Tuesday 5 June 2012
الهاشم : النعيمي والضاري والملتحي الكويتي والعرعور بين المال والدماء
![]()
يتسائل غسان الامام في معرض تحليله للمواقف الاقليمية والدولية المتعلقة بالشأن السوري عن المدى الذي وصلت اليه الازمة السورية، مؤكدا ان الرياء الدبلوماسي يغطي تدخل السلاح الروسي الجديد الذي تموله إيران «المفلسة»، يقابله عجز أميركا وأوروبا عن التدخل. فهو مؤجل، ريثما يرتكب نظام بشار مجازر دموية، على شاكلة مجزرة الحولة. عندها قد يغدو التدخل جائزا من خلال الشرعية الدولية (مجلس الأمن) أو من خارجها.
ويلفت محمود الريماوي النظر الى ان العامل الطائفي في احدث مدينة طرابلس اللبنانية وهو هنا مذهبي، لم يتحرك بعوامل ذاتية محضة، فالبعد الطائفي في الأزمة السورية، وجد له هذه المرة ترجمة فورية لدى الطوائف (المعنية) في لبنان، حتى إن الجغرافيا السياسية وغير السياسية لعبت دوراً في أن تكون أحداث طرابلس مايو/أيار الماضي رجع صدى متأخراً للأحداث المروعة التي شهدتها حمص على امتداد ما يزيد على عام واحد.
وفي كلمات ساخرة يشير فؤاد الهاشم بتهكم الى تقرير عن "استراتيجية الخطف التركية القطرية الاسرائيلية " التي نجحت في عملية احتجاز رهائن من العناصر الاستخباراتية والامنية لحزب الله.
وبحسب الهاشم فان التقرير يتهم سلفياً قطرياً اسمه عبدالسلام النعيمي ويحمل جواز سفر دبلوماسي قطري، بانه من يقوم بنقل الاموال من الدوحة الى الخاطفين، كما ان المعلومات تشير الى مثلث يتكون من النعيمي والشيخ حارث الضاري وهو رجل دين عراقي سني تدور حوله شبهات عن علاقاته الواسعة بتنظيمات اسلامية متشددة، ويقيم حاليا في العاصمة الاردنية عمّان ونائب كويتي لحيته طويلة ودشداشته قصيرة، ويحمل في جيبه هاتف جوال برقم قطري مسجل باسم شقيقة زوجته، دون ان يعلم بان كل اتصالاته موثقة باليوم والساعة والصوت، وعلى اشرطة سي. دي.
ثلاثي النعيمي والضاري والملتحي الكويتي
ويستطرد الهاشم ساخرا : هذا الثلاثي النعيمي والضاري والملتحي الكويتي هم خزائن المال المتنقلة للشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر، فالاول يأخذ المال وينقله للثاني والثالث، اخرها مبلغ 23 مليون دولار من الأول.
![]()
ويزيد الهاشم في القول : الغريب ان الحكومة الكويتية تعلم بهذه التحركات وتسلم الاموال الذي يتم.. نقدا لا عن طريق البنوك. النائب الكويتي راعي الدشداشة القصيرة واللحية الطويلة والهاتف الجوال القطري المسجل باسم شقيقة زوجته، والذي يسميه اهل الكويت.. "يدش الغار ولا هو فار، عليه صوف ولا هو.. خروف "، التقى برئيس وزراء قطر بواسطة شيخ كويتي كان هو الذي رشحه لـالمهمات القطرية الصعبة، فكان ان تسلمه السلفي القطري عبدالسلام النعيمي، وصار يمده بملايين الدولارات تحت مسمى دعم إعلامي، وآخر مبلغ ثلاثة ملايين دولار كان من المفروض ان يعطيها الى رجل الدين السوري عرعور، الا انه اعطى هذا العرعور ثلاثمائة الف دولار فقط.. واحتفظ بالباقي لنفسه.
ويتابع القاسم : الشيخ الكويتي الذي كان حلقة الوصل بين حمد بن جاسم والنائب الكويتي، أخذ "ينصص" معه الأموال التي يستلمها من النعيمي، وقد اشتكى النائب للسلفي القطري من هذه المطالبات، والذي ابلغ بدوره الدوحة عن موضوع تقسيم الأموال.. بين الرجلين، الشيخ الكويتي والنائب السلفي.
ويتابع الهاشم : دولارات أمريكية مخضبة بدماء الشعب السوري، فكلما ازداد نزيفها، تضخمت ارصدة هؤلاء.
