روتانا
تشهد ظاهرة الدروس الخصوصية بدايةً مبكرةً في العديد من الدول العربية خاصةً مع بداية اقتراب العام الدراسي الجديد , حيث يبدأ أباطرة الدروس الخصوصية من المدرسين في الإعلان عن مواعيد الدروس وأسعارها التي تشهد زيادةً مطردةً كلّ عام !
و لا يجد الطلاب أو أولياء أمورهم بديلاً سوى الإستجابة أملاً فى أن يحقق أبنائهم أعلى نسب النجاح ,على الرغم ما يتكبدونه من نفاقات كبيرة تمثل فى ذاتها عبئاً ثقيلاً على ميزانية الأسرة .
فى هذا السياق يقول "محمد رمضان - موظف ولديه أربعة أبناء فى المراحل التعليمية المختلفة" :
إنّ الدروس الخصوصية قد أصبحت أمراً واقعاً وبديلاً يصعب الاستغناء عنه في ظل ما تعانيه المدارس من تكدّس كبير يحول دون تحصيل الطلاب بالشكل المطلوب مشيراً إلى أنّ الدروس الخصوصية تلتهم أكثر من نصف راتبه كل شهر ما يؤثر على نفاقات أخرى لاتقل أهمية عنها .
ويضيف "أحمد خالد – طالب في المرحلة الثانوية " كانت الدروس الخصوصية في الماضى تبدأ مع بداية العام الدراسي ولكنّها فى السنوات الأخيرة أصبحت تسبق العام الدراسي في جميع المراحل ,حيث أصبح كل مدرس يسعى لتجميع أكبر عدد من الطلاب وفرض أسعار جديدة كل عام . ويرى أن هذه الدروس جعلت كثيراً من الطلاب لايجدون فائدة من الذهاب للمدارس سوى لإثبات الحضور فحسب حيث يعتمدون بشكل كلّي على الدروس ,مشيراً إلى أن مدرس الفصل نفسه أصبح يعتمد على أنّ للطلاب بديل يغنيهم عن شرحه في المدرسة فلا يهتم كثيراً بشرح المادة أو توضيحهها ".
وفي هذا السياق يقول الدكتور "كمال مغيث - الخبير التربوي بالمركز القومى للبحوث التربوية بالقاهرة " :
إنّ من أخطر الظواهر التى تواجه عملية الإصلاح التعليمي فى المنطقة العربية هى ظاهرة الدروس الخصوصية ,نظراً لتعدد مساوئها على كافة الأصعدة والجوانب الإجتماعية والتعليمية والاقتصادية , موضحاً أنّه على المستوى التعليمي تسببت ظاهرة الدروس الخصوصية فى أن فقدت المدرسة أهم أدوارها التعليمية , حيث أصبحت الدروس الخصوصية البديل التعليمي الذي انتقل إلى البيوت ومن ثم تصاعدت جرّاء ذلك ظاهرة الغياب وهو الأمر الذي تعددت انعكاساته السلبية على الطلاب ،
حيث أفقدهم العديد من المهارات الإجتماعية ، مبيناً أن الحضور والانتظام في المدرسة يساهم في تنمية المهارات الاجتماعية للطلاب ويكسبهم مهارات وخبرات جديدة وهو ما يفتقدونه في حال التوسع في ظاهرة الغياب والتي تسبب فيها اتخاذهم الدروس الخصوصية بديلاً للعملية التعليمية في المدرسة
وأضاف : إنّ لظاهرة الدروس الخصوصية أبعاداً اقتصادية لا تقل خطورة حيث أنه أصبح ما ينفق عليها في بعض الدول يفوق ميزانية التعليم ذاتها وهو ما يعكس حجم الخلل الذي تعانية المنظومة التعليمية في هذه البلاد ويحتاج لمواجهة حاسمة من خلال وضع خطة واعية من أهمها ضرورة تغيير منظومة الامتحانات , والتي لم تعد أداة لتقييم الطالب ومعرفة مستواه الحقيقي وإنّما أصبحت وسيلةً لتفريغ المعلومات التى تلقنها طوال العام.
معتبراً أنّ إلغاء نظام الإمتحان واستبداله بنظام تقييم شهري للطلاب من شأنه أن يحد من ظاهرة الدروس الخصوصية ولكن شريطة أن يخضع ذلك لضوابط و أطرٍ تربوية تنظيمية صارمة.