من أهل الدار
المتماهي
تاريخ التسجيل: September-2010
الدولة: ميسان
الجنس: ذكر
المشاركات: 30,883 المواضيع: 301
صوتيات:
90
سوالف عراقية:
0
المهنة: دكتوراه/ نقد حديث
موبايلي: Ultra s24
خلاف التيار الصدري و المالكي .. وجهة نظري بخصوص مقال السيد سامر مدير المنتديات
خلاف التيار الصدري و المالكي
ملاحظة : هذا المقال يحتوي على بعض الحقائق لا كلها ، إذ الموضوع يتطلب مؤلفات ، اعتمد الكاتب على ذاكرته الآنية .. ولم يستند إلى البحث المعمق في التتبع التاريخي .. كما لم يستند إلى العمق النظري الذي يشكّل الخلاف الحقيقي الذي يمكن من خلاله التنبؤ بحتمية التقاطع قبل وقوعه .
الخلاف الذي شارك فيه الكثير و نسي أغلبهم الاطلاع على أسبابه ، الخلاف الذي يروق للبعض تبسيطه على طريقة قديمة تقول ( إن الخلاف بين شيعة أهل البيت و معارضيهم كان خلافاً على الخلافة السياسية ) !! و بكل تأكيد هو أعقد من أن يُسطّح بهذا الشكل .
هل اشتركنا بتعميق هذا الخلاف بتسفيهنا ضرورة المعرفة و الاطلاع على أيديولوجية التيار الصدري و حزب الدعوة مروراً بأدبيات دولة القانون و سلوكياتها في السياسة ؟ هل محاولة تقييم أداء مقتدى الصدر انطلاقاً من كونه رجل سياسة خطأ فادح ؟ هل يفكر السيد مقتدى بعقلية رجل السياسة أم بعقلية رجل الدين ؟ كل تلك الأسئلة و غيرها ستقودنا لما نحن بصدد الكشف عنه سبيلاً للوصول إلى حقيقة خلاف الاثنين .
في النصف الثاني من القرن الماضي ، بدأت ملامح مدرسة الصدرين تتكشف في حوزة النجف ـ مهدها الأول و الأخير حتى الآن ـ المدرسة التي لم تخالف المألوف في علم أصول الفقه و النظر إلى مبحث الحاكمية الشرعية و ولاية الفقيه فحسب ، بل تعدتها لما هو أعمق من ذلك و أبعد ، لم تكن مرجعية محمد باقر الصدر مجرد مرجعية دينية فقط ، لم يكن فقيهاً مُقلداً فحسب ، بل أسس ـ بالمفهوم الحديث ـ لنموذج القيادة الصالحة ، نموذج المرجعية غير التقليدية ، المرجعية الفكرية التي استطاعت أن تميز نفسها عن المرجعيات المألوفة التي كانت أبرز مهامها التقليد و شؤونه ، لذلك برز بشكل واضح ـ لاحقاً ـ ما يسمى بفكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر ثم لاحقاً فكر الشهيدين الصدرين ، إذن هو فكر لا مجرد عملية تقليد في الأحكام الشرعية ، فكر يختلف في الكثير عن ما سبقه أو لحقه .
ما هي ردة فعل المرجعية بالمفهوم الآخر المقابل لمفهوم مرجعية السيد محمد باقر الصدر ؟
الشيخ النعماني الذي تولى خدمة السيد الصدر الأول و الذي نجح في الهرب إلى إيران ، يجيب في بعض مؤلفاته عن تلك المرحلة و ما عاشه الصدر الأول ، إذ يكشف عن عملية تسقيط و تشويه لسمعة الشهيد الأول و ينقل بعض الأقاويل التي تضمنت ( زعطوط و يتصدى للمرجعية والتقليد ) و .... الخ ، و من المؤكد أن الكثير قرأ للنعماني ، لكن ما أخفاه النعماني هو أشد وطأة ، فقد وصلت حملة التشهير إلى النيل من عرض السيد الشهيد و أخته العلوية الطاهرة !! كما حدث لاحقاً مع محمد الصدر الذي قيل عنه ( إن أباه عقيم فمن أين أتى محمد الصدر ) !! ، حملات التشهير و النيل من آل الصدر مشهورة و قد تولت تلك الحملات وأشرفت عليها بطانات المرجعيات الأخرى المناوئة لمرجعيتهما ، و النعماني نفسه يلمح لابن مرجع مشهور في وقت الشهيد الأول كان يباشر و يدشن الشائعات و الافتراءات و يبثها ضامناً تلقيها بالشكل المطلوب من قبل الناس لأنهم يصدقون ـ على كل حال ـ ابن المرجع الفلاني ، و لست أخشى من التصريح بأنه كان أحد أبناء السيد الخوئي رحمه الله ، و للقارئ أن يتصور كيف كان الجو مشحوناً في زمن السيد الشهيد الأول و زمن السيد الشهيد الثاني و معبأ ضدهما ، و قد أوضح ذلك بشكل لا يقبل الشك السيد محمد الصدر في جملة لقاءات صوتية أو فيديوية كان أشهرها لقاء الحنّانة ، بطانات مرجعيات أخرى تشوه سمعة الصدرين و تنال منهما !! و الأمر مفتوح على مصارعيه ليبدأ بتسفيه الرأي و ينتهي بالجنون و العرض !!