النفاق الدبلوماسي
وعودة الى مقال غسان الإمام في جريدة الشرق الاوسط الصادرة اليوم، فان الكاتب يطرح سؤالا حول سبل لجم الرئيس السوري، فيقول " إذا كان الرفيق أنان يكتفي بمتابعة المشهد بالنظارات من جنيف، لا من دمشق التي يزورها مجاملة مع الغياب الأميركي، يتبنى أنان النفاق الروسي: وقف إطلاق النار. وجلوس المعارضة مع الجزار إلى مائدة واحدة. المهزلة يكشفها جان ماري جيهينو نائب أنان الذي أبلغ مأوى العجزة (مجلس الأمن) أن الحوار «مستحيل» في اللحظة الراهنة.
وبحسب الامام فان سوريا، ستبقى أسيرة دوامة النفاق الدبلوماسي، فيما نظام بشار يقصف، مسلحا بحماية راسبوتين. ثم يدفع شبيحة الطائفة لاقتحام بيوت المدنيين المقصوفين وذبحهم، ثم يأخذ بنصيحة شيخ السنة البوطي، فيأمر المساجد بالصلاة لراحة «الشهداء»! هناك «شهداء» آخرون. هم أولئك العسكريون الذين يتم إعدامهم عندما يرفضون إطلاق النار على المظاهرات السلمية
ويتابع الامام مدونا " لماذا تقف روسيا هذا الموقف السلبي من قضية إنسانية؟ لأن روسيا الخارجة من إهاب نظام آيديولوجي شمولي، بقيادة ضابط مخابرات خاض الحرب الباردة، كجاسوس في ألمانيا، لا تملك تقاليد عريقة في الحرية. وبعد أكثر من عشرين سنة ديمقراطية مهزوزة، ليست هناك منظمات وحركات روسية جادة تتبنى قضايا حقوق الإنسان، كما في أوروبا الغربية".
ويعتقد الامام ان الصدام بين روسيا وأميركا وأوروبا، حول سوريا، ليس آيديولوجيا. لم يصل بعد إلى ذروة مواجهات الحرب الباردة، حول كوبا. فيتنام. برلين. أفغانستان. وبالتالي، فإمكانية التوصل إلى تسوية بين أوباما وبوتين واردة.
لكن.. ما هو التصور الأميركي لهذه التسوية؟ إدارة أوباما في إلحاحها على تنحية بشار شخصيا، تعتقد أن ضمان المصالح الروسية في سوريا (قاعدة طرطوس البحرية. الاستثمارات النفطية. الانفراد بتصدير السلاح. أمن وسلامة المسيحيين الأرثوذكس) كاف لتخلي الرئيس الروسي عن بشار، وليس عن نظامه.
ويستطرد الامام " الدبلوماسية الأميركية تعتقد أن الرفض الشعبي السوري والرسمي الخليجي لبشار الذي بات عبئا ثقلا على كاهل روسيا، بسبب مجازره، كل ذلك يشكل أساسا منطقيا لتنحية سلالته. فمستقبل سوريا مرهون بعدم بقاء هذه السلالة. كما يقول القاضي والمحامي هيثم المالح، أبرز المعارضين السوريين الذي قضى سنين طويلة في سجون الأسد الأب والابن.
عشيرة الأسد العائلية الثلاثية
![]()
ويشير الامام الى خيار آلية إزاحة عشيرة الأسد العائلية الثلاثية (آل شاليش. الأسد. مخلوف) المتحكمة بأجهزة الأمن. الإدارة الحكومية. الحزب. الاقتصاد. الفساد، فالتصور الأميركي/ الخليجي يستحضر آلية تنحية الرئيس اليمني السابق. بوتين قد يكون قادرا على إقناع قادة الجيش السوري العلويين بالتخلي عن السلالة الحاكمة، في مقابل احتفاظهم بالسيطرة على القوة الضاربة للجيش «لحماية» الطائفة العلوية من محاولات الانتقام منها.
ويتسائل الامام مرة اخرى : "لكن لماذا هذا العجز الأميركي عن التدخل العسكري؟ أميركا قادرة عسكريا، وخاصة بعد انسحابها من العراق وأفغانستان. لكن المعنويات النفسية لدى الشعب الأميركي. وإدارة أوباما ضعيفة، بعد الفشل المرير في الحروب".
الرئيس أوباما، كمثقف رافض للحرب، يلعب دورا كبيرا في هذا العجز. وهو كسياسي مسؤول لا يريد حربا، في وقت يخوض حربا انتخابية لتحديد ولايته، فيما نصف الأميركيين يعتقد أنه رئيس «ناعم. متردد»، وأخفق في معالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة.
أما ميت رومني المرشح الرئاسي المحتمل للجمهوريين (تضعه استفتاءات الرأي على قدم المساواة مع أوباما) وغلاة المحافظين من أمثال جون ماكين، فهم يوبخون أوباما على تخاذله. لكنهم سيقفون موقفه الحذر إذا ما تولوا الحكم. هيلاري أكثر ميلا للتدخل، مستذكرة قرار زوجها الرئيس كلينتون بالتدخل العسكري الناجح ضد صربيا (1995) بعد مجزرة سريبرينيتسا التي أودت بحياة ثمانية آلاف مسلم.
