النشوز لغة : هو : أن تستعصي المرأة على بعلها وتبغضه ؟
ونشوز الرجل امرأته هو أن يضربها ويجفوها ، ومنه قوله تعالى : ( وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً ) (١) ،
والشقاق : هو الخلاف والعداوة.
وبما أنّ الأُسرة معرّضة لهذه الحوادث ومهددّة بهذه الأخطار ، لذا جعل الإسلام ـ وهو الدين المعالج لكلّ معضلة من معضلات الحياة ـ حلاً لهذه الخلافات والمشاكل ، وقرّر حقوقاً لكلّ من الزوجين على الآخر ، بعضها واجب وبعضها مستحب ، فالواجب منها على ثلاثة أقسام :
الأوّل : حقّ الزوج على الزوجة : وهو أنّ تمكّنه من نفسها للمقاربة وغيرها من الاستمتاعات الثابتة له حسب ما اقتضاه عقد النكاح ، فمِن حقّه الاستمتاع بها في أيّ وقت شاء ، ولا يجوز لها أن تمنعه إلا لعذر شرعي.
ولا أن تخرج من بيتها إلا بإذنه ، سواء كان الخروج منافياً لحقّ استمتاعه بها أولا ، بخلاف بقيّة الأفعال غير الخروج من البيت ، فإنّه لا يحرم عليها ممارستها من دون إذن الزوج إلا إن كانت منافيةً لحقّه في الاستمتاع منها.
١ ـ ينبغي للرجل أن يأذن لزوجته في زيارة أقربائها وعيادة مرضاهم ، وتشييع جنائزهم ونحو ذلك وإن لم يجب عليه ذلك ، وليس له منعها من الخروج إذا كان للقيام بفعل واجب.
٢ ـ لا يستحقّ الزوج على الزوجة خدمة البيت وحوائجه التي لا تتعلّق بالاستمتاع ، من الكنس أو الخياطة أو الطبخ ، أو تنظيف الملابس أو غير ذلك ، حتّى سقي الماء وتمهيد الفراش وإن كان يستحب لها أن تقوم بذلك.
الثاني : حقّ الزوجة على الزوج : وهو أن ينفق عليها بالغذاء واللباس والمسكن ، وسائر ما تحتاجه إليه بحسب حالها وما يليق بشأنها بالقياس إلى زوجها ، أي بما هي زوجة فلان.
وأن لا يؤذيها ، أو يظلمها أو يشاكسها من دون وجه شرعي ، وقد أكّد الإمام الصادق (ع) على هذا الحقّ في كلماته النورانيّة حيث قال لسائل سأله عن حقّ الزوجة على زوجها : « يشبعها ويكسوها وان جهلت غفر لها » ، وقال (ع) أيضاً « كانت امرأة عند أبي (ع) تؤذيه فيغفر لها (2) ».
وقال رسول الله (ص) « أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنه » (3).
وعن يونس بن عمّار قال : زوّجني ابو عبدالله (ع) جارية لإبنه إسماعيل فقال : « أحسن إليها » ، قلت : وما الاحسان ؟ قال : « أشبع بطنها ، واكسو جنبها ، واغفر ذنبها » (4).
ويكفيك قوله تعالى : ( وَعَاشِروُهَنَّ بالمَعْرُوفِ ) (5).
كما وإنّ من حقوق الزوجة على زوجها أن لا يهجرها ، وأن لا يجعلها معلّقةً لا هي ذات بعل ولا هي مطلّقة.
ولا يجوز له أن يترك مقاربتها أكثر من أربعة أشهر ، بل الأحوط لزوماً ـ إذا لم تقدر على الصبر هذه المدّة ، بحيث خاف الزوج وقوعها في الحرام ـ أن يطلّقها ويخلّي سبيلها.
