اثار كوكب الزهرة كما الهة الحب فينوس التي استمد منها اسمه في الاجنبية، المطامع وخالف التوقعات والحسابات وخيب الامال وحطم حياة الكثير من علماء الفلك الذين حاولوا مراقبة مروره النادر جدا امام الشمس، على مر القرون.وباستثناء الحضارات القديمة مثل شعوب المايا التي كانت تراقب الزهرة وتوليه اهتماما كبيرا وكانت احدة روزناماتها الطقسية تعتمد على دوراته، فان مرور هذا الكوكب امام الشمس لم يراقب علميا في الغرب قبل القرن السابع عشر.الظاهرة التي ستحصل مجددا ليل الثلاثاء الاربعاء ولن تتكرر قبل 105 اعوام، كانت تثير فضول العلماء منذ ان وضع يوهانس كيبلر القوانين حول حركة الكواكب في بحث نشره العام 1627.وكان العالم الالماني يتوقع مرور كوكب الزهرة في السابع من كانون الاول/ديسمبر 1631 الا انه توفي قبل عام على ذلك ولم يتمكن من متابعة الظاهرة. ولم يتمكن اخرون من متابعة هذه الظاهرة بسبب عدم دقة حسابات كيبلر الذي اخطأ عندما قال ان ذلك سيحصل خلال الليل في حين انه كان مرئيا حلال جزء من النهار في اوروبا الوسطى.ولم يحتسب كيبلر ايضا ان الزهرة سيقوم بمرور ثان بين الارض والشمس بعد ثماني سنوات على المرور الاول قبل ان يعود الى المدار.لكن القس الانكليزي جيريميا هوروكس (1619-1641) تنبه الى الخطأ وتوقع المرور الثاني في الرابع من كانون الاول/ديسمبر 1639 في وسط بعد الظهر. وقد تابع بنفسه بداية عملية المرور من بلدته هول الا انه اضطر الى وقف قياساته ليتفرغ لواجباته الدينية.اما وليام كرابرتي صديق هوروكس فتابع هو ايضا الحدث من مانشستر لكه ذهوله بلغ حدا جعله لا يقوم باي قياس.مرور الزهرة في السادس من حزيران/يونيو 1761 كان في المقابل مرتقبا جدا من قبل الاوساط العلمية. لكن اضافة الى صعوبة السفر زادت حرب السبع سنوات كثيرا من تعقيدات المهمات البعيدة التي نظمتها فرنسا وانكلترا اذ ان القوتين العظمتين كانتا تتنافسان على من منهما يقيس قبل الاخر المسافة الفاصلة بين الارض والشمس.ورغم الحرب ارسلت الاكاديمية الملكية للعلوم غيوم لو جانتيي الى الهند لكن عندما وصلت السفينة الفرنسية الى المكان كانت قد وقعت المنطقة تحت سيطرة الانكليز.وعاد لو جانتيي ادراجه وحاول القيام بعمليات الرصد من اعالي البحار الا ان الموج الذي كان يتلاعب بالسفينة منعه من الحصول على اي قياس اكيد.ووصل في نهاية المطاف الى "ايل دو فرانس" (جزيرة موريشيوس راهنا) وقرر ان ينتظر المرور الثاني اي بعد ثماني سنوات. الا ان السماء التي كانت صافية قبل ايام على الظاهرة تلبدت بالغيوم مما منعه من رؤية الزهرة في الثالث من حزيران/يونيو 1769.وعاد عالم الفلك الخائب الى فرنسا في العام 1771 اي بعد اكثر من 11 عاما على مغادرته لها. فاكتشف ان وفاته اعلنت قانونا فيها اذ ان ايا من رسائله لم تصل وان زوجته تزوجت من شخص اخر وان مقعده في الاكاديمية اعطي الى شخص اخر.من جهته تعرض تشارلز مايسون وجيريميا ديكسون لهجوم من قبل سفن فرنسية ما ان خرجا من مرفأ بليموث.وقد وقع 11 قتيلا و37 جريحا في صفوف فريقهما وارادا التخلي عن المهمة الا انهما غيرا رأيهما عندما وصلتهما رسالة من اكاديمية العلوم تنهيهما عن ذلك. وجاء في الرسالة ان التخلي عن المهمة "سيؤدي الى فضيحة وسيلحق العار بشخصكما وسيؤدي بكما الى الهلاك".في العام 1874 حالف الحظ اخيرا الاميرال ارنست موشي الذي واجه طقسا فظيعا في جزيرة سان بول الا انه في اليوم المحدد لمرور الزهرة امام الشمس في التاسع من كانون الاول/ديسمبر انقشعت الغيوم وتمكن تاليا من التقاط صور للظاهرة. وستتلبد السماء بالغيوم بعد دقائق قليلة على مغادرة الزهرة لقرص الشمس.