نقاط حول المفاوضات النوويّة في مجلس تأبين المرحوم الشيخ مهدي مطلبي
بناهيان: لم يهدف العدوّ من هذه المفاوضات إلّا إلى الهجوم علينا وإبادتنا/ على أساس الحقائق التاريخيّة، بعد كل اتّفاق لابدّ أن نستعدّ للحضور إلى الجبهات/ بعد القبول بالقرار 598 لم تنتهِ الحرب بل هجم العدوّ علينا!/ إذا اتخذ مجلس الشورى الإسلامي موقفا صارما، سوف يتراجع العدوّ قطعا/ ما زال بعض الرجال يفكّرون بفرض كأس السمّ ولكن قد تغيّرت الظروف فإن قوّة الشعب الكامنة رهن إشارة السيّد القائد
الزمان: 31/07/2015
المكان: طهران ـ مسجد النبي(ص) في طهرانسر
تحدث سماحة الأستاذ بناهيان في مجلس تأبين المرحوم الشيخ مهدي مطّلبي أحد الطلبة الناشطين في التبليغ والعمل الثوري عن المفاوضات النوويّة والاتفاق النووي الأخير وأشار إلى نقاط حولها فإليكم أهمّ المقاطع من كلمته:
لقد بذل الشيخ مطلبي حياته في طريق التوعية ونقد المفاوضات
حريّ بنا في مجلس تأبين الشيخ «مهدي مطّلبي» الذي كان مجاهدا في طريق التوعية، أن نقف عند الموضوع الذي كان قد شغل اهتمامه كثيرا وبذل حياته في سبيله، وهو موضوع المفاوضات النوويّة. فلابدّ لمن يحضر في مجلس تأبين الشيخ مطّلبي أن يتحدّث أو يستمع عن موضوع المفاوضات، لأن هذا المجلس هو مجلس مبلّغ نشيط بذل حياته في طريق التوعية ونقد المفاوضات. فلا يمكن أن يأتي الإنسان ويحضر في مثل هذا المجلس ولا يتكلم عن المفاوضات أبدا.
إن المفاوضات النوويّة هي إحدى التحدّيات أمام مسيرة شعبنا كما هو امتحان إلهي امتحن الله به مجتمعنا. فلابدّ أن نلقي نظرة عميقة على هذه المفاوضات من أوّلها إلى آخرها. فبودّي هنا أن نتحدّث قليلا عن هذه النظرة العميقة وهذه الحساسية التي كان يحملها المرحوم مطلبي، لنكون قد أدّينا حقّ الموضوع شيئا ما.
النقطة الأولى) لنصدّق بوجود العدوّ!/ إن بعض الناس ينكرون وجود العدوّ من الأساس!
النقطة الأولى حول هذه المفاوضات هي «التصديق بوجود العدوّ». فلابدّ لنا من قبول هذا الواقع وهو أن لنا عدوّا. إن بعض الجهلة والبسطاء ـ إن لم يكونوا مرضى القلوب ولم يتحدثوا بأغراض معيّنة ـ لا يصدّقون بوجود العدوّ مع الأسف. فهم يعترضون أن: «لماذا تعتبرون أمريكا عدوّا! ولماذا تكثرون الحديث عن العدوّ!» فليت شعري أيّ عنوان نطلق على عملهم غير الحماقة؟!
إن بعض الناس ينكرون وجود العدوّ من الأساس. ومع الأسف منذ خمس وثلاثين عاما إلى حد الآن كان الحد الأدنى من نشاطاتنا الثقافية تصبّ في مجال معرفة العدوّ. فلا تنظروا إلى أننا أتباع حزب الله متديّنون ومحبون لأهل البيت(ع)؛ فمع الأسف إن مدى تصديقنا بوجود العدوّ ومعرفتنا به ضعيف جدّا. ولحدّ الآن أعداؤنا هم الذين تكفّلوا بأعباء معرفتنا بهم وتصديقنا بوجودهم؛ يعني من كثرة مجازرهم وما ارتكبوه من جرائم بشعة لم يبق لنا سبيل لنسيان عدائهم، وإلا فقد ودّ الكثير من الرجال أن ننسى عداء العدوّ.
