Tuesday 5 June 2012
العراقية: إما التريث أو التطبيق الجزئي ... الأحرار: يخدم التجار... خبراء: المواطن يتضرر
الاقتصادية النيابية تختلف بشأن موعد نفاذ قانون التعرفة الكمركية ومختصون يقطعون بوجوب التنفيذ
بضائع غذائية مستوردة في السوق العراقية (ارشيف)
بغداد ــ جريدة العالم
ثلاثة أسابيع تقريبا تفصل الحكومة عن موعد تطبيق قانون التعرفة الكمركية الذي يعد من القوانين المثيرة للجدل بحسب مراقبين لوجود عدد من الهفوات في صياغته، وعدم توفر البدائل في السوق العراقية عند تطبيقه، فيما أشارت مصادر برلمانية الى أن اللجنة الاقتصادية المعنية بالقانون تشهد خلافات بين أعضائها بشأن توقيت تطبيق القانون.
وكانت الحكومة طلبت من البرلمان التريث في تطبيق قانون التعرفة الكمركية لحين استكمال الإجراءات والأدوات اللازمة لتطبيقه وإرجاءه إلى حين تحديد التوقيت المناسب وفق المتطلبات الاقتصادية. كما أكد وزير المالية بأن وزارته تنفذ التعليمات التي تردها من مجلس الوزراء، وانها وبحسب مقررات مجلس الوزراء ستوقف تنفيذ القانون.
يشار الى أن مجلس النواب قرر تعليق قانون التعرفة الكمركية المرقم (22) لعام 2010 المقرر تنفيذه في الـثلاثين من حزيران الجاري، وإرجاعه الى مجلس الوزراء من أجل تحديد الوقت المناسب لتطبيقه وفق المتطلبات الاقتصادية.
وكان مجلس الوزراء قد أعلن تفعيل قانون الضرائب الكمركية في شهر تموز القادم ليشمل فرض ضريبة بنسبة 20 % على البضائع المستوردة.
وقالت مصادر برلمانية مطلعة في حديث مع "العالم" أمس الثلاثاء، إن "هناك وجهات نظر وخلافا بين أعضاء اللجنة الاقتصادية بشأن الفائدة من توقيت تطبيق قانون التعرفة الكمركية، وان هوة الخلاف بدأت تتسع بين الأعضاء بشأن هذا الموضوع".
وأضافت المصادر ان "بعض النواب يسعون حاليا لإقناع الحكومة بتأجيل تطبيق القانون حتى انتهاء الأزمة السياسية القائمة حاليا لأن تطبيقه قد يؤدي الى سخط في الشارع العراقي بسبب وجود هفوات في صياغته وعدم وجود البديل في السوق العراقية وعدم الثقة بالمنتج الوطني".
وزادت ان "التريث بتطبيق القانون لا يتم إلا بوجود قرار حكومي فقط، والا فإن القانون سيطبق في موعده نهاية الشهر الجاري".
الى ذلك قالت عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية النائبة نورا البجاري في اتصال هاتفي مع "العالم" أمس، ان "اللجنة الاقتصادية والعديد من نواب البرلمان كانوا مع التريث بتطبيق هذا القانون رغم ان هذا التريث يحمل مساوئ في ما يتعلق بحماية المنتج الوطني إلا أن المضار ستكون أوسع في حال تطبيقه، وخاصة في هذه المرحلة لعدم وجود بديل في السوق العراقية لأن الاقتصاد العراقي الآن هو اقتصاد يعتمد على الاستهلاك من الاستيراد فقط، ولا يوجد منتج محلي يسد به حاجة السوق في حال تطبيق هذا القانون مما يؤدي الى زيادة أسعار البضائع التي سيتحملها المواطن بشكل مباشر، أو غير مباشر".
واضافت البجاري وهي عضو عن ائتلاف العراقية ان "بعض النواب تبنوا رأي ان يطبق هذا القانون بشكل جزئي أي أن يطبق فقط على البضائع التي يوجد بديل محلي لها في السوق العراقية لأن من المعروف ان هناك أكثر من 8000 فقرة تشمل أنواع السلع في القانون والذي سيبدأ بفرض الرسوم من نسبة 20 % على بعض البضائع مثل حليب الأطفال وغيرها من المواد المشابهة ويبدأ بالتصاعد وصولا الى 80 % على مواد كالمجوهرات وغيرها من المواد الكمالية".