الحديث في هذه النقطة بالذات قد يثير حنق البعض أو استنكارهم ، لكنما سيساعدنا هذا على فهم جانب مهم من النفسية الجمعية لأبناء التيار الصدري .
هل كان الرعيل الأول من حزب الدعوة على صلة بهذا الأمر و على معرفة بتفاصيله ؟ نعم بلا ريب ، و سأستدرج أحد هؤلاء ليدلي بدلوه هنا ليؤكد هذا أو ينفيه ، أحد المعاصرين للشهيد الأول ، رجل لا يمكن للسيد المالكي أو السيد الجعفري أن يزايده على تاريخه ، نعم كان الرعيل الأول من هذا الحزب المجاهد في عمق وعي تلك المرحلة معاصراً لنهضة الشهيد الأول و معايشاً لمعاناته و ألمه ، كان الدعاة الأوائل حواريو محمد باقر الصدر .. أولئك الذين قضوا في سجون البعث و نُكّل بهم ، الفتيات الصغيرات الشابات الطاهرات اللواتي اعتدي على أعراضهن من قبل سلطة البعث المجرم و نظام الهدام اللعين .
هنا يشترك هؤلاء الدعاة الأوائل مع أبناء التيار الصدري في معايشة المعاناة ذاتها ، فالنسخة الثانية مررت على المشهد العراقي بفارق سنوات بين الشهيدين ، أن يكون مرجعك محارباً من خارج الحوزة و داخلها !! أن يكون عرضة للتسفيه من مجتمع يناضل من أجل خلاصه ، مجتمع لم يكلف نفسه ليقرأ له أو يستمع له ... و لكل قارئ أن يسأل نفسه : هل قرأت كتب الشهيد الأول ؟ كم محاضرة سمعت له ؟ و يكرر السؤال عن الشهيد الثاني ، و لأني أعيش هذا المجتمع و أنا جزء منه و لأني سبقت وسألت هذا السؤال لعدد كبير من المثقفين و الأساتذة و الأكاديميين سأشارك المنصفين من أنفسهم علامات الاستفهام و التعجب .. كيف تعادي من لم تقرأ له و ما سمعت منه ؟!!! كيف اكتفيت بما وصلك من الشارع أو اكتفيت بجزء بسيط مما طرحه لتكون على هذه الدرجة من العداء له ؟!!
هؤلاء الذين عادوا الشهيدين الصدرين في حياتهما كوّنوا الفعل ليأتي رد الفعل بعدها من أبناء الشهيدين و أتباع مدرستهما ، هم يحملون على عاتقهم مسؤولية الفعل و ردّته .. فأي مسؤولية جسيمة تلك !!
مع مرجعية محمد الصدر و التي عاصرها جيلنا بكل تفاصيلها لم يكن الأمر بأحسن مما سلف ، ولأني شاهد عصر فقد سمعت و رأيت بأذني من أبناء مراجع و مراجع ما كانوا يقولونه في محمد الصدر ، كنتُ أقضي جلّ عطلتي الصيفية في النجف الأشرف ، أتنقل بين مدارسها الدينية و أزور مراجعها و أسمع و أسأل ، لم يكن مستغرباً أن تسمع محمد سعيد الحكيم يقول عن صلاة الجمعة و محمد الصدر ( هذا رجّال يتحلم ليلة الجمعة و يكعد الصبح يريد يحقق أحلامه ) بنبرة سخرية و استهزاء كبير ، كان يكفي أن تذكر اسم محمد الصدر باحترام عنده لتطرد شرّ طردة من مكتبه !! و للتاريخ أقول : كانت هذه مواقفهم منذ بداية تصدي محمد الصدر للمرجعية ، كي لا يتوهم البعض أنهم كانوا متأثرين بمواقف لاحقة للشهيد الثاني .
أي ألم يعتصر فؤادك و أنت تسمع شتم مرجعك و النيل منه من مراجع أو أبناء مراجع ؟!! على العموم توّج محمد سعيد الحكيم موقفه هذا بكلمة صدرت منه موثقة بالصوت والصورة بحق مقتدى الصدر لاحقاً حين قال ( مقتدى لا أصل و لا فصل ) !! في بيئتنا العراقية : الذي لا أصل له و لا فصل هو الابن غير الشرعي !! هذا ما نطق به أحد مراجع النجف و صرح به علناً ، ترى ماذا أضمر و مقولة ما خفي كان أعظم تحضر في الذهن ؟!
ليشارك مقتدى الصدر لاحقاً المصير الذي لقيه الشهيدان الأول و الثاني و بوتيرة متصاعدة مستمرة حتى ساعتنا هذه .
