أسبوعين توصي شيء من الرياض ؟



    قلت بسخرية : وأيش الشيء السحري اللي مو موجد إلا بالرياض

    عشان نوصي عليه ؟



    قال محمد مستنكراً : حرام عليك ياخي ، والله مني عيني اخلص

    وأرجع لها .



    -الله يهني سعيد بسعيدة .


    -المهم ، إذا بغيت شيء ، قهوة ، تمر ، جبن كرفت أي شيء علمني

    من بدري .



    -ما تقصر يابوحميد !


    ارتفع صوت هاتف محمد فستأذنني بالرد على والدته ، كنت أتأمل

    ملامح محمد وهو يسألها عن إخوته وأجداده وأهله بالرياض ! وأنا أفكر

    في تلك البعيدة التي يحبونها على الرغم من قسوتها ، أفكر في

    الرياض التي ستأخذكِ مني ، أفكر كيف ستتركينني بعد نحو الثمانية

    أشهر ، كيف سأعيش بعيداً عنكِ وكيف ستعيشين بعيداً عني ؟!


    ***

صفحة 6 من 11 الأولىالأولى ... 45 678 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال