روتانا
"أنا حرة" رد تلقائي لمعظم الفتيات الآن على كل من يحاول إيقافهن عند حد معين، أو فرض شيء حياتي على إحداهن، ففي الماضي لم تقُل الفتاة أكثر من "حاضر" و"نعم" عن معظم ما يخبرها به الأهل أو أركان المجتمع الأخرى، لكن الأمر اختلف جوهرياً وشكلياً؛ فأصبحت الفتاة كياناً مستقلاً بذاته تختار من ستتزوج وتقضي معه حياتها، والحياة العلمية والعملية المناسبة لقدراتها والتي تمكّنها من الوصول إلى الأهداف التي ترسمها لنيل مستقبل واعد.
وحذرت دراسة من أن أغلب الفتيات المصريات يناقشن رغبتهن في الحياة بعيداً عن عائلاتهن مع بعضهن البعض، لكن 35% فقط منهن يتحدثن في الأمر مع أمهاتهن أو آبائهن، ووصفت ذلك بـ "الاستقلال الزائف" بالحياة، حيث تعيش الفتاة بمفردها لكنها مازالت في حاجة إلى مساعدات مالية من عائلتها، وفي بعض الحالات تقوم الفتيات بإظهار القدرة على تحمل الأعباء، لتخدع نفسها بأنها بذلك الأمر قد حصلت على حريتها.
وتقول نعيمة جمال، طالبة بجامعة عين شمس، إنها ترفض أن يتدخل أحد في حرية اختياراتها وأن يفرض عليها أمراً معيناً إذا كانت هي المختصة بالقرار والبتّ فيه، فمسألة اختيار الدراسة المناسبة والزوج المناسب ترجع إليها وحدها؛ لأنها هي من ستعاصر تلك المتغيرات وتتحمل نتائجها.
فيما يوضح جمال فرويز، استشاري الطب النفسي،
أن هناك من يخلط في الاعتقاد أن الحرية هي فعل ما يشاء وقت ما شاء، سواء كان هذا الفعل صواباً أم خطأ، لكن الحرية هي أن يفعل الإنسان ما يشاء ما لم يتجاوز ما اتخذه المجتمع من أنظمة تكفل أمنه واستقراره، وهو ما يختلف اختلافاً كبيراً بين مجتمع وآخر.
وأضاف فرويز أن الحرية يجب أن تكون "مسؤولة" أي أن يتحمّل الفرد عواقب أفعاله إذا كانت إيجابية أو سلبية، فالإنسان مخيّر وليس مسيراً، على ألا يضر الآخرين بأفعاله أو اختياراته، ولكنه يجب التوقف في حالة إذا كانت هذه الحرية تؤذي الفرد ومن حوله، ففي هذه الحالة يجب تنبيهه وليس الحَجر على حريته والتدخل فيها.
ومؤخراً انتشر هاشتاج يحمل عنوان "مش حرية إنك" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أوضح الرجال خلاله العديد من النقاط، وخاصة ما يرون أنه ليس من علامات الحرية، لكنه تطفل واضح على القيم والعادات والتقاليد، مثل خلع الفتاة للحجاب، أو عودتها للمنزل متأخرةً، وكذلك قيامها بالتدخين في الأماكن العمومية، والسكن مع شخص غريب لا تعرفه داخل منزل واحد، فكل هذه الأمور قد تكون مباحة في المجتمعات الأوربية، لكنها محرمة في الدول العربية.
كما لفت فرويز إلى أن للحرية سلبيات كما لها إيجابيات ويجب أن نأخذها في عين الاعتبار؛ حتى نصل بحرية أفكارنا إلى بر الأمان حتى إذا كانت ملكاً لنا.. وعن أبرز سلبيات الحرية يوضح أنها تشتمل على:
1ـ معارضة الأهل بصفة مستمرة.
2ـ التخلي عن العادات والتقاليد.
3ـ استخدام القوة للحصول على شيء معين.
4ـ عدم تقدير عواقب التصرفات.
لذا أكد أنه يجب علينا دعم أنفُسنا بإيجابياتها والتي كان من أبرزها:
1ـ زيادة وتنمية الثقة بالنفس.
2ـ الوصول إلى أهداف صعبة التحقيق.
3ـ التعود على آلية اتخاذ القرار.
4ـ الاستقلالية وعدم التبعية.