و الخلاصة أن رموز و قيادات مدرسة الشهيدين تعرضت لحرب لا هوادة فيها اشترك فيها النظام البائد و أمريكا و بعض القيادات الدينية العليا ، حتى هذه النقطة أكتفي بهذا النزر اليسير لأوضح لاحقاً ما يتعلق بنفسية ابن التيار الصدري و مزاجه تجاه بعض المراجع و بطانات المراجع .
2003 : !!!
في هذا العام سقط النظام البائد ، دخلت الأحزاب المعارضة للبلد بعد سنوات طويلة امتدت لأكثر من أربعة عقود .. و منها الأحزاب الشيعية ، و أبرزها حزب الدعوة و المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة محمد باقر الحكيم ، بدا واضحاً للعيان النفور بين التيار الصدري الذي تشكّل عنوانه هذا في العام ذاته تحت قيادة شابة ، و صدر غير مرة من الزعيم الشاب مقتدى الصدر أن الأقرب للتيار الصدري هو حزب الدعوة مبرراً ذلك بأنهما يتقاسمون مشتركات كثيرة و ينطلقون من نقطة شروع واحدة ألا و هي حركة الشهيد الأول الذي أسس و كان البداية ، تصريحات وصلت لقيادات الدعوة و سمعها كل متتبع ، إذن كان مقتدى الصدر واضحاً منذ البداية بخصوص علاقته مع حزب الدعوة و المجلس الأعلى ، ربما يفسر هذا لماذا بدأت التشجنات تظهر على السطح مع المجلس الأعلى حتى وصل الأمر إلى الاقتتال ـ بالمناسبة اقتتال جيش المهدي و فيلق بدر والذي كانت نتائجه إحراق مكاتب الأخير في عموم العراق كان سببه علي النجفي ابن المرجع بشير النجفي والذي قاد تظاهرة غلب عليها أعضاء فيلق بدر و عند خروجه من مرقد أمير المؤمنين و وصوله لمكتب السيد محمد الصدر المقابل لحرم الأمير هتف : أحرقوا بيوت الظالمين و أشار للمكتب ، ليحرق المكتب في دقائق معدودة ـ هذا الاقتتال الذي تبعته حرب باردة استمرت لسنوات ، و شارك فيها مجاهدو فيلق بدر في قنص أفراد جيش المهدي من الخلف و هم في اشتباك مع الجيش الأمريكي ، حرب امتدت لاستخدام أدوات السلطة و مفرداتها لتصفية الحساب من خلال ضباط الفيلق الذين تم دمجهم في قوات الشرطة و الجيش ، كما امتدت لأروقة السياسة ، لكن أين كان حزب الدعوة من ذلك ؟ و للتاريخ أقول إن محافظ النجف إبان الانتفاضة المهدوية الأولى في النجف ـ كما يسميها التيار ـ عدنان الزرفي كان مقرباً جداً من حزب الدعوة ، كما كان غالب الجزائري قائد الشرطة من الدعوة ، و هما الأبرز في مواقفهما المعادية للتيار و جيش المهدي آنذاك .. على أن تلك الحقيقة لم تكن واضحة لدى الأعم الأغلب من أبناء جيش المهدي و التيار الصدري .. كان المتهم الأول في دعم و إسناد القوات الأمريكية هو فيلق بدر و المجلس الأعلى .
كان حزب الدعوة حينها على مقربة من التيار ، فرجله الأول إبراهيم الجعفري تصرف بحكمة حين أمر بإعادة ترميم المكتب و ترميم مكاتب الفيلق و المجلس الأعلى ، و الأمور تجري حتى تلك اللحظة على أفضل ما يمكن بين التيار الصدر و حزب الدعوة ، على الأقل لم يصدر من رجل في حزب الدعوة إبان حكم النظام البائد و في حياة السيد محمد الصدر موقف كموقف زعيم المجلس الأعلى محمد باقر الحكيم حين وصف السيد الصدر بأنه ( عضو فرقة ) في حزب البعث !! و ضمن هذا المعنى صراحة في كتيب صغير نُشر سراً في محافظات الجنوب قبيل استشهاد محمد الصدر ليُوقف نشره و توزيعه لاحقاً بعد استشهاده بأمر من الحكيم نفسه ، موقف محمد باقر الحكيم كان واضحاً و جلياً و مصرحاً به للدرجة التي حين أقيم مجلس عزاء على روح السيد محمد الصدر في مسجد أعظم في إيران رفض القائمون على مجلس العزاء و الحاضرون ـ و أغلبهم من أبناء فيلق بدر الذين قلدوا محمد الصدر أي الجناح الصدري فيه المقابل للجناح الكبنجي ، و أبناء الجالية العراقية في إيران ـ حضور محمد باقر الحكيم و جوبه حضوره بالــ ...... رفضاً و استهجاناً لمواقفه من السيد الصدر ، و حادثة مسجد أعظم شهيرة يمكن الوقوف على تفاصيلها من الأنترنت ، و قد أحدث خبر استشهاد السيد الصدر موجة غضب و شعور بالظلم فانطلقت تظاهرة كبرى في مدينة قم وصولاً لمرقد السيدة معصومة سُميت بعد ذلك بانتفاضة قم أو انتفاضة السيدة معصومة و لولا وجود السيد جعفر محمد باقر الصدر و تهدئته للأمور لحدث ما حدث و في النهاية قامت عناصر الــ ( بسيج ) بفض التظاهرة بالقوة .
كل ذلك حدث قبل سقوط النظام ليؤسس لعلاقة ما سمي بعد 2003 بالتيار الصدري مع الآخرين ، كما أن التفكير بعلاقة التيار الصدري بغيره من المرجعيات و الجهات السياسية ابتداءً من عام 2003 خطأ كبير ، إذ كيف يمكن التفكير بهذه العلاقة على فرض أنها تشكلت في 2003 و الواقع يشير إلى خلاف ذلك ؟!! هل يمكن أن ننسى دور مجلة النور الصادرة عن مؤسسة الخوئي في لندن في النيل من محمد الصدر ؟ هل يمكن القول بعدم أهمية الندوات التي أقامتها تلك المؤسسة لتشويه سمعة الصدر الثاني ؟!!
و لكي نمسك زمام الأمور و نوضح الصورة مضافاً لما قدّمناه سنرصد المواقف الآتية التي ستعيننا على الكشف عن أسباب الخلاف بين التيار الصدري و المالكي لاحقاً :
- موقف النظام البائد : إذ تلخص في قول السيد محمد الصدر نفسه في لقاء الحنّانة ( هم أرادوا خفضي برفعي و رفع غيري بخفضه ) لقد بيّن النظام حينها ترحيبه بمرجعية عراقية لا إيرانية ليسقطوا سمعة الصدر خصوصاً و النظام له تجربة مع الصدر الأول و يعلم حق العلم بأن محمد الصدر تلميذه و الأب الثاني لأولاده ( السيد جعفر و أخواته ) .
- موقف مؤسسة الخوئي التي أعلنت تمردها على مرجعية السيد عبد الأعلى السبزواري و باشرت أعمالها بحرية تامة دون الاهتمام لدور أو أمر المرجعية .
- موقف المجلس الأعلى في إيران و على رأسه محمد باقر الحكيم .
- موقف أغلب مرجعيات النجف و بطاناتها من أبناء المراجع إلى من هم دون مستواهم .
- موقف الجمهورية الإسلامية في إيران و على رأسها علي خامنئي الذي انزعج من إعلان السيد محمد الصدر أن ولايته عامة و ولاية خامنئي مقيدة ، و أغلق مكتب محمد الصدر في إيران والذي كان يديره السيد جعفر محمد باقر الصدر و حظر أي نشاط يمت لمرجعية السيد الصدر بصلة .
كل هذا قبل عام 2003 ، على أن موقف حزب الدعوة لم يكن موقفاً سلبياً في العلن و لم يصدر عن هذا الحزب أي موقف سلبي إلا في حدود الحديث الخاص لبعض أعضائه و الذي يشكل قناعات فردية لا يمكن أن ترقى لموقف رسمي ، أما الموقف المعلن الذي وصل للجميع فيتضمن التعاطف مع السيد محمد الصدر .
موقف حزب الدعوة هذا يبرر إلى حد بعيد موقف السيد مقتدى الصدر تجاهه والذي تميز بالتعاطف المتبادل ، بل بالتصريح كما أشرنا إلى أنه أقرب الاتجاهات السياسية للتيار الصدري ، هذا في الجانب العاطفي ـ إن صح تسميته كذلك ـ أما الجانب العقائدي فقد سبق و تم إيضاحه .
إلى ما بعد الانتفاضة المهدوية الأولى في النجف بقيت العلاقة على أحسن ما يؤمل ، بل حتى نهاية ولاية الجعفري و في بدايات الولاية الأولى للمالكي ، بقيت العلاقة و التنسيق بين التيار و الدعوة على أفضل حال ، لذلك دعم التيار الصدري و مقتدى الصدر بالذات تسنم شخصيات من حزب الدعوة رئاسة الوزراء ، بقيت العلاقة جيدة في حدود التناغم بين فرضية المقاومة المسلحة التي تصدّر مشهدها التيار الصدري الوحيد في الجانب الشيعي و فرضية المقاومة السياسية التي نادى بها حزب الدعوة ، فماذا حدث و كيف ليكون الخلاف على أشده لاحقاً ؟
الذي حدث هو التغير المفاجئ في الأداء و العلاقة بين حزب الدعوة و السلطة ، حدث هذا على يد المالكي الذي نحى منحى آخر ، فبعد الموقف المؤيد للتيار الصدري للمالكي في ولايته الأولى بديلاً عن الجعفري وقّع المالكي أهم ورقتين :
- و رقة إعدام صدام
- ورقة اقتحام مدينة الصدر التي تطوقها القوات الأمريكية و العراقية
إذ رفض السيد مقتدى الصدر أي موقف من جيش المهدي من شأنه إضعاف المالكي و الإجهاز على عمله و إجهاض سيطرة الدولة ، لأن هذا من شأنه أن يقضي على المشروع ـ الموحد ـ الذي يجمع التيار مع حزب الدعوة ممثلاً هذه المرة بالمالكي ، و عليه فقد أصدر السيد مقتدى الصدر أوامره الواضحة بضرورة التنسيق مع الحكومة لتدخل القوات العراقية للمدينة و تقوم بالتفتيش و عدم السماح للقوات الأمريكية بدخول المدينة ، و رفض السيد الصدر المواقف المتشنجة من بعض قيادات جيش المهدي في مدينة الصدر و خارجها مؤكداً على ضرورة إعطاء المالكي فرصة إثبات قدرته على إدارة دفة الدولة ، لاحقاً تجاوز الطرف الحكومي الاتفاق و مكّن القوات الأمريكية من تجاوز الحدود المتفق عليها .
كانت هذه أول تجربة احترام اتفاق بين التيار الصدري و المالكي ، لكن ما زالت ورقة إعدام صدام غضة طرية و نشوتها ماكثة في ذهن التيار الذي يعرف قيمتها أكثر من غيره ، كما أن السيد الصدر بيّن في جملة لقاءات و بيانات و استفتاءات أنه مع إعطاء فرصة أخرى بل فرصة تلو الأخرى و أنه يدرك الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية و يضع ذلك في الحسبان في علاقته مع الآخرين ، استمرت ولاية المالكي الأولى بعد حادثة مدينة الصدر ، بدا أن المالكي جاد في أولوية الملف الأمني و مكافحة الفساد ، عيّن خلالها قيادات تنتمي للنظام البائد كان من ضمنها قيادات أمنية و عسكرية ساهمت في قمع الشعب إبان حكم صدام ، و اختلف التيار الصدري مع المالكي في هذه النقطة و بقي الاختلاف قائماً ما بين وجهة نظر التيار التي تقول بوجود قيادات كفوءة و أن الأمر لا يمكن حصره بالأيدي الملطخة بالدماء و بين وجهة نظر المالكي القائمة على الاستفادة من تلك القيادات حتى تقف الدولة على أقدامها و من ثم يصار إلى طرد تلك القيادات ، و ما بين هذا وذاك بقيت تلك القيادات بل و رفّعت و سيطرت على مفاصل الجيش و الشرطة حتى آخر لحظة في ولاية المالكي الثانية !!
في حادثة أخرى قرر السيد المالكي ـ حسب قول التيار الصدري ـ ترك المناطق الساخنة مثل محافظة نينوى التي لم تحكم بعد القوات الأمنية سيطرتها عليها و التوجه إلى المحافظات الجنوبية لشن ما يسمى بصولة الفرسان و بشائر الخير ... الخ ، و كانت البصرة على موعد مع أول عملية ، و المالكي يعلن بأنه قادم إلى البصرة لإحلال الأمن و سيطرة الدولة بدل المليشيات التي عاثت في الأرض فساداً ، هل كانت البصرة في وضع مزرٍ حقاً بهذه الدرجة التي صورها المالكي ؟ نعم إذ لا دولة في هذه المحافظة ، نعم بالغ المالكي في الأمر قليلاً إذ لا يمكن أن تكون البصرة و نينوى على طاولة الأولوية فتعطى الأولوية للبصرة حتماً ! لكن لابد من سيادة القانون في هذه المحافظة التي تحتكم إلى قانون الغابة ، ترى من لا يرحب بمثل هذه الخطوة ؟!! بدأت العمليات و صدرت الأوامر واضحة مؤكدة من السيد الصدر لمكتب السيد الشهيد الصدر في البصرة لتمكين الجيش من مهمته ، كل هذا و السيد المالكي يقول بأنه لا يستهدف جهة معينة بذاتها بل يستهدف الذين يعيثون فساداً و هذا ما قاله في خطابه الشهير حين ترك الجيش و الشرطة في البصرة عائداً إلى بغداد إذ قال ( فوجئنا باستنفار جهة معينة كل طاقاتها ... ) و عنى بذلك التيار الصدري و جيش المهدي ، إذن نحن مع تساؤلات مهمة هنا :
- هل كان جيش المهدي فاعلاً ؟ كلا فقد سبق عمليات البصرة تجميد جيش المهدي بكثير من الوقت ، و منعه من مزاولة النشاط العسكري بل و الاجتماعي لاحقاً ، و الاقتصار على عمل العصائب ـ التشكيل النوعي للتيار حينها ـ في مقاومة المحتل .
- هل التزم كل أفراد جيش المهدي بهذا التجميد ؟ في الظاهر نعم ، أما في الباطن فكانت هناك مجاميع غير منضبطة من المنتسبين لجيش المهدي تخرق هذا الأمر مراراً و تكراراً .
- أين كان يقع نشاط هذه المجاميع غير المنضبطة في الغالب ؟ في عمليات ذات مردود مالي ، عرقلة عمليات الموانئ ، التدخل في عمل دوائر الدولة و المقاولات فيها ، كل ذلك ذات مردود مالي بحت .
