في الماضي القريب كان عمل المرأة يقتصر عادة على مزاولة مهن معينة كالتدريس والتمريض والطب وكان يشكك بقدرات المرأة في ان تشق طريقها المهني او ان تنافس الرجل في ميادين عمل اخرى .
ولعل فكرة عمل المرأة باتت متغيرة اليوم عن السابق بعدما حققت المرأة العراقية نجاحا في مزاولة كثير من الاعمال التي قيل عنها سابقا انها لا تصلح سوى للرجل فالمرأة اليوم موجودة مع الرجل في جميع ميادين الحياة ولكن أخذ المرأة لهذا الدور لم يخل من بعض الاراء التي اخذت توجه الانتقاد لعمل المرأة وتحميلها الكثير من الانعكاسات السلبية على الحياة الاسرية فهناك من يحمل المرأة مسؤولية اهمال الاولاد وتربيتهم وهناك من يحملها مسؤولية اهمال واجباتها المنزلية ومسؤولية اخرى تتحملها المرأة بسبب عملها خارج المنزل وهي اهمال الزوج...
كثير من الازواج الذين تعمل زوجاتهم ما ان يتبادلوا اطراف الحديث بهذا الموضوع حتى تطفو على احاديثهم الشكوى والتذمر من عمل الزوجات الذي وفر في اغلب الحالات المساعدة المادية لميزانية الاسرة التي تساهم الزوجة العاملة بدفع جزء من مرتبها لتغطية نفقات الاسرة ولكن وحسب قول الازواج ان عمل المرأة عكس تأثيرا على دور الزوجة في تولي مهامها الاساسية التي خلقت من اجلها هذا مايراه السيد احمد قادر فيقول ردا على سؤال وجهناه لمجموعة من الرجال وهو ان كان يؤيد عمل المرأة؟
السيد كاروان رحيم يقول: اليوم هناك المرأة المتعلمة والتي حصلت على نصيب من التعليم الذي يؤهلها لنيل حقها المشروع في دنيا العمل ولكن المشكلة تكمن في احساس المرأة بمساواتها الكاملة مع الرجل والذي يغذي هذا الشعور لديها هو ممارستها الفعلية للعمل والشعور بالاستقلال المادي وهذا الامر يصعب على الزوج تحمله فهناك من الزوجات من تطالب بتقسيم المهام المنزلية اليومية بينها وبين الزوج وهذا الامر بالتأكيد لا يدعو الى الاحراج بقدر مايكون موضوع ينبع من عدم تعود الرجل العراقي عموما الذي يسعى ان يحافظ دوما على ماتربى عليه هو الذي يدعوه الى رفض هذه الفكرة من الاساس ناهيك ان بعض النساء اللواتي يهملن دورهن الكامل في الاسرة بحجة العمل وهذا ليس مقبولا عند جميع الازواج الذين ينشدون الراحة في منازلهم بعد يوم طويل من العمل وليس مقاسمة المرأة لاعمالها المنزلية التي كانت من حصتها منذ قديم الازل.
النساء من جهتهن ينظرن لمشكلة عمل الزوجة بصورة ادق تفصيلا واغلب المشاكل تمثلت بعدم فهم الرجل الشرقي لطبيعة ظروف المرأة وعملها والذي دائما هو عرضة للاستهانة به من قبل الرجل هذا ماكدته التدريسية سهند يوسف والتي قالت المرأة التي تهتم بعملها تتهم بانها مقصرة تجاه بيتها وزوجها فماذا تفعل الزوجة لترضي رغبات الزوج الذي لايكف متذمرا من المرأة التي تتحمل مصاعب كثيرة لمواجهة الحياة فالمرأة اليوم تغيرت كما تغيرت وتيرة الحياة على سبيل المثال نفقات الاسرة في الماضي كانت تقع على عاتق الزوج اما اليوم وبسبب غلاء الاسعار اصبحت المراة شريكة اساسية في ادارة الجانب المالي للاسرة واصبحت تتحمل مع الرجل جزءا من تغطية نفقات المنزل والاولاد اضافة الى تغطية نفقاتها التي غالبا ما لا يتحملها الزوج بحجة انها نفقات غير ضرورية وتجدين بعد كل هذه الامور ان اغلب المشاكل التي تعترض طريق المرأة العاملة اسريا تكمن في عدم مساعدة الرجل لها وتحمل جزء من مسؤوليات البيت والاولاد وانا اتسأل ماذا يحصل لو تقاسم الرجل مع شريكة حياته جزء من الاعباء التي تتحملها المرأة ليعينها على مواصلة الحياة ومساعدتها لتصل الى النجاح في حياتها العملية ولماذا يجب على الزوجة فقط مساعدة الرجل لينجح اليس النجاح من حق الزوجة ايضا .
