أمسكت محبرتي و أوصدت أذناي و اطفات نور الغرفة إلا شمعة
بدأت أنا و قلبي كالعادة في صراع مستمر
لكن هذه المرة حاولت أن اهدأ من حدة صوتي و بدأت اهمس إلى قلمي همسا يكاد يكون مسموعا ...
ناشدته عن الحياة ... الحب ... العطاء ... التجاهل...
فقال :الحياة ... جميلة رغم قبحها
تعجبت من إجابته ... إذ كيف يجتمع الجمال و القبح ... فبادرني بان من يرى الحياة صافية من الكدر فقد أخطا في حق نفسه و من حوله و أن من يراها كلها كدر لا يلوح لها شيء من الفرح و السرور فقد عاقب نفسه بعقاب لن يسامح نفسه عليه إن عرف الحقيقة.
الحب ... كلمة ضاع معناها عند بعض الفارغين المغرمين
العطاء ... ما أجمله حينما يكون بين طرفين متحابين
لتجاهل ... أتمنى أن لا تواجهيه في حياتك حتى لا يتألم فؤادك.
حينما رأيت منه القبول و التجاوب أنست من ذلك إذ أن الليل يطول في بعض الأيام سألته عن إمكان أن اعترف له عما يدور في خلدي فرحب بذلك أيما ترحيب و قبل ذلك أخذت منه وعدا إن أحس بضيق مني أن يفصح عن ذلك قلت له يا قلمي أنت أشد من يعرفني و يعرف ما أكنه لك من تقدير أليس كذلك ؟
قلت لما يرى البعض أن الحب عقيم؟ لما يبتعد الأصحاب ؟لما يولي الأحباب؟ لماذاحينما أريد أن انزف همومي لا أجد من يحملها بين أضلاعه و يخفيها و من ثم يغطيها بغطاء لا يرى ؟
يا حبيبي لما افتح قلبي لمن يريد لكن لا أجدهم وقت ما أريد ؟
لا أريدهم كلهم أنا اعلم أن الناس على هواهم ... بل و أوقن أن أوقاتهم ليست بملكهم لا تقل لي الظروف و مشاغل الحياة لقد مللت من هذا الكلام و عجزت عن سماع الأعذار التي لا نهاية لها ...
حينما فتحت قلبي لحمل همومهم و أنصت لسماع معاناتهم لم أكن أتوقع أنهم سيبتعدون عن عالمي ...
قلمي لا تخذلني و كن معي ولو ليوم واحد لا تتركني أتحدث مع نفسي اجبني ...
قال لي يا مهجة القلوب و يأيتها الدرة المكنونة قد سالتي و أجبتي فماذا تريدين من واحد مثلي أن يرد عليك؟
الناس ليسو سواسية ... نعم اعرف انك أحببتهم وهبتهم ما تستطيع لكن ماذا بيدي أن افعل أنا سأضحي من أجلك و احمل همومك سأجعل من محبرتي ينبوعا يرويك إن جفت ينابيع الحياة ...
يا قلمي انك تملك رقة في الأسلوب و قدرة على التخفيف لا يمكنني أن افعل مثلك أو أن اخبر عنك المجلات و الصحف بل أن اذهب لكل من سمعت لهم و اخبرهم عنك...
قال قلمي اعذرني يا قلبي هل تمتنن عليهم ؟
قلت حاشى و كلا و سكتت و قلت قلمي هل تتوقع مني ذلك ؟
قال لا اقصد أن اخدش في صدقك لكن مجرد سؤال.
قلت لم اعتد أن امتن على احد حتى لو أعطيته دمي.
قال إن أردت أن تسعد فادفن من احببت في مقبرة قلبك و احفظهم كما تحفظ نفسك فسيأتي يوم يحتاج كليكما لبعض.
قلت له في دعابة قلمي أتعرف إنسانة دخلت قلبي ؟
قال لي مبتسما تلك الإنسانة العنيفة.
جزرته و قلت هذه إنسانة استطيع أن أقول عنها نبع الحنان لكن لا اعلم أحس أنها تود دفن حنانها و تحاول إن تخبئه حتى لا يلحظ اعذرني و لا تسألني لما فهذا بيني و بينها.
خذي من داخل قلبك و قولي نفسك لن أثقل كاهله احمليه بين أضلاعك اسهري و دعيه ينام ابكي و دعيه يضحك دائما دعي الوصايا مستمرة بينكما حتى أن افترقتما تكونان قد بذرتما خيرا و تعاهدتما بالسقي و الرعاية ...
احذري من تجاهل من قال لكي احبك و بادليه الشعور لو بالقليل.
ماذا بعد يا قلمي؟
لا شيء فقط أرسل لمن في قلبك الآن برقية عاجلة جدا و قول أقدم اعتذاري على طبق من الماس و لست اقصد ايذاءه في أي تصرف و إنما ذلك الشوق و ما قدم سنخلد للنوم.
يا قلمي هيا و أثق انك ستحفظني و تحفظ أسراري هيا