- ما المغري لهذه المجاميع في البصرة ؟ الموانئ بالذات ، لكن ماذا في الموانئ ؟ عمليات تجارة واسعة و ملايين الدولارات ، هل للدولة و رجالاتها علاقة بهذه التجارة ؟ نعم مؤكد .. الشخصيات و الأحزاب هم الغالبون في موانئ البصرة و تجارتها ، هل التجارة كل ما في الأمر ؟ كلا .. هناك ما يسمى بــ قطوعات النفط الخاصة التي لا يعلم بتفاصيلها حتى هذه الساعة الكثير من العراقيين بل من لم يسمع بها أصلاً !! تلك القطوعات التي يمنح فيها برميل النفط بسعر رمزي يصل إلى 16 دولار و هو على عتبة 120 دولار في السوق الرسمية !! من هم أبناء الرب المحظيين بهذه القطوعات ؟ هم : الأحزاب الرئيسة و كل حزب اختار واحداً ليخرج القطع باسمه ، و منهم الوزير و الرئيس !! منهم زيباري و المالكي على سبيل المثال لا الحصر ، فهل كانت هذه العملية في البصرة لضمان تدفق القطوعات الخاصة و الحيلولة دون عمليات القرصنة التي تستهدفها ؟ أم أنه على الأقل أحد أهدافها ؟ أترك الإجابة
- هل هذه المجاميع غير المنضبطة هي الميليشيات الوحيدة ؟ كلا .. هناك الكثير من الميليشيات غير المنتسبة للتيار الصدري .. منها سيد الشهداء .
- ما موقف التيار الصدري من هذه المجاميع غير المنضبطة ؟
- إصدار البيانات بالبراءة منهم و مطالبة الدولة بمحاسبتهم علناً في هوامش صلوات الجمع ، كل في محافظته .
- استقدامهم لمحاسبتهم في ( الخيمة ) أي تحت سلطة الإشراف المركزي على جيش المهدي في النجف الأشرف
- تزويد الأجهزة المعنية في الدولة بأسمائهم و عقد الاتفاق بين قيادة جيش المهدي و إدارة مكاتب السيد الشهيد من جهة و قيادة الجيش و الشرطة من جهة أخرى على إلقاء القبض عليهم في حال عدم تمكن الدولة من ذلك
- هل لقيت تلك الاتفاقات أذناً صاغية من أجهزة الدولة ؟ كلا ، و المفاجئ في الموضوع أنه في محافظة ما طالبت إدارة مكتب السيد في تلك المحافظة قيادة الشرطة تزويدها بقوائم المطلوبين ـ كان هذا قبل العمليات بفترة تتجاوز السنة ـ فوجئت إدارة المكتب بتزويدها بــ 16 اسماً فقط ! فأجابت قائد الشرطة بأن قوائم المكتب تضم أكثر من 140 اسماً منها الــ 16 اسماً الواردة في قائمة الشرطة ، و تم الاتفاق على تولي المكتب إلقاء القبض عليهم ، لكن قائد الشرطة أبلغ المكتب بأن ( أوامر عليا ) منعته من التجاوب و التنسيق مع المكتب !!
- كل تلك الإجراءات كانت بأمر مباشر من السيد مقتدى الصدر لمكاتب و قيادات جيش المهدي .
على كل حال بقي للمالكي ألف عذر لدى مقتدى الصدر بعد البصرة ، خصوصاً و أن الأخير أصدر بياناً مشدداً على عدم حمل السلاح بوجه قوات الجيش و الشرطة في البصرة و تمكينها من ممارسة عملياتها ، و الاستجابة للاعتقال دون مقاومة حال حدوثه ، و قد أدى ذلك لاحقاً لموجة انشقاقات في التيار الصدري الذي رأى بعض قياداته و أفراده أن مقتدى الصدر لم يكن موفقاً في قرار تمرير العمليات و عدم التصدي لها ، و من أبرز هؤلاء كان المنتمون للعصائب الذي كانوا يسيطرون على قيادات جيش المهدي في أغلب المحافظات ، و الذين أعطوا أوامر مؤكدة على التصدي للجيش و الشرطة و مقاتلتهم بكل الوسائل المتوافرة ، و للتاريخ أقول لولا أمر السيد الصدر بعدم القتال لكان الجيش و الشرطة في حال آخر ، إذ تمتلك العصائب و جيش المهدي ما يؤهلها للفوز بهذه الجولة و هيكلة القوات في جنوب العراق عموماً لا البصرة فقط ، و أترك الأمر للمختصين في هذا المجال لا غيرهم لقروا حقيقة هذا أو خلافه .
