إيفل La Tour Eiffel من أبراج العالم المعدنية ومن أشهر معالم مدينة باريس.
أرادت الحكومة الفرنسية ببنائه، تسجيل حدث خارق بمناسبة معرض باريس الدولي لعام 1889 الموافق لذكرى مرور مئة عام على الثورة الفرنسية، معبرة بذلك عن بعث للبلاد عقب هزيمة 1870، فاختارت موقعاً في قطاع محاذ لنهر السين من الساحة المسماة «الشان دي مارس» Le Champ de Mars.
وبعد معاينة مشروعات عدة مقترحة، أعلن الوزير إدوار سيمون الملقب لوكروا (1840-1913) Lockroy إجراء مسابقة لإنشاء برج لا يقل ارتفاعه عن 330 متراً. بلغ عدد المشروعات المتقدمة للمنافسة 700 مشروع، من بينها مشروعات غريبة ومثيرة، أهمها اقتراح تضمن برجاً بارتفاع 300 م سمّي عمود الشمس، لأنه احتوى في نهايته على تمثال يحمل بيده منارة قوية، يفترض إنارة مدينة باريس ليلاً منها، وكان للمشروع الذي تقدم به غوستاف إيفل[ر] الحظ الأكبر في هذه المنافسة.
بدأ إيفل عام 1884 بوضع الدراسات والتصميمات التنفيذية التفصيلية للمشروع، أُنجزت بمساعدة فريق مؤلف من مهندسين شابين إميل نوغلر Emile Nouglert، وموريس كوشلان Maurice Koechlin ومعماري من تلامذة هنري لابروست (1801-1875م) Henri Labrouste ستيفن سوفيستر Stephen Sauvestre استعان بهم لإعداد رسوم البرج.
بيّنت الحسابات الأولى التي قام بها المهندسون أن مسألة الدفع الأفقي للرياح ومقاومة البرج لها هي المسألة الأساس في تصميم البرج. لذلك استخدم إيفل الجوائز الشبكية المفرّغة وثبَّت الدعامات المعدنية الأربع للبرج بمشدّات متينة داخل كتل هائلة من الخرسانة راسخة في أعماق الأرض (تطلب تنفيذها 12.000م3 من الإحضارات المتنوعة)، وقد بلغ وزن حديد البرج 9000 طن.
ووضع مكتب إيفل 5300 مصوَّراً، وفصَّل 15000 قطعة معدنية مختلفة، وقد تطلب جمع مختلف القطع المعدنية المكوّنة للبرج 2500.000 برشمة، وأنجز البناء 250 عاملاً في مدة واحد وعشرين شهراً ونصف الشهر.
تمكّن إيفل من تحقيق عمل مازال قائماً حتى اليوم، وأشرف بنفسه على دراسة القطع المكونة للبرج وتصنيفها في ورشاته، وكانت تُجلب للموقع لتجميعها، كل ذلك حُسب بدقة عالية جداً قاربت 10/1 من الملمتر (بحسب تصريح إيفل).
بلغ ارتفاع البرج عند إنشائه 300م، وارتفاعه الأقصى اليوم مع هوائي إذاعة (راديو) وتلفزيون فرنسة 320.755 م0
أنشئ البرج بتمامه من المعدن، وهو يرتكز على أربع دعامات مائلة تتقارب حتى منتصف ارتفاع البرج، وتنتصب بعد ذلك كالسهم. أما مقطع البرج فمربع الشكل يضيق تدريجياً باتجاه الذروة، ويتألف من ثلاثة طوابق ينتهي كل طابق منها بشرفة (مصطبة)، ويقع الطابق الأول على ارتفاع 57.63 م، ويرتقي الزائرون إلى مصطبته بوساطة مصعدين ركنيين يتحركان على المحور المائل للركيزة، وتحتوي المصطبة الأولى على صالات واسعة للعرض والبيع ومقاه ومطعم، ويتابع المصعدان ارتقاءهما إلى المصطبة الثانية، ويُرتقى إلى المصطبة الثالثة بوساطة مصاعد خاصة، غير المصعدين السابقين، ويضم هذا المستوى صالات صغيرة للطعام وهي على ارتفاع 276.13م عن سطح الأرض، والمصاطب الثلاث عولجت بطريقة تمكّن الزائر من رؤية العاصمة الفرنسية ونهر السين والتمتع بمناظرهما من ارتفاعات مختلفة، ويعلو الطابق الثالث بريج صغير فيه منارة قوية تعلوها غرفة زجاجية متوضّعة على ارتفاع 300م، تسمح بإطلالة بانورامية، ولُحظت سلالم حلزونية معدنية تمكّن من الصعود إلى قمة البرج.
لقي قرار تنفيذ البرج معارضة شديدة موجّهة نحو جماليته، من قبل شخصيات شهيرة من بينهم ألكسندر دوما الابن A.Dumas Fils وسولي برودوم Sully Prud'homme والكونت دي ليل Le Conte de Lisle. وقد وجه هؤلاء عريضة إلى وزير التجارة، تطلب باسم الذوق الباريسي الرفيع إلغاء عمود الصفيح المبرشم القبيح.
سرعان مالاقى برج إيفل بُعيد إنجازه تأييد بعض الفنانين والشعراء الأكثر إدراكاً للأشكال الجديدة، في مقابل عمارة فقيرة في محتواها، عمارة القرن التاسع عشر، محكومة باستعاراتها المزيّفة لأشكال الماضي، وسرعان ماتبوأ البرج مكانته بأبعادها الحقيقية.
كتب الكاتب والناقد البريطاني جون راسكين (1819-1900) John Ruskin «إن التقدم والبشاعة أمران متلازمان، فعندما نعارض التقدم التقني، فإننا نعارض البشاعة، غير أن صالة الآلات Galerie de Machines وبرج إيفل، يمثلان نوعاً جديداً من الجمال، جمال يمكن وصفه بالجمال التقني».
اندمج هذا البرج في خطوطه منذ عام 1889م في مظهر العاصمة الفرنسية باريس، وصار مع الزمن رمزاً لها وجزءاً من معالمها.