هؤلاء جمعن بين جدية العلم وما يتطلبه من تفرغ وما نتصور عن العاملين به من بعض الانطوائية، للتمثيل بكل ما فيه من مرح واعتماد على تقديم المتعة.
1- مايم بيليك (1975)
تعتبر “إيمي فرح فاولر” عالمة الأعصاب هي الشخصية الأشهر على الإطلاق للممثلة مايم بيليك، ذلك الدور الذي لعبته وتلعبه من خلال مسلسل الست كوم (نظرية الانفجار العظيم) والذي رشحت على إثره لجائزة الإيمي كأفضل ممثلة في دور مساعد أكثر من مرة. وعلى الأغلب فإن مايم لا تؤدي دورًا صعبًا عليها، فهي بالفعل قد درست علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا وحصلت على درجتي البكالريوس والدكتوراه، وكانت رسالتها للدكتوراه التي حصلت على شهادتها عام 2007 تتناول دور الأوكسيتوسين والفاسوبريسين في الإصابة بالوسواس القهري لدى المراهقين والأطفال المصابين بمتلازمة برادر ويلي.
لم تكن درجة دكتوراه مايم بيليك هي أولى الدرجات العلمية المرموقة التي حصلت عليها، ففي عام 2000 حصلت على درجة البكالريوس في الدراسات العبرية واليهودية من جامعة كاليفورنيا، وتفسر الجنسية الإسرائيلية الأصل لوالديها والديانة اليهودية دراسة بيليك لهذا المجال، حتى أنها كانت تكتب قطعا موسيقية لمجموعة الكبلا اليهودية في الجامعة، بالإضافة إلى الموضوعات التي تكتبها بشكل دوري والموجهة للوالدين عن التربية اليهودية السليمة في موقع كيفيلر اليهودي، وأكثر من ذلك فقد تبرعت بيليك بأموال لصالح الجيش الإسرائيلي عام 2014 أثناء العدوان على غزة.
أعلنت بيليك عام 2007 بعد حصولها على درجة الدكتوراه عن نيتها في توجيه وقتها للتمثيل وليس الأعمال البحثية نظرًا لما يتطلبه العمل الأخير من وقت أطول تريد بيليك قضاءه مع طفليها، حيث يبلغ أكبرهم 10 سنوات والآخر سبع سنوات. وكانت بيليك قد ألفت كتابا صدر عام 2012 – قبل شهور من إعلان طلاقها من زوجها مايكل ستون – يحمل عنوان “دليل الحياة الحقيقية لتنشئة أطفال محبوبين ذوي ثقة على طريقة التشاركية بين الأبوة والأمومة”، ولها كتاب ثانٍ صدر عام 2014 بعنوان “طاولة مايم النباتية” وتفصل فيه كيف يمكن للأسرة أن تصبح نباتية مع بعض وصفات الطعام النباتي.
وبخلاف دورها في مسلسل بيج بانج ثيوري، فإن لبيليك أدوار أخرى مشهورة، كتأديتها لشخصية (بلوسوم روسو) في مسلسل بلوسوم لمدة خمس سنوات (1990-1995)، وكانت أولى أدوار مايم وارتباطها بالتلفزيون في أحد مشاهد حلقة من مسلسل الجميلة والوحش (1987) وتأديتها حيث أدت دور (إيلي)، كما ظهرت بيليك في أحد أفلام المخرج وودي آلن عام 1994 وأدت دور (سوسان هولاندر) في فيلم (لا تشرب الماء).
2- ناتالي بورتمان (1981)
نظرًا لبراعتها في تأدية دور (نينا سايرس) راقصة الباليه في فيلم البجعة السوداء، قد يظن المشاهدون أنها راقصة باليه وممثلة فقط، لكن لناتالي بورتمان نجاحات علمية وأدبية لا يعرفها الكثيرون، ففي سنوات دراستها في المدرسة الثانوية عملت على ورقة بحثية نشرت في مجلات علمية عام 1998 بالمشاركة مع اثنين من الباحثين، وكان البحث يحاول بطريقة بسيطة إنتاج الهيدروجين من عملية إنزيمية من السكر. وفي عام 2002 ساهمت في دراسة على الذاكرة بعنوان “تنشيط الفص الجبهي أثناء نشاط الكائن: البيانات من التحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة”.
وفي دراستها الجامعية اختارت ارتياد جامعة هارفارد وتخرجت منها عام 2003 بدرجة بكاليريوس الآداب في علم النفس، وكانت بورتمان خلال سنواتها في الجامعة مساعدة للبروفيسور آلان ديرشويتز في أبحاثه.
ثم عادت بورتمان إلى القدس – مسقط رأسها وبلد والدها إسرائيلي الأصل – عام 2004 بعدما غادرتها في طفولتها إلى الولايات المتحدة، ودرست في الجامعة العبرية هناك دورات التخرج، وبعد عودتها للولايات المتحدة أصبحت أستاذة ضيفة في جامعة كولومبيا تلقي محاضرات في الإرهاب ومكافحته مستعينة في ذلك بدورها في فيلم (فانديتا). ولاهتمام بورتمان باللغات فقد تعلمت الفرنسية واليابانية والألمانية والعربية.
