من بين هؤلاء مركز بحوث و استشارات النقل البحري التابع للأكاديمية العربية للعلوم و التكنولوجيا و النقل البحري الذي أعد دراسة علمية وافية و موثقة بالبيانات و الأرقام تؤكد الجدوي الاقتصادية لمشروع قناة السويس خاصة فيما يتعلق بالمنافسة مع الممرات الملاحية الأخري التي تخدم حركة السفن والتجارة العالمية.
و بعيدا عن الإرادة السياسية التي تولد عنها مشروع قومي عملاق أعاد الثقة و حقق للشعب المصري إنجازا بحريا تنموياعالمياجديدا خلال عام واحد، فإن القناة الجديدة تقضي على مشكلة انتظار السفن لكي تعبر قناة السويس وبالتالي تقليل زمن الرحلة .
ففي ظل النظام الدولي الحديث الذي يطبق اللوجيستيات في منظومة التجارة بأكملها فإن تخفيض زمن الرحلة البحرية وتقليل وقت الانتظار حتى لو بنسبة ضئيلة يمثلان اهمية كبيرة، والقناة الجديدة تقوم بهذا الدور
فحفر الممر الجديد وتهيئته للملاحة الدولية من شأنه أن يؤدي إلى التغلب على مشكلة الملاحة بقناة السويس في اتجاه واحد وذلك في جزء كبير منها بتخصيص ممرللعبور لكل اتجاه فضلاً عن كون القناة الجديدة بديلة لقناة السويس في حالة الطوارئ أو حالة حدوث ما يعوق الملاحة بإحداهما أو في حالة صيانة إحداهما تحل الأخرى محلها، وهذا يضمن عدم توقف الملاحة من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر والعكس.
و تحدد الدراسة بالأرقام ان تخفيض التكاليف اللوجستية والتى يعتبر النقل أهم مكوناتها، حيث تمثل التكاليف اللوجستية وحدها 40% من تكاليف انتاج السلعة وأي تخفيض في زمن الرحلة البحرية سوف يقلل من هذه التكاليف. خاصة في ظل الاتجاه العالمى نحو زيادة أحجام السفن بهدف الاستفادة من إقتصاديات الحجم الكبير بهدف خفض التكاليف إلى أدنى مستوى ممكن.
و نظراً للتكاليف الرأسمالية الضخمة للسفينة فإن عامل زمن الرحلة يلعب دورا حاسما فى عدد دورات السفينة وبالتالى فى اختيار مسار رحلة السفينة وهو ما يحققه المسار الجديد لقناة السويس . و بالتالي من الأهمية الإشارة الي أن فكرة تحقيق إنجاز مشروع قومي في وقت قياسي (عام واحد فقط) قادر على استعادة الثقة فى الاستقرار السياسى والاقتصادى المصرى فإن ذلك من شأنه جذب استثمارات أجنبية مباشرة وذلك بعد هروبها إبان ثورة 25 يناير لتسجل أدنى قيمة لها 2.2 مليار دولار عام 2011/2010 مقابل 13.2 مليار دولار عام 2008/2007.
و تشير الدراسة الي ان المشروع الذي تم تحقيقه خلال عام واحد يشمل: تعميق البحيرات المرة لمسافة 30 كم تقريباً، توسعة وتعميق تفريعة البلاح 7.5 كم تقريباً وحفر قناة جديدة موازية بهدف ازدواجية المسار لمسافة 35 كم تقريباً.
ليصبح إجمالي إنجاز المشروع بالكامل 72 كم وهو ما يحقق وفر في وقت الانتظار 7 ساعات لقافلة الشمال و7 ساعات لقافلة الجنوب بما ينعكس مردوده في زيادة عدد السفن المارة بالقناة وتقليل تكلفة الرحلة للسفن العابرة قناة السويس، وعليه فتسمية قناة السويس الجديدة ليست مغالطة وهي تسمية واقعية.
ورداً على نقاط محددة بخصوص انتقاد مشروع القناة الجديدة ترصد الدراسة عدة محاور أساسية :
1- فيما يخص تطور التجارة العالمية: نظرا للنمو المستمر فى حجم التجارة العالمية وكون الغالبية العظمى منها حوالى 90% تنقل عن طريق البحر وبالتالى من المتوقع زيادة حركة السفن فى قناة السويس.
2- بالنسبة لنمو حركة وحمولات السفن العابرة لقناة السويس: تشير الأرقام الي ان هناك زيادة في حركة وحمولات السفن العابرة لقناة السويس خلال الفترة 1975- 2014 وسط توقعات بزيادة النمو مستقبلاً.
3- فيما يخص تطور إيرادات قناة السويس: حدث إنخفاض بإيرادات القناة خلال عامي الأزمة الاقتصادية العالمية وهو أثر طبيعي لمثل تلك الأزمات ولا يمكن القياس عليه، خاصة ان الاقتصاد العالمي تعافي بعد ذلك وحدث انتعاش إيرادات القناة وإن كانت بمعدلات بسيطة ولكنها معدلات نمو متتالية، وتتوقع الدراسات الدولية معدلات نمو للتجارة العالمية خلال الفترة المقبلة مما سيؤثر بشكل ايجابي على ايرادات قناة السويس.
4- المنافسة مع الطرق البديلة:
(أ) محور إيلات أشدود
عائدات قناة السويس لن تتأثر سلباً بهذا المشروع لأن هذا الخط لا يمتلك مقومات المنافسة مع قناة السويس فتكلفة النقل عبر السكك الحديدية تزيد بمقدار 3.4 ضعف عن النقل البحرى، مع الأخذ في الاعتبار كون قناة السويس تتعامل مع جميع أنواع السفن (ناقلات نفط، الغاز، وغيرها)، بينما خط سكة حديد (ايلات-اشدود) لا يتعامل سوى مع الحاويات.
(ب) مسار القطب الشمالي
لا يمثل هذا المسار أي تهديد لقناة السويس حيث إن الملاحة به موسمية 4 شهور فقط في السنة منها شهران فقط سبتمبر وأكتوبر اللذان يكاد يخلوان من الجليد بطول المسار
ج- طريق الحرير الجديد:
لا يمثل هذا الطريق تهديدا بل على العكس له أثر تكاملي سوف ينعكس بالإيجاب على زيادة الطلب على عبور قناة السويس حيث ان طريق الحرير البحري يتم ربطه بالطريق البري ومروره عبر قناة السويس
5- فيما يخص التكتلات الاقتصادية ودورها فى تقليل التجارة الدولية: الرأى بأن التكتلات الاقتصادية ودورها فى تقليل التجارة الدولية لاعتمادها على التجارة البينية الاقليمية رأي ضعيف حيث اصبحت التكتلات تتم على المستوى القاري وتضم دولا من قارات العالم المختلفة
6 - فيما يخص أن قناة السويس كانت تستقبل الغالبية العظمى من الأسطول التجارى العالمى: فالقناة يتم تطويرها باستمرار لتواكب زيادة عدد الأسطول التجارى البحرى العالمي.




منقول