إن المجتمع الذي يعاديه هذا الكمّ من الأعداء، يجب أن ينتج في كل أسبوع فيلما أو مسلسلا في موضوع معرفة العدو/ هل أن الحديث عن عداوة العدو يضعّف معنويّات الناس؟
لقد كان أعداؤنا من الخبث والشراسة وشدّة الإجرام بمكان بحيث ـ بحمد الله ـ لم تتسنّ الظروف لنا لنسيان العدوّ، وإلّا فالأجهزة الثقافية قد سعت بما فيه الكافية في هذا البلد من أجل تضعيفنا في موضوع معرفة العدوّ. إن المجتمع الذي يعاديه هذا الكمّ من الأعداء، يجب أن يبث في كلّ أسبوع فيلما أو مسلسلا جذّابا في مختلف القنوات التلفزيونية حول موضوع معرفة العدوّ.
يزعم بعض الناس أن الحديث عن موضوع العدوّ، يضعّف معنويّات الناس! في حين أن هذا الحديث يبث السرور والنشاط كثيرا، لأنّنا أصبحنا ننتصر دائما في ساحات المعركة ضدّ العدو. نحن نواصل حركتنا التقدّمية منذ ثلاثين عاما. فلا تقاس غربتنا في أيّام الدفاع المقدّس بالآن. حتى لا تقاس غربتنا قبل عشر سنين بالآن.
مع الأسف المؤسسات التي ارتزقت من الثورة الإسلامية قد قصّرت كثيرا في هذا المجال. فعندما يرى الإنسان مدى تقصير أمثال هذه المؤسسات الثوريّة لا يعتب على غيرها بعد؟! كانت مهمّة هذه المؤسسات التي تأسست بعد انتصار الثورة هي تبليغ الإسلام الثوري، ولكن تلاحظون أن شيئا قليلا جدّا من إنجازاتهم الجيّدة كانت تصبّ في موضوع معرفة العدو والصديق به.
في هذه الظروف الراهنة بعد قراءة بيان الاتفاق، يودّ الكثير أن يدقّوا على وتر الإغماض عن العدوّ
إن موضوع معرفة العدو والتصديق بالعدو هو أوّل موضوع يجب أن يعالج. وبالمناسبة في هذه الظروف الراهنة، أي بعد قراءة بيان الاتفاق ـ إذ مازال الاتفاق لم يحسم بشكل كامل ـ يودّ الكثير أن يدقّوا وبشدّة على وتر تجاهل العدوّ والإغماض عنه. فلذلك يجب أن نعير اهتماما بالغا بهذا الموضوع.
من نام عن العدوّ، سوف يستيقظ تحت وطأة العدوّ؛ فقد روي عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: «مَنْ نَامَ عَنْ عَدُوِّهِ أَنْبَهَتْهُ الْمَکَايد» [غرر الحكم/8672] و قال(ع): «مَنْ نَامَ عَنْ نُصْرَةِ وَلِيهِ انْتَبَهَ بِوَطْأَةِ عَدُوِّه» [غرر الحكم/ 8673] خاصّة في مثل هذه الظروف التي نرى فيها حولنا كم قد حدّ الأعداء أسنانهم!
ثلاثة فوارق بين العداوات الحاليّة ضدّنا وبين عداوات أيّام الدفاع المقدّس/ بدأ العدوّ يهدّد جميع حدودنا
1ـ يودّ أعداؤنا أن يوجدوا مناخا في بلدنا ـ وهم الآن يقومون بالإجراءات اللازمة لذلك ويمهّدون له بحيث نحن نسمع في كلّ يوم خبرا مرتبطا بهذا المجال ـ بحيث لا يكون احتكاككم بقضيّة العدو كأيّام الدفاع المقدّس، بل تحتكّون أكثر بكثير من تلك الأيّام.
في أيّام الدفاع المقدّس عندما كان صدّام يعزم على قصف إحدى مدننا، كان يتريّث قليلا ثم يقصف. بعد ذلك كان يبرّر جريمته ويبيّن لماذا استهدف إحدى مدننا، ولماذا قصف مدنيّين أبرياء وعزّل. بينما الأعداء الذين اصطفّوا اليوم حولنا بدعم الدول الاستكباريّة، قد حلفوا أيمانا على إبادة نسائنا وأطفالنا الأبرياء واحدا واحدا! فهذا شيء من إيمانهم ودينهم المحرّف!