الثالث : حقّ كلّ من الزوجين على الآخر : وهو ما يسمّى ( بالقِسم ) ، أي بيتوتة الزوج عند زوجته ليلة واحدة من كلّ أربع ليال ، فهذا حقّ مشترك بين الزوجين ، يجوز لكلّ منهما مطالبة الآخر به ، ويجب على الآخر الاستجابة إليه ، ولو أسقطه أحد الزوجين فمن حقّ الآخر أن يطالبه به أو يتركه فلا يطالب به ، هذا بخلاف الحقوق المختصّة بكلّ واحد منهما ، كالنفقة مثلاً فهي حقّ للزوجة يمكن أن تتنازل عنه وتسقطه ، ولا يجب عليها قبول النفقة لو أنفق الزوج عليها ، وكذلك التمكين الذي هو من الحقوق المختصّة بالزوج على زوجته ، فيجوز له أن يتخلّى ويتنازل عنه ، ولا يجب عليه القبول لو مكّنته الزوجة من نفسها ، بخلاف حقّ القِسم الذي تجب فيه الإجابة لكلّ منهما.
١ ـ إذا كان للرجل زوجتان أو أكثر فبات عند إحداهنّ ليلة ، يجب عليه أن يبيت عند غيرها أيضاً ، فإذا كنّ أربع وبات عند إحداهنّ طاف عليهنّ في أربع ليال لكلّ منهنّ ليلة ، ولا يفضّل بعضهنّ على بعض ، وإذا كانت عنده ثلاث فإذا بات عند إحداهنّ ليلة يجب عليه أن يبيت عند الأُخرتين في ليلتين ، ويحقّ له أن يفضّل إحداهن على الأُخرى بالليلة الرابعة. وإذا كانت عنده زوجتان وبات عند إحداهما في ليلة لزمه المبيت في ليلة اُخرى عند الاُخرى ، ويحقّ له أن يجعل لإحداهما ثلاث ليال وللثانية ليلة واحدة ، وبعد ذلك إن شاء ترك المبيت عند الجميع وإن شاء شرع فيه على الترتيب المتقدّم.
٢ ـ يختصّ وجوب المبيت على الزوج عند الزوجة الدائمة لا المؤقتة ، سواء كانت المؤقتة واحدة أو أكثر ، والأحوط وجوباً النوم قريباً منها على النحو المتعارف ، وأن يعطيها وجهه بعض الوقت ، ولا يجب عليه مواقعتها في ليلتها بل يكفي المضاجعة معها في الفراش.
٣ ـ يجوز للزوجة أن تهب حقّها في المبيت وتتركه لزوجها إمّا بعوض أو بدون عوض ، وأمّا الزوج فهو مخيّر بين القبول وعدمه ، فإن قبل أن تترك الزوجة المبيت عنده فيحقّ له أن يقضي ليلته فيما يشاء ، ويحقّ لها أن تهب ليلتها لضرّتها. برضى الزوج ، فيكون حقّ القسم للضرّة إذا قبلت.
٤ ـ لا يثبت حقّ المبيت للزوجة الصغيرة ، ولا المجنونة في وقت جنونها ، ولا الناشزة ـ وهي المرأة العاصية لزوجها والتاركة لحقوقه ـ ، ولو سافر الزوج أو الزوجة سقط حقّ المبيت وليس له قضاء.
٥ ـ لو تزوّج بالمرأة البكر فيستحب له أن يخصّص لها سبع ليال من أوّل عرسها ، وأمّا إن كانت ثيّباً فيخصّص لها ثلاث ليالي ، تتفضلان بذلك على غيرهما من الزوجات ، ولا يجب عليه أن يقضي تلك الليالي مع زوجاته السابقات.
٦ ـ لو كان عنده أكثر من زوجة فهو مخيّر أن يبتدئ بأيّ منهنّ شاء في المبيت ، وإن كان الأحوط استحباباً أن يقرع بينهنّ فمن خرجت في القرعة جعل الابتداء منها.
٧ ـ تستحب التسوية بين الزوجات في الانفاق والالتفات إليهن وطلاقة الوجه والمواقعة ، وكذلك يستحب أن يكون في صبيحة كلّ ليلة عند صاحبتها ، أي صاحبة تلك الليلة.
__________________
منقووووووووول