وتابعت البجاري "لكننا نعرف أن القانون سيستغل بشكل سيئ من قبل تجارنا فحتى المواد التي لا تشملها الرسوم سيقومون برفع أسعارها بحجة ان عليها رسوما، وكوننا اللجنة المعنية بحماية المنتج المحلي فالحل يكمن بتطبيق جميع القوانين المطبقة، او هي قيد التطبيق ومشاريع القوانين الخاصة بحماية المنتج المحلي ثم نقوم بالشروع بتطبيق قانون التعرفة الكمركية، ومنها قرار طلب شهادة المنشأ للمواد الداخلة الى العراق كما طالبنا بأن يكون هناك اتفاق مع مؤسسات عالمية وشركات معروفة بأن تفتح فروعا لها بالعراق أي خطوطا إنتاجية بالتعاون مع القطاع العام او المختلط او حتى الخاص اي يكون منتجا بماركة عالمية ينتج عراقيا بمعنى أوضح بامتياز من تلك الشركات كما فعلت شركة بيبسي وغيرها من الشركات وحينها سيتسنى لنا تطبيق القانون دون خوف على السوق العراقية".
وتابعت البجاري "فنحن اليوم ضد تطبيق هذا القانون في الوقت الحالي دون وجود البدائل الوطنية في العراق". بدوره قال عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية النائب عبد الحسين ريسان في بيان لمكتبه الإعلامي تلقت "العالم" نسخة منه أمس انه ليس من المنصف تأجيل تطبيق قانون التعرفة الكمركية عن موعدها المحدد في الأول من تموز المقبل، مبينا أن التجار هم المستفيدون من عدم تطبيقه. وأضاف ريسان وهو عضو عن تيار الأحرار "كانت هنالك آراء من قبل بعض النواب تطالب بتأجيل تطبيق قانون التعرفة الكمركية مرة أخرى، وان اللجنة رفضت بدورها مثل هذه الآراء باعتبارها أمام موعد نهائي لتنفيذ القانون التزم به كل من الحكومة والبرلمان، وانه ليس من المنصف أن يتم تأجيل هذا القانون باعتبار اننا في العراق نحاول أن نؤسس لبنية صناعية جديدة".
وتابع أن "العراق وباعتراف مؤسساته الرسمية الحكومية يشهد سياسة الإغراق للبضائع الرديئة من قبل الكثير من الدول التي تورد بضائعها اليه والتي يقوم التاجر بدوره باستيرادها وإدخالها الى البلاد".
وأكد أن "كل بلدان العالم اذا ما أرادت أن تطور اقتصادها فتقوم بدعم الصناعة الوطنية والمحلية، والقضاء على البطالة، وتهيئة المناخ الملائم للصناعات الوطنية، مبيناً أن مثل هذه الأمور قد لا تكون في ظل سياسة الإغراق الموجهة ضد الدولة".
ولفت ريسان "اننا بتطبيقنا قانون التعرفة الكمركية نحاول أن نؤسس لبنية صناعية جديدة، إذا ما عطفنا على خطط وبرامج الحكومة الأخيرة وخصوصا في وزارة الصناعة، وبعض الإحصائيات التي زودتنا بها وزارة التخطيط عن نسب العاطلين وتدني مستوى الخدمات وعدم وجود صناعة وطنية، منوهاً بأن جميع المواد التي نراها اليوم في السوق هي من مناشئ رديئة جدا والتي لا تصب في مصلحة المواطن باعتبار انه يستهلك هذه البضائع".
الآراء الاقتصادية لم تبتعد كثيرا عن الآثار السلبية لتطبيق القانون الجديد فيما ذهب قانونيون الى أن التأجيل لا يتم الا بقرار حكومي فقط.
وقال الخبير الاقتصادي ثامر التميمي في حديث مع "العالم" أمس، إن "التعرفة الكمركية وحدها لا تكفي للنهوض بالمنتج الوطني، ما لم تكن هناك إجراءات أخرى لتشجيع المنتج المحلي، مشيرا الى أنها لا تضيف لمداخيل المواطنين، وأن نسبتها ستختلف حسب أهمية ونوع البضائع والسلع". من جانبهم أكد حقوقيون أنه إذا أريد تمديد التأجيل مرة ثانية لمدة سنة أو أكثر فإن ذلك يتطلب إصدار قانون جديد من مجلس النواب يتضمن تحديد تاريخ جديد لتطبيق التعرفة الكمركية واستيفاء الرسم الكمركي عن البضائع التي تدخل إلى العراق.
وقال الخبير القانوني علي حسين في اتصال مع "العالم" أمس، ان" القانون العراقي واضح جدا والنصوص الدستورية لا لبس فيها، فأي قانون يقره البرلمان يكون على الحكومة وبعد مصادقة رئاسة الجمهورية تطبيقه لذا أصبح لزاما على الحكومة تطبيق القانون".
وأضاف حسين أن "الحكومة إذا ما أرادت التريث بتطبيق القانون فيجب عليها أن تصدر قرارا بذلك وبغياب القرار في الوقت الحالي وجب التنفيذ وبالوقت المحدد فالتريث لا يكون باجتهاد فردي فالقانون لا يسمح بذلك وعليه فإن اليوم الأول من الشهر القادم هو اليوم المحدد لاستيفاء الرسوم من البضائع الداخلة الى العراق وفق قانون التعرفة الكمركية الجديد".