2ـ لم تعد الظروف كأيام الدفاع المقدّس، فقد كان صدّام أحد أعضاء الأمم المتحدة ومضطرا للالتزام ببعض القرارات الدوليّة. فلم نعد الآن نواجه ذلك العدوّ، بل نحن أمام دولة مصطنعة ودين محرّف لا تستطيع أي جهة أن تردعها.
3ـ الفارق الآخر الذي هو أهمّ من الفارقين السالفين، هو أن هذه القوّات التي أخذ يحشّدها عدوّنا حولنا وفي سبيل البطش بنا، باتت تهدّد كلّ حدودنا. أفغانستان من جانب، وباكستان من جانب آخر، والعراق من جانب آخر. وفي الواقع هم الآن ينظّمون قوّاتهم، وفي مسار هذا التنظيم أخذوا يوحّدون التيّار التكفيري بكلّ أصنافه.
ففي مثل هذه الظروف من الحماقة بمكان أن يرى الإنسان نشاط أعداءنا العكسري تحت حماية الاستكبار، ثمّ يضع موضوع معرفة العدوّ في عداد المواضيع الفرعية غير المهمّة.
النقطة الثانية) نحن الآن نتفاوض مع أعدائنا وأعداء البشرية جميعا/ نحن نتفاوض مع أكبر كذّابين في تاريخ البشر
النقطة الثانية حول المفاوضات هي أننا نتفاوض مع عدوّنا. نحن لم نتفاوض مع الدول القويّة، بل نتفاوض مع أعدائنا وأعداء البشر جميعا. فإننا إن لم نعتبرهم أعداءنا ونذكرهم بعناوين غير «العدوّ» لم يكن ذلك من الحماقة وحسب، بل تحميقا للمجتمع أيضا.
طبعا لا بأس أن يتفاوض الإنسان مع أعدائه. ولكن ينبغي على الأقل أن نذكر ونصرّح بأنّنا نتفاوض مع أعدائنا، ونحن نتفاوض مع السرّاق والمجرمين الدوليّين وممثلي أكبر مجرمي العالم. نحن نتفاوض مع أكبر كذّابين في تاريخ حياة البشر. نحن نتفاوض مع أمريكا المجرمة التي لم تلتزم بأيّ عهدٍ ولا اتفاق على مرّ تاريخ المفاوضات الدوليّة. ففي مثل هذه الظروف بطبيعة الحال ومن الواضح أن تتصاعد الحساسيّة في خضمّ هذه المفاوضات مع العدوّ.
في استطلاع أجري قبل فترة قليلة بين مجموعة من الناس، كانت النتيجة هي أن أكثر من 70% من الناس لم يكونوا يثقون بالتزام الدول الاستكبارية بعهودهم. هذا هو الانطباع العام، وهذه حقيقة لا يعرفها شعبنا وحسب، بل يعرفها أهل العالم جميعا.
الشيخ مطّلبي كان مصدّقا بوجود العدوّ كما كان يعرف العدوّ جيّدا، وكان يعي أننا في تفاوض مع أعدائنا. نحن بحاجة إلى مثل هذه الرؤية. هذه الرؤية تعبّر عن رؤية شعبنا عموما، ولكن تقتضي هذه الظروف أن يتصدّى البعض ويتقدّمون في التوعية والتبصير ولا يخافون لومة لائم. وبالتأكيد تقتضي ساحة النشاط التبليغي أن ينزل إليها المبلّغون بأدبيات مؤثّرة تبليغيّة، لأن لا يتّهمون بالعمل الحزبي السياسي أو بالعمل لصالح جهة سياسيّة معيّنة.
عندما يطّلع الإنسان على نشاط الشيخ مطّلبي وكلامه التوعوي والتبصيري، يرى أنه يحاول أن يلفت أنظار مستمعيه إلى هذه الحقيقة وهي «أننا نتفاوض مع أعدائنا». وهذه كلمة حقّ يجب إشاعتها.
يتبع إن شاء الله...