عفواً..
فأنا المواطنُ المستقيم..
أستأذنُ إن أردتُ الكلام..
أستأذنُ إن أردتُ دخولَ الحمام..
اعتدتُ أن أنحني حينَ تهبُّ الرياح..
ثمّ استمعَ بكل إجلالٍ عندما يُجهشُ الحاكمُ بالنباح..
عفواً..
فهل أنا إنسان؟
فقد تعودتُ دوماً أن أكونَ ذلك الشيءَ الجبان..
تعلّمتُ الخوفَ حين صفعتُ أولّ مرةٍ في المدرسة..
تعلّمتُ أن أبتسمَ مجبرةً مكرهة..
تعلّمتُ ألا أستاء، فهل يستقيمُ الإستياءُ مع الغباء؟
عفواً.. وشكراً.. وهلّا سمحتم لي بالمرور،،
فأوّلُ شيءٍ تعلّمته في وطني قانونُ العبور..
يقفُ الضئيلُ فيمرّ الجميع..
بعوضٌ، وديدانٌ، وغربانٌ، وكلابُ الحاكمِ الفظيع..
فهلّا سمحتَ لي بأذُنٕ لأهمسَ فيها سرّي الخطير:
إنّي… أريد الحياة!
حتى لو كنتُ غائباً عنها في سُبات..
إنّي أحبُّ الحياة وأكرهُ ذلك الحاكمَ الحقير..
فحينَ رحيلهِ لم يقل: عفوا،ً كما تعلّمت مذ كنت جنين..
عفواً لجلدي، وإذلالي حتى أنّ الذلّ تعلّم مني كيف يكونُ ذليل..
لم يقل: عفواً.. إني أريدُ الفرار..
إنّي سرقتُ أموال الشعب في جرار..
وإنّي تركتُ هدية لكلّ من قال: إنّي مواطن..
قنّاصٌ ورصاصٌ، وتركتُ للوطن الدمار..
ألم يعلم، فقد تركَ لأبناءهِ وأحفادِ أحفادهِ عاراً وعار..
عفواً..
عفواً، لأنّي مواطنٌ له إحساس..
عفواً، لأنّي لم أخشَ يوماً الرصاص..
عفواً، فالرضيعُ فيّ تعلم تواً الكلام..
قالَ أبي.. قالَ أمي.. ردّد القرءان..
واعتادَ أن يرُد كلّ تحيةٍ بالسلام..
فصدّق أنهُ لم يَعتد أن يكنّ للحاكمِ الخائنِ الاحترام..
لأنّه ببساطة.. لم يقل شكراً، فعفواً لأنّه ذاك السرطان،،
الذي اغتصبَ بدني السليم..
فعفواً..
أنا المواطن المستقيم.