وتشاركها في الرأي ايضا زميلتها في العمل التي ما ان سمعت حديثنا حتى ابدت حماسة في ابداء رأيها فقالت كريمة حمه وهي تدريسية ايضا : لقد كنت اعمل قبل زواجي وصممت ان انهي دراسة الماجستير ولكن ماان تزوجت حتى تلاشت احلامي شيئا فشيئا فانا اليوم ام لثلاثة اولاد اكبرهم في الصف الرابع الابتدائي ابدا يومي بتوصيل ابنائي منهم من اوصله الى روضته والاخر الى المدرسة والصغير الى بيت والدتي لالتحق انا بدوامي بشق الانفس وغالبا ما اصل متأخرة وفي طريق عودتي علي ان اذهب واصطحب اطفالي الثلاثة الى المنزل وابدء مشوار العمل المنزلي بعد يوم مليء بالمتاعب، ومرة من المرات طالبت زوجي بشدة ان يعينني في اعمال المنزل فما كان منه الا ان هددني بالطلاق ان عدت وتكلمت في هذا الموضوع وحتى لا تتطور الامور الى مالا تحمد عقباه رضخت لارادته ولم افتح هذا الموضوع من جديد.
بهذا الكلام ختمت كريمة حديثها واكتفت باظهار علامات تدل على عدم الرضا عن حياتها الاسرية الا ان زميلها التدريسي فاضل ابراهيم كان له رأي آخر فيقول : ان المرأة هي من تستهين من بداية زواجها بتحقيق نجاحها المهني فمثلا زميلتي كريمة لو كانت منذ البداية اتفقت على شكل الحياة مع زوجها لما كان هذا حالها اليوم هي التي جعلت زوجها يعتاد على نظام اسري معين وفجأة تريد تغييره وهذا لا يحصل دائما او يتطلب جهدا والرجل الشرقي بشكل عام يحرص على الالتزام بالعادات والتقاليد التي تربى عليها والتي تحرص على مكانة الرجل في المجتمع وللاسف دائما مايفهم الرجل هذه العادات بشكل خاطئ فمثلا لا نجد في عاداتنا مايعيب على الرجل مساعدة زوجته في جميع اعمالها سيما وانها اصبحت هي ايضا تساعده في مسؤولياته ولا ارى في عاداتنا ما يعارض نجاح المرأة سواء في دراستها او عملها وفي ديننا الاسلامي الكثير من الامثلة لنساء برعن في مجالات عدة ومنهن السيدة خديجة زوجة نبينا الكريم محمد ص والتي برعت في التجارة وكان الرسول الاعظم يعينها ويساعدها في عملها وكانت هي خير معين له على تحمل الشدائد والمصاعب . ورغم ان مشكلة عمل الزوجة تخطت المجتمع الشرقي وباتت تؤرق المجتمعات الغربية فهناك الكثير من الدراسات التي اجريت حول هذا الموضوع والتي من بينها دراسة اجرتها جامعة كامبرج البريطانية والتي بينت تزايد القلق من تأثير عمل المرأة على الحياة الاسرية والتي تقول فيها جاكلين سكوت التي اعدت الدراسة ان هناك ادلة تشير الى ان هناك نظرة الى عمل المرأة يكلفها هي واسرتها الكثير . هذه الدراسة وغيرها تؤكد ان المشكلة لا تعاني منها المرأة الشرقية لوحدها بل هي مشكلة تتطلب الكثير من الوعي لدى الزوج والزوجة لحلها ولكي توازن المرأة والتي هي نصف المجتمع بين دورها في المجتمع ودورها داخل الاسرة تحتاج الى بعض العوامل التي تساعدها في خلق هذا التوازن هذا مااكدته الباحثة الاجتماعية نيان علي : المرأة العاملة المتوازنة تكون غالبا كثيرة النشاط والاستقرار اكثر حتى من المرأة المتفرغة تماما للمنزل حيث تكون لها فرصة تحقيق الذات من خلال العمل والاحساس بالاستقرار النفسي والمادي فتقدم لابناءها مثالا طيبا يحتذى به ... وهناك بعض الآليات التي تساعد المرأة على خلق التوازن المطلوب في حياتها واهم هذه الآليات هي ترتيب الاولويات وهي نصيحة يجب ان تدركها المرأة وهي انه لايمكن تحقيق كل شيء في ان واحد فالمرأة يجب أن تراجع أولوياتها في كل فترة وفقا لظروف أسرتها لتستطيع التوفيق بين العمل والأسرة وبعض الأنشطة الأخرى ولتحقيق توازنها النفسي الذي بدونه لا تستطيع التميز في عملها اضافة الى إتباع المنهج الكيفي وليس الكمي في الحياة فالمهم هو كيفية تعظيم الاستفادة من أي وقت تملكه لأننا كثيرا ما نجد امرأة تشتكي من أنها ضحت بوظيفتها من اجل أسرتها في مرحلة معينة.ونكتشف انه لم يكن لها إضافة واضحة في هذه الفترة حيث لم تستغل وقتها مع أولادها الاستغلال الأمثلفي حين نجد امرأة عاملة متوازنة تستغل الأوقات القصيرة التي تقضيها مع أسرتها وأبنائها أفضل استغلال فتكون فعالة ومنتجة. فتحقيق التوازن بين البيت والعمل إذن مطلوب من المرأة العاملة لأن ذلك هو الفيصل في تمييز المرأة العاملة الناجحة عن غيرها .
المصدر : جريدة الاتحاد