الحياة رحلة وليست رصيف
منذ نعومة أظافرنا تربينا على الانتظار، قد نعلم ماذا ننتظر ولكننا لا نعلم لماذا ننتظر،
ربما تكون العادة وتقاليد المجتمع وأصنامه هي ما تدعو للانتظار.
المشكلة أننا ننتظر دون فعل شئ،، دون حركة ، ننتظر في سكون
قد يجعل أفضل ما فينا باهتا غير مضيء وليس له روح.
بينما كنت أتصفح صورة وضعتها إحدى صديقاتي على الفيسبوك عن جهاز جديد اقتنته
يساعدها في الرسم وتنمية مواهبها،
رأيت تعليق لأختها -التي تعد صديقتي أيضاَ- قائلة لها: "قولتلك.. متخليش الانتظار يوقفك".
فبينما انتظرت هذا الجهاز لكي تطور من نفسها ومن موهبتها إلا أن الانتظار لشئ
ما قد يمثل إضافة لها، قد يعوق انطلاقها بشكل ما وقد يوقف تطورها.
المشكلة أن يحدث هذا في حالة انتظار لشئ نعرف موعد انتهاء انتظارنا له،
والمشكلة الأكبر في الأشياء التي ننتظرها ونقف مكتوفي الأيدي ساكنين تماماً في انتظارها.
منذ أن تولد الطفلة تلاحقها كلمة "عقبال"؛ "عقبال ما تخش الجامعة"، "عقبال ما تخاويها"،
"عقبال ما تجوزيها"، "عقبال ماتشوفي عيالها"، دائماَ هناك شئ ما على الفتاة أن تنتظره!
وقد نقضي حياتنا كلها في الانتظار غير آبهين بما يحدث حولنا، منتظرين غاية قد تأتي أو لا تأتي،
حتى إذا أتت فوقوفنا في انتظارها ليس له معنى، وقوفنا يحولنا لكائن مؤقت.
كنت قد كتبت في كتابي الأول "مترو – فانتازيا الحياة" أننا دوماَ ننتظر على رصيف الحياة،
وهناك من ينتظر لمجرد أنه اعتاد الانتظار، وأن الانتظار قد يطول لدرجة تجعلِك تنسى
ما الذي أتى بكِ هنا، فقد تعرفي أنك تنتظري شيئًا ما لكن لم تعدِ تذكري ما هو؟
الانتظار في حد ذاته ليس سيئاً، فالانتظار في حد ذاته أمل،
أمل في وصول شئ ما، أمل في فرصة، أمل في جديد، أمل في حياة..
إلا أن الإفراط في الأمل في الغد أو الأمل في اللحظة القادمة
دون النظر للحظة الحالية التي نعيشها هو الخطأ الذي نرتكبه.
و الحل؟
الحل يا عزيزتي في عدم الانتظار، علينا أن نتحلى بالأمل، أن ننتظر شيئا جديداَ،
أن ننتظر حلماَ، أن نبقى آملين فيما هو قادم، لكن علينا الاستمتاع بالرحلة، بكل لحظة بها،
بكل تجلياتها، فنظرتنا لما هو هناك تجعلنا ننسى ما هو هنا، تأملنا في البعيد يجعلنا لا نعرف القريب.
انظري لجسدك فهو ينبض بالحياة، لقلبكـ، لعقلك، لروحك،
فهم لا ينتظرون مثلك، فقط اعملي معهم واجعلي رحلتك نابضة بالحياة أيضاَ،
فالحياة رحلة كاملة نتحرك بها شئنا أم أبينا، المهم أن نعيشها ـ
وليست رصيف لا يتحرك منتظرا لقطارات لم تأتي بعد.
اجعلي الانتظار كما قال عنه أنيس منصور
"الانتظار عند المرأة ليس وقتاً ضائعا.. إنه وقت مليء بالإحساسات والحكايات،
فالمرأة تنظر مفتوحة العينين على كل شئ ومفتوحة الأذنين أيضا.
والذي تلمحه المرأة في لحظة، لا يدركه الرجل في ساعات..".
أو كما قالت صديقتي :"ماتخليش الانتظار يوقفك"
ياسمين يوسفّ