سوريا غير ليبيا
لكن هل تعترض روسيا على تدخل أميركا وأوروبا عسكريا في سوريا؟ روسيا يلتسين لم تتدخل لإنقاذ أبناء العمومة سلاف صربيا، عندما تدخلت أميركا كلينتون في البلقان في التسعينات. لكن بوتين أكثر حزما. فهو يقود روسيا الأقوى اليوم سياسيا وعسكريا. والأكثر تصميما على الاحتفاظ بدور نافذ في العالم. وخاصة في الشرق الأوسط المجاور لها.
ويقارن الامام بين الحالين في سوريا وليبيا، فيدون " حرب إسقاط القذافي دللت على أن أميركا طورت تقنية جوية ضاربة تعفيها من الحاجة إلى إنزال قوات برية في سوريا. تركيا وربما مع قوات عربية قادرة على إقامة مناطق «محررة»، بحماية جوية أميركية/ أوروبية، تنطلق منها قوات المعارضة المسلحة لاستنزاف جيش فقد مشروعيته الوطنية، ولاجتذاب عشرات ألوف المجندين السنة في صفوفه.
![]()
سوريا غير ليبيا. سوريا تملك منظومة دفاعية جوية قوية تعوض عن ضعف سلاح الطيران. هذه المنظومة التي شاركت مع مصر في تحييد سلاح الجو الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، هي أقوى اليوم. لكن تقدير الخبراء العسكريين يشير إلى أنها لن تصمد سوى أيام قليلة أمام الضربات الجوية. سوريا تملك أيضا مخزونا ضخما من الأسلحة الكيماوية. إذا غامر النظام باستعمالها ضد دول مجاورة، أو نقل جانبا منها إلى «حزب الله». عند ذلك يغدو التدخل الغربي محتما.
ويعرج الامام على احداث طرابلس " لا أظن أني بحاجة إلى التعليق على انفجار الوضع في طرابلس بشمال لبنان. فقد توقعت ذلك في حديث الثلاثاء الماضي. تصريحات الأمير سعود الفيصل توحي بأن السعودية غير مقتنعة بنظرية «النأي» التي حملها معه الرئيس اللبناني في جولته الخليجية. اتهام الفيصل لنظام بشار بالضغط على لبنان، هو إشارة سعودية شديدة التهذيب، إلى أن الحكومة اللبنانية (المنحازة) باتت تستخدم الجيش ضد سنة طرابلس وعكار، بحجة منع تسلل المقاتلين والسلاح عبر الحدود.
حزب الشيعة
سبق أن قلت مرارا إن تحليل الساسة اللبنانيين للأحداث يرتكز إلى العاطفة، وليس إلى المنطق والواقع. التحليل الرسمي اللبناني يراهن ضمنا على «انتصار» نظام بشار. وإيران. وشيعة «حزب الله» في الأزمة الراهنة. من هنا، كان خطأ توريط الجيش اللبناني في مواجهة مع السنة اللبنانية المتعاطفة مع الثورة السورية، فيما تسكت حكومة نجيب ميقاتي عن تسلل السلاح الإيراني/ السوري المتدفق عبر الحدود، على حزب الشيعة.
حذارِ من امتداد النار
من جانبه يحذر محمود الريماوي في مقاله الذي نشرته صحيفة الخليج الاماراتية الصادرة اليوم من امتداد الأزمة السورية إلى أجزاء من لبنان، إلى شماله بالذات، محمولة على عوامل عدة، منها الواقع الطائفي في هذا البلد وفي مدينة طرابلس بالذات. وقد هدأت الأحداث في المدينة اللبنانية الثانية، بعد وقوع خسائر في الأرواح شملت مدنيين وعسكريين، مع أضرار فادحة في الماديات. ولحسن الحظ فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ينتمي إلى هذه المدينة، وذلك ما دفعه إلى جانب مؤسسات الدولة الأخرى، إلى أن يلقي بثقله لمنع تفاقم الأحداث، إذ إنّ أي تدهور أمني في عاصمة الشمال، من شأنه أن يلقي بظلاله على زعامة ميقاتي وعلى قاعدته الانتخابية، فيما لعبت المؤسسة الأمنية دوراً حاسماً في تطويق الوضع ومنع امتداد ألسنة النيران في هشيم الطوائف. والخلفية العسكرية لرئيس الجمهورية ميشال سليمان القائد السابق للجيش، أسهمت بدورها في منع الفتنة التي ابتدأت بمقتل شيخين عند نقطة تفتيش للجيش.
