كان عمر بن عبدالعزيز ( الخليفة الاموي الثامن ) أعدل خلفاء بني أمية وأحسنهم سجية فقد قام بإصلاح الكثير من الامور في عهد خلافته .
ومن أهم هذه الاصلاحات أنه منع سب الإمام علي عليه السلام على المنابر وأمر بإرجاع فدك إلى احفاد الزهراء عليها السلام .

وكان الناس قد اعتادوا آنذاك على سب الإمام علي عليه السلام من على المنابر لأنهم عاشوا اكثر من ستين سنة في ظلم الحكم الاموي الفاسد الذي رسّخ هذه العادة في أذهانهم وجعل منها سنة ثابتة ، ولذلك كان قرار المنع بحاجة إلى خطة قوية وأساسية لتطبيقه والعمل به .

وكان عمر بن عبدالعزيز يعتقد أن الطريق الوحيد للوصلول الى هذا الهدف هو الحصول على فتاوى علماء الإسلام الكبار في هذا الشأن . ففكر في طرح خطة تساعده على تحقيق هذا الهدف ،، فاتفق مع طبيب يهودي وقال : سأدعو جميع العلماء للحضور في مجلس خاص ، فعليك ان تحضر في ذلك المجلس وتطلب يد إبنتي مني في حضورهم .

فسأقول لك : إنّ ابنتي مسلمة ولايجوز لها الزواج من الكافر فعليك أن تجيبني : فلماذا زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته لعلي عليه السلام وهو كافر ؟ فسأقول لك : لم يكن عليُّ كافراً ، فعليك أن تقول : إن لم يكن كافرا فلماذا تسبونه وتلعنونه على المنابر مع أنكم تعتقدون بحرمة سب المسلم وشتمه ؟!

وتنفيذاً لهذه الخطة أمر عمر بن عبدالعزيز بترتيب ذلك المجلس فحضر فيه العلماء وكبار القوم من بني أمية .

وبينما هم جالسون طلب الرجل اليهودي من الخليفة أن يزوجه ابنته .
فقال عمر : إن الإسلام لايجوّز لنا مثل هذا الزواج لأنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج مع غير المسلم .

فقال اليهودي : إذن لماذا زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة لعلي بن أبي طالب وهو كافر؟ لفقال عمر : لم يكن علي كافراً بل كان من كبار رجال الإسلام . فقال اليهودي : فلماذا يُسبُّ ويلعنُ على المنابر إن لم يكن كافراً ؟!

فطأطأ الحضار رؤوسهم خجلاً بعد استماعهم لهذا الاحتجاج .
فقال عمر بن عبدالعزيز : فليكن لنا قليل من الانصاف ، أيجوز سبّ صهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع كل هذا الفضل والكمال ؟
فسكت الحضار وطأطأوا رؤوسهم من الخجل . وهكذا نجح عمر بن عبدالعزيز في تنفيذ قرار منع سبّ علي عليه السلام .
الأصدقاء ، ص 116