وكانت بورتمان تتلقى دروس رقص الباليه منذ الرابعة من عمرها، وفي عامها الحادي عشر طلب منها أحد المسؤولين في شركة ريفلون أن تصبح إحدى العارضات الأطفال في الشركة، ولكنها رفضت للتركيز على التمثيل الذي كانت قد بدأت فيه على خشبة المسرح في عطلات نهاية الأسبوع وتؤدي دورها في مسرحية خارج برودواي بعنوان “قاسٍ”، ثم في عام 1993 أدت امتحان الأداء لأول فيلم سينمائي لها بعنوان “ليون: المحترف”.
بورتمان هي الابنة الوحيدة لوالدها إسرائيلي الجنسية ووالدتها الأمريكية، وقد أعلنت بورتمان في نهاية 2010 خطبتها لراقص الباليه بنجامين ميليبيد وأكدت حملها منه، وكانا قد تقابلا خلال عملهما معًا في فيلم البجعة السوداء الذي حصلت على أوسكار أفضل ممثلة عن دورها فيه، وفي 2011 ولدت بورتمان ابنها الوحيد أليف بورتمان ميليبيد وفي أغسطس 2012 أتمت بورتمان زواجها من بينجامين في مراسم زفاف يهودية.
3- هيدي لامار (1914-2000)
لم تؤثر زواجات لامار الستة التي تنتهي بالفشل في كل مرة على حياتها الفنية أو عملها في مجال الأبحاث والاختراعات العلمية، فقد بدأت الممثلة أسترالية الأصل مشوارها الفني في أواخر العشرينات عندما أحضرها المنتج ماكس رينهاردت إلى برلين وبدأ بتدريبها في المسرح حتى حصلت على دور في فيلم بعنوان “نشوة” عام 1933 والذي مثلت فيه مشهدًا جنسيًا مع أحد الأبطال وتسبب ذلك في إنهاء زواجها الأول من تاجر أسلحة حربية أسترالي يدعى فريدريتش ماندل.
تحكي لامار في مذكراتها عن بداية علاقتها بالعلوم التطبيقية والتي كانت من خلال زوجها الأول الذي كان يبيع أسلحة لموسوليني وهتلر قبل بداية الحرب العالمية الأولى، وكانا يترددان على منزلها بدعوة من زوجها في الحفلات، وكان ماندل يصطحبها معه لاجتماعات العمل التي كانت تضم علماء ومحترفين في التكنولوجيا العسكرية، حتى قررت لامار إنهاء زواجها وخروجها من أستراليا عام 1937 إلى باريس. وهناك قابلت لويس بي ماير صاحب أكبر شركة إنتاج أفلام في هوليوود وتعاقد معها، وشهدت الفترة من 1940- 1949 نشاطًا ملحوظًا للامار بتمثيلها لثمانية عشر فيلمًا.
وبدأت أولى اختراعاتها العلمية عندما طلب منها في بداية الحرب العالمية الثانية الترويج لبيع سندات الحرب معتمدة على جماهيريتها الواسعة، وهو ما نجحت فيه بشكل كبير، ثم مع اشتداد القصف الألماني لخطوط المسافرين في البحر حاولت اختراع شيء لإيقاف ذلك ولكنها فشلت.
ولكنها لم تيأس وركزت جهودها على اختراع شيء ما لمكافحة الطوربيدات الألمانية، وعملت مع ملحن جارها في كاليفورنيا يدعى جورج أنثيل وخصصت غرفة في منزلها لاختبار التصميمات التي تعمل عليها في مجال القفز الترددي، وكانت فكرتها هي أن تطور موجات لتشتيت الموجات الراديوية المستخدمة في إشارات الطوربيدات في البحرية، وعند توجيه تلك الموجات إلى الطوربيدات تفقد الأخيرة مسارها وتتشتت أو ترتد.
ولم يتبنَّ الجيش الأمريكي تلك التكنولوجيا الجديدة سوى عام 1962 رغم تبنيه للفكرة منذ عام 1942 عندما اكتشف القائمون على نظام الاتصالات السري الأمريكي (U.S Pstent 2.292.387) ما توصلت إليه لامار ولكن البحرية الأمريكية رفضت تبني التكنولوجيا، وفي عام 1997 كرمت مؤسسة إلكترونيات بلا حدود لامار على جهودها في ومساهمتها في القفز الترددي. وكانت جهود لامار وعازف البيانو أنثيل هي المؤسسة لتكنولوجيا البلوتوث والواي فاي الحديثة.
للممثلة لامار أفلام شهيرة منها (شمشون ودليلة 1949) و(الجزائر 1938) و(المرأة الغريبة 1946).
منقول