غير أن المالكي بدأ يفقد أعذاره شيئاً فشيئاً حين أمر بشن عمليات على محافظة ميسان المستقرة أمنياً ! هل يختلف اثنان من العراقيين حينذاك أن ميسان الأكثر أمناً و استقراراً سياسياً أبعد ما تكون بحاجة لمثل هذه العمليات ؟ ! كيف يمكن أن يختلفا و هي تشهد أكبر عمليات إعمار و تأسيس للبنى التحتية في العراق كله ؟! هل يمكن للشركات العمل في بيئة غير آمنة ؟ وهو ما قاله المالكي مبرراً أولوية الأمن ؟!! و بماذا خرجت العمليات في ميسان ؟ ليس سوى مئات المعتقلين كلهم من أبناء التيار و الذين لم يتبقَ منهم إلا بضع عشرات في حين برأ القضاء الآخرين ، كانت عمليات للتصفية السياسية لا أكثر و المالكي يأمر بالقبض على عادل مهودر محافظ ميسان دون غيره من المسؤولين المحليين في المحافظة !! لا لشيء إلا لأنه من التيار .. و بأي تهمة ؟ القتل ، الذي برأه القضاء منه لاحقاً ، و كأنه يريد أن يقول بأن هذه مكافأة اليد النزيهة العاملة لخدمة أبناء المحافظة ، و تزامناً مع العمليات و كواحدة من أوامرها أمر المالكي برفع صور الرموز الدينية من الشوارع ( كاتب المقال ليس مع ثقافة الصور .. لا أعلق في بيتي حتى صورة لوالدي المتوفى ) رفعت صور السيد مقتدى الصدر و السيد محمد الصدر و السيد محمد باقر الصدر التي تزدوج مع صور لهما أو لغيرهما في الغالب و لا حاجة لذكر طريقة الرفع ـ التي كان يمكن أن تكون مهنية خالصة ـ فنحن كعراقيين نعرف كيف نتصرف و ثقافة عصابات البعث ما زالت سارية المفعول ! توجهت قوة عسكرية لرفع صورة محمد باقر و عبد العزيز و عمار الحكيم من على مبنى المجلس الأعلى في ميسان ، قامت الدنيا و لم تقعد .. أخيراً تم إصدار الأمر لقاسم عطا المتواجد حينها في المحافظة بالذهاب لمقر المجلس الأعلى و الاعتذار رسمياً نيابة عن المالكي و بيديه وضع الصورة الجديدة مشاركاً إخوانه في المجلس ذلك ! كل ذلك موثق بالصورة و الصوت و بث على قنوات فضائية ! كما لم ترفع صور السيد السيستاني و لا اليعقوبي و لا أي رمز ديني إلا رموز التيار الصدري .
كانت عمليات المالكي في الجنوب عمليات موجهة للتيار الصدري و محاولة لهيكلة جيش المهدي و القضاء على التيار الصدري و جناحه العسكري .
هنا تبرز حاجتنا لما سبق و أسهبنا فيه من بيان السرد التاريخي لما قبل 2003 و الجانب المتعلق بالنفسية الجمعية لأبناء التيار الصدري ، إذ تكفلت إيران بالجانب الآخر من المؤامرة ـ حسب وجهة نظر التيار ـ فضمت العصائب و فتحت لها أبواب مغارة علي بابا ـ ملاحظة العصائب منذ فترة سابقة على ذلك تجهز وترتب الأمر للانشقاق لأسباب عديدة ـ ضمتها إلى ائتلاف دولة القانون ، و مارس المالكي ازدواجيته مرة أخرى حين أمر القضاء ( المستقل غير المسيس ) و السلطات المعنية بإطلاق سراح المنتسبين للعصائب كافة و تبرئتهم من التهم الموجهة إليهم ، و هو يعلم قبل غيره بأن الكثير منهم مارسوا القتل وضرب القانون عرض الحائط ! لم يتبق من العصائب أحد في السجون التي تضج بأبناء التيار ؟ فهل ذكّرت تلك السجون أبناء التيار بسجون النظام البائد خلال صلاة الجمعة و بعد منعها ؟ هل ذكّرهم تعيين العميد قيصر مدير أمن العمارة في أمانة مجلس الوزراء و إعطائه الحصانة من مساءلة المحكمة الخاصة التي حققت في منع صلاة الجمعة و إعدام المصلين وهدم دورهم و الشيخ حسين المحمداوي يصدح في المحكمة و من على الفضائيات مطالباً به كونه المسؤول الأول عن تلك الجريمة التي راح ضحيتها شهداء من أبناء المحافظة لا نملك لهم إلا أن نستدل على قبورهم الجماعية للتمكن من دفنهم ، هل ذكرهم ذلك باستخفاف البعث و رجالاته بمشاعر الآخرين و عضو مجلس محافظة ميسان السيد س . م يطالب علي العلاق به ليقول له الأخير بأنه لديه حصانة من السيد رئيس الوزراء ؟!!! ليفر قيصر و يبقى شهداء الجمعة طي المجهول ! هل ذكرهم تنسيب السيد المالكي بشكل مباشر لمقدم في فدائيي صدام كمسؤول للتحقيق مع معتقلي جيش المهدي للتنكيل بهم و بكل احترام لحقوق الإنسان بأنهم في مديرية أمن العمارة و قبل 2003 ؟ هل توقفت العمليات في ميسان عند هذا الحد ؟ كلا .. أبلغ قائد العمليات و هو من سكنة مدينة الصدر ، الشيخ هــ . خ مدير مكتب السيد الشهيد في ميسان بمنع صلاة الجمعة ! و بأمر من السلطات العليا ، بل من المالكي ذاته ـ حسب قوله ـ أمر سبق و سمعه هذا الشيخ و غيره من أبناء التيار في زمن صدام ، و كاد يتحقق له ما أراد لولا إصرار الشيخ و أبناء التيار الذين أغرقوا الشوارع في اليوم التالي بحشود كبيرة لحضور صلاة الجمعة ، إذن كانت العمليات تهديداً حقيقياً لا للتيار و صورته بعد 2003 ، بل لوجود مدرسة الشهيدين الصدرين و كينونتها .
