Tuesday 5 June 2012
«الإخوان المسلمين فـي ديالى» تهدد أكراد جلولاء بالقتل أو دفع أتاوات
مسؤولون محليون يطالبونهم بتسجيل بلاغات.. ويدعون الى تشكيل لجنة تحقيق لتبين الأوضاع
ديالى – جريدة العالم
لم يفاجأ أشرف عبد الله جمال عندما وجد ظرفا تحت باب منزله في مدينة جلولاء يحتوي على "رصاصة" ورسالة تهديد تطالبه بمغادرة المدينة خلال 40 يوما، وإلا سيفقد حياته أو حياة أبنائه.
ويعتبر جمال هذا التهديد متوقعا في ظل نزوح أعداد كبيرة من الأسر الكردية عن المدينة خوفا من الاستهداف المنظم للكرد في ناحيتي جلولاء والسعدية.
جمال وهو أستاذ جامعي يروي واقعة من وقائع عديدة يتعرض لها الكرد في جلولاء، في حين توجه أصابع الاتهام الى بقايا تنظيمات حزب البعث المحظور والجماعات المسلحة المتحالفة معه التي ترمي الى إرغام الكرد على مغادرة الناحية ضمن مخطط تطهير عرقي منظم يمارس ضدهم.
لكن مسؤولين محليين في محافظة ديالى يستبعدون تعرض الكرد لتهديدات واسعة في جلولاء.
ويقول جمال في حديث مع "العالم" إن "ظرف التهديد الذي وجدته تحت باب المنزل يحمل اسم حركة الاخوان المسلمين في ديالى – فرع جلولاء". ويؤكد أن "تهديدات هذا التنظيم المتطرف الذي ظهر للساحة في الناحية مؤخرا تقتصر على الأسر الكردية دون أي مكون آخر".
ويطالب الأستاذ الجامعي الأجهزة الأمنية بتكثيف دورياتها في الأحياء السكنية لجلولاء حماية لما تبقى من الأسر الكردية التي نزح معظمها الى مناطق آمنة، مبديا إحباطه من أداء تلك الأجهزة بقوله "لم تتخذ أي إجراءات جادة لحمايتنا، ونحن سكان جلولاء الأصليين منذ عشرات السنين".
وأصبحت جلولاء ناحية العام 1958، ويبلغ عدد سكانها نحو 70 ألفا.
وبحسب مسؤولين في محافظة ديالى فان الكرد يشكلون ما نسبته 35 في المئة من سكان جلولاء، بعد أن كانوا أغلبية حسب التعداد الرسمي الذي أجري العام 1977، فيما تشير تقارير رسمية إلى تناقص أعداد السكان الكرد في ناحية جلولاء الى 10 في المئة.
ويتحدث زين العابدين صفاء، وهو كردي شيعي من أهالي جلولاء، عن تهديد والده وأسرته بالتصفية ما لم يدفعوا مبالغ مالية للجماعات المسلحة، ويؤكد تعرض والده لـ3 محاولات اغتيال، فضلا عن تفجير محله.
وفي حديث مع "العالم" يقول صفاء "قررنا مغادرة جلولاء الى مدينة كلار في إقليم كردستان مجبرين، حفاظا على حياتنا من التهديدات المتواصلة والابتزازات التي نتعرض لها منذ سنين عدة".
ويكشف بشير عبد الله عضو مجلس ناحية جلولاء عن التحالف الكردستاني عن تعرضه لتهديدات جديدة بالقتل في حال عدم مغادرته الناحية عبر رسالة نصية أرسلت على هاتفه النقال. ويصف جلولاء بأنها "بؤرة إرهاب ساخنة أخذت تبتلع الكرد".
ويتحدث عبد الله لـ"العالم" عن أسلوب جديد لإجبار الكرد على الرحيل من جلولاء. ويبيّن أن "الجماعات المسلحة التي لم يعد الكرد يميزون بين مسمياتها طالبت الموظفين والأطباء وأصحاب المصالح التجارية بدفع الاتاوات لهم". ويعقب "عدد من المواطنين الكرد من أصحاب المحال التجارية والصيرفة والمهن الاخرى تعرضوا لتهديدات بالقتل لرفضهم دفع الاتاوات التي يعتبرونها دليلا على عجز الجهات الأمنية عن حماية الكرد في الناحية، كما أنها تثير أسئلة لديهم بشأن مستقبل المناطق المتنازع عليها، وجدية الحكومة في تنفيذ المادة 140 من الدستور التي ما زالت بعيدة عن برامج الحكومة". ويوجه عبد الله نداء استغاثة لجميع الكتل السياسية بحماية حقوق الانسان العراقي وممتلكاته، ووضع حد لعمليات التعريب والاستيلاء على الاراضي والاملاك العائدة للسكان الكرد في جلولاء.
وتقع جلولاء على بعد 70 كم شمال مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، وهي من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وتشهد توترا أمنيا متواصلا منذ أواخر العام 2008 حين انسحبت القوات الكردية (البيشمركة) منها، فضلا عن وقوعها ضمن منطقة حوض حمرين التي تعد معقلا رئيسا للجماعات المسلحة.
ويستبعد اياد الكروي عضو مجلس محافظة ديالى تعرض أهالي جلولاء لتهديدات بقتلهم اذا لم يدفعوا أتاوات للمسلحين. ويدعو "جميع الكرد او القوميات الاخرى من الذين تلقوا تهديدات بالقتل أو مطالبتهم بدفع الاتاوات للجماعات المسلحة الى تقديم بلاغات رسمية للاجهزة الامنية لتتخذ اجراءات تؤمن للمستهدفين حياتهم، وتمنع المسلحين من استهدافهم".
الكروي وهو عربي سني من أهالي جلولاء يقول لـ"العالم" إن "أعداد القوات الأمنية في جلولاء كافية لادارة الملف الامني وحماية جميع المواطنين في الناحية".
وتسببت الهجمات المسلحة ضمن المناطق المتنازع عليها في محافظة ديالى في الاعوام الثمانية الماضية بمقتل أكثر من 1500 مواطن كردي، ونزوح 1700 أسرة كردية من محافظة ديالى.
وتدعو سهاد الحيالي عضو مجلس محافظة ديالى عن القائمة العراقية الى "تشكيل لجنة تحقيق مشتركة تضم مختلف الاطراف وممثلين عن الأجهزة الأمنية لزيارة المناطق المتنازع عليها وبيان حقيقة الانباء التي تتحدث عن وجود استهدافات للكرد في تلك المناطق". وتطالب بـ"إعداد تقرير نهائي وحيادي يوضح الحقائق من أجل اتخاذ القرارات المناسبة لحماية الكرد فيما لو تبين وجود استهداف حقيقي لهم".