البنية الهشة
ويرى الريماوي أن البنية الهشة للمجتمع السياسي اللبناني كانت السبّاقة إلى الاستجابة لتلك “النبوءة”، تماماً كما أن خطف معتمرين لبنانيين والإفراج عن النساء من ضمنهم، في منطقة على الحدود السورية التركية، هو بدوره شاهد إضافي على مفاعيل الجانب الطائفي في الأزمة السورية، وقد وقعت جريمة الاختطاف ما إنْ هدأت الأحداث في طرابلس، وقد كان رئيس الوزراء ميقاتي دقيقاً في التقاطه انعكاسات الأزمة السورية، وإدراكه لحساسية الجوار الجغرافي في هذه المرحلة، فأصدر عبر مجلس الوزراء قراره بحصر السفر للاعتمار في الديار السعودية وزيارات الأماكن الدينية في العراق وإيران جوّاً، وهو القرار الأول من نوعه منذ عقود الذي يحظر السفر في حالات بعينها على لبنانيين عبر الأراضي السورية.
ويشير الريماوي الى ان ما يفاقم الأمر في الحالة اللبنانية انتشار السلاح بين الأفراد والجماعات، الكثير منه مرخص لغايات حراسة الزعماء وما أكثرهم، بينما الشطر الأكبر من الأسلحة غير مرخص بحيازته وحمله، وقد لاحظ من لاحظ أن اشتباكات طرابلس توقفت واستتب الأمن فيها، لكن الأسلحة التي استخدمها المتقاتلون بقيت في حوزتهم، وليس سرأ أن هناك تجارة سلاح واسعة في هذا البلد، وذلك في ظل الاعتراف بوجوده كأمر واقع، وحين تتوافر سلعةٌ ما بكميات “تجارية” في أي مكان، فإنه يسهل تصور نشوء تداول تجاري لهذه السلعة، وبعض الأسلحة التي تسربت إلى سوريا تمت بالبيع والشراء، كما يجري داخل لبنان نفسه، وهي مسألة موروثة منذ عقود، منذ الحرب الأهلية الإقليمية ابتداء من العام،1975 والبعض يردّها إلى ما قبل ذلك.. إلى العام 1958 حين نشب نزاع أهلي، على قاعدة مناهضة حكم الرئيس الأسبق كميل شمعون، وميوله نحو الغرب.
النأي عن الأزمة السورية
ويعتبر الريماوي قرار الدولة اللبنانية بالنأي عن الأزمة السورية قراراً صائباً وبالأقل منه واقعياً تُحتّمه مصلحة لبنان واللبنانيين، لكن هذا الموقف لا يُنجيه من تداعيات الأزمة، فالأطراف الأهلية لا تنهج هذا النهج، وكلٌ منها “يتفاعل” مع الأزمة على طريقته ووفق حساباته وأحياناً قناعاته، وهذه الأطراف لا تقل وزناً في المعادلة السياسية الداخلية عن وزن الدولة نفسها. وبما أن لهذه الأطراف امتدادات وممثلين داخل الحكم والحكومة، علاوة بالطبع على تمثيلها في مجلس النواب، فلنا أن نتصور، في ضوء ذلك، مدى دقة وتعقيد التعاطي اللبناني مع الأزمة السورية، حيث يزداد الوضع الداخلي حساسية واحتقاناً كلما اشتدت الأزمة في الجوار، وهي تشتد للأسف وتتفاقم، ومجزرة الحولة التي تعِزّ على الوصف شاهدٌ على طورها الأخير والخطِر
ويدون الريماوي : عزوف أطراف دولية نافذة عن التدخل العسكري في الأزمة السورية، ناجمٌ في جانب أساسيّ منه عن الخشية من تدهور الوضع في الجوار، وخروجه عن السيطرة على الحدود مع الكيان الصهيوني، كما في لبنان والعراق وربما دول أخرى. غير أن لبنان يبقى للأسف الحلقة الأضعف من الناحية التكوينية للمجتمع السياسي فيه، وليس بحجم السلاح الذي يحوزه. ومن المفارقة أن هذا البلد تجتمع فيه الحيوية الشديدة والإطار الديمقراطي لتداول السلطة مع الأعطاب البنيوية، وقد بات منذ عقود يتأثر سلباً وبسرعة قياسية بالأزمات العربية، لكنه قلّما يستفيد من مظاهر المعافاة والتحولات العربية.
سوريا، ستبقى أسيرة دوامة النفاق الدبلوماسي، فيما نظام بشار يقصف، مسلحا بحماية راسبوتين. ثم يدفع شبيحة الطائفة لاقتحام بيوت المدنيين المقصوفين وذبحهم، ثم يأخذ بنصيحة شيخ السنة البوطي، فيأمر المساجد بالصلاة لراحة «الشهداء»!
ايلاف