هكذا بدأ المالكي يأخذ صورة صدام في ذهنية الملايين من أبناء التيار ، خسر الحلف القائم بينه وبين التيار خدمة للمصالح الأمريكية منها و الإيرانية على حد سواء ، و أكد موقفه هذا في العداء لاحقاً بالتصريح استخفافاً بزعيم التيار و التوجه إلى أقصى حد من معاداته ، خسر كل شيء مع التيار بعد أن خسر موضوعيته في أولوية الأمن و هو يتوجه لميسان بدلاً من الموصل و تلال حمرين الخارجة عن سلطة الدولة منذ سقوط النظام هي و قواطع واسعة خارج المدن في محافظات صلاح الدين و الأنبار و الموصل و سامراء ... الخ ، كما خسر موضوعيته في محاربة الفساد و هو يمنح وزير التجارة الأسبق السوداني المنتمي لحزبه بطاقة الفرار من المحاكمة والشيخ صباح الساعدي يصرخ بأعلى صوته في مؤتمر صحفي في مجلس النواب بأن لا تفعل يا نوري المالكي خسرها و هو يؤيد مرة بعد أخرى نعيم عبعوب ، خسرها و هو يحمي الفاسدين و يأمر السلطات القضائية بغلق ملفات الفساد المتعلقة بحزبه و المقربين منه ، خسر موضوعيته أمام حزبه و هو يسيّد ياسر صخيل و أبو رحاب على قادة حزب الدعوة ، و من يخسر موضوعيته مع علي الأديب كيف لا يخسرها مع التيار و مقتدى الصدر ؟ !!
تحالفه مع إيران ، و أمريكا ، و التيارات السياسية المناوئة للتيار الصدري في سبيل تحطيم التيار هي السبب الحقيقي للخلاف ، عدم ادخاره جهداً لتدمير التيار الصدري هو سبب الخلاف كما هو نتيجته ، خروجه من حزمة أدبيات الدعوة إلى أدبيات دولة القانون التي اختطها بنفسه هي سبب الخلاف ، لذلك تجد التيار لا يمانع من الاتفاق مع حيدر العبادي و هو قيادي بارز في الدعوة ، الخلاف حقاً بين المالكي و التيار لا بين التيار و الدعوة ، الخلاف نشأ لأن المالكي اختار الخروج من ثوابت حزب الدعوة بخصوص : أمريكا التي نعرف موقف الشهيد الأول منها ، و إيران التي اختار القسم الأكبر من تشظيات الدعوة اللجوء إلى أصقاع الأرض كلها دون اللجوء إليها لأنهم على وعي بما هي إيران و منهم المالكي نفسه ! الخلاف تحقق لأن المالكي تحول من داعية إلى دكتاتور ، كيف لا و هو يختلف مع حليفه في علمياته على التيار الصدري عمار الحكيم بخصوص منصب مدير عام دائرة في إحدى المحافظات لصالح حزبه !! الخلاف تعزز حين منح مقتدى الصدر المالكي آخر فرصة ليثبت موضوعيته و أمر وزراء التيار بالاستقالة لصالح نوري المالكي ليعين تكنوقراط مكانهم .. لكنه خسر هذه الفرصة ليحسم قرص هذه الوزارات لأفواه جائعة للسلطة و المال من حزبه .... هذه هي تفاصيل الخلاف من وجهة نظري ... تاركاً لغيري من أنصار المالكي فرصة النقاش و إبداء الرأي الآخر .. لا لشيء سوى أنني حين فكرت كثيراً في إيجاد عذر له وجدت التاريخ في ذاكرتي لا يخدم هذا المنحى .... كنتُ أعذره كثيراً و أقول مع كل حادثة : هو رجل دولة ... حتى حطم أبسط مقومات القول بأنه رجل دولة فعلاً .. و آخرها أن فقد ثلث العراق لصالح داعش .. لأنه تمسك بولاية ثالثة و قاد البلد لخراب لم يشهده منذ 2003 ... لم أجد عذراً له و أنا أطلع على الحقائق ما يعلن منها و ما يخفى .. ولو أنني اعتمدت على الإعلام فقط لكنت ربما من أنصاره ... ملاحظة : هذا لا يعفي الآخرين من الأخطاء .. و من بدايات التجربة و أخطائها ... محبتي