لما حجبت ليلى عن المجنون,.. وخطبها رجل من ثقيف موسر فزوجوه وهو ورد بن محمد العقيلي,.. وأخفوا ذلك عن المجنون,.. ثم نمي إليه طرف منه لم يتحققه فقال:
دعوت إلهي دعوة ما جهلتها ... وربي بما تخفي الصدور بصير
لئن كنت تهدي برد أنيابها العلا ............. لأفقر مني إنني لفقير
فقد شاعت الأخبار أن قد تزوجت ..... فهل يأتيني بالطلاق بشير
وجعل يمر ببيتها,.. فلا يسأل عنها ولا يلتفت إليه ويقول إذا جاوزه:
ألا أيها البيت الذي لا أزوره .... وإن حله شخص إلي حبيب
هجرتك إشفاقا وزرتك خائفا ... وفيك علي الدهر منك رقيب
سأستعتب الأيام فيك لعلها ..... بيوم سرور في الزمان تؤوب
ولما بلغه أن أهلها يريدون نقلها إلى الثقفي قال:
كأن القلب ليلة قيل يغدى ... بليلى العامرية أو يراح
قطاة عزها شرك فباتت .... تجاذبه وقد علق الجناح
فلما نُقلت ليلى إلى الثقفي قال:
ألم تر أني لا محب ألومه ......................... ولا ببديل بعدهم أنا قانع
ألم تر دار الحي في رونق الضحى ... بحيث انحنت للهضبتين الأجارع
وقد يتناءى الإلف من بعد ألفة .......... ويصدع ما بين الخليطين صادع
وكم من هوى أو جيرة قد ألفتهم .............. زمانا فلم يمنعهم البين مانع
وكان للمجنون ابنا عم يأتيانه فيحدثانه ويسليانه ويؤانسانه,.. فوقف عليهما يوما وهما جالسان,.. فقالا له:
يا أبا المهدي,.. ألا تجلس..؟
قال:
لا بل أمضي إلى منزل ليلى فأترسمه’.. وأرى آثارها فيه فأشفي بعض ما في صدري بها,..
فقالا له:
فنحن معك
فقال:
إذا فعلتما أكرمتما وأحسنتما,.. فقاما معه حتى أتى دار ليلى,.. فوقف بها طويلا يتتبع آثارها ويبكي,.. ويقف في موضع موضع منها ويبكي ثم قال:
يا صاحبي ألما بي بمنزلة ............... قد مر حين عليها أيما حين
إني أرى رجعات الحب تقتلني ..... وكان في دبدئها ما كان يكفيني
لا خير في الحب ليست فيه قارعة ... كأن صاحبها في نزع موتون
إن قال عذاله مهلا فلان لهم ...... قال الهوى غير هذا القول يعنيني
ألقى من اليأس تارات فتقتلني ............. وللرجاء بشاشات فتحييني
منقول