اليوم انسكب كأس الماء البارد على قلبي. اليوم صارت عيوني تحوم حول حقائب سفري لأنتقي منها التي سترافقني في عودتي الى بغداد. اليوم أتمنى ان اظل متابعا للشاشات التي تغير لونها بفضل وقفتك يا شعب العراق ولا اكتب حرفا. أي عمود اكتب والعراق كله انتصب عمودا شامخا يحمل راية ترفرف بكل شموخ لترعب ذوي الوجوه الصفر من علة الغطرسة والفساد؟
اليوم طاح صبغ المتغطرسين فبدت رؤوسهم شاحبة ذليلة من أثر الذل. ياله من يوم عظيم. وهل هناك أعظم من يوم يتحول به المستبد الى خروف مريب يصيح خذوني. انه يوم الأيام يا عراق.
يا شعب هذا يوم قيامتك وحدك فافتح صحائف الحساب على الهواء. اليوم تسودّ وجوه وتبيضّ وجوه. لا ترحم من لا يعطيك يده طائعا لمحاسبته. وشحده الما ينطيها. يا ويله وويل يومه الأسود.
اليوم، الشمس غير، والهواء غير، والشوارع غير. اليوم بي رغبة لسجدة فرح في شارع ابي نؤاس. ولركضة مع الأطفال في حدائق الزوراء. ولمشية طويلة في شارع الرشيد. ولغفوة ظهرية في سميراميس بالصالحية. يا أطفال العراق الحلوين هلموا صوب جدكم الفرحان ليروي لكم حكاية عن السلطان الغبي. كل ما اريده منكم هو ان تعيروني “مصيادة” فبي شوق طفولي لأرجم “الخضراء” بحصوة.
ويا أصدقائي، احتاج اليوم الى من يعلمني كيف اشمت فاني لا اجيد الشماتة.
قبلة لكل يد ارتفعت متظاهرة من البصرة الى بغداد. ولكل قدم سعت صوب ساحات الاحتجاج رغم حرارة الصيف اللهاب وثقل الفقر والجوع.
انه يوم العدل العراقي. فمثلما افقروا نساءكم هاهي نساؤهم ترتجف حائرات في إخفاء خشلهن المطلوب للحساب. ومثلما دللوا أطفالهم على حساب أطفالكم هاهم يكتشفون ان آباءهم فاسدون واطفالكم يرونكم تقفون على قمة جبل من العز. ويضرب الكرسي شو بيذل.