النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

كيف عرفت مصر الأدب الأفريقي

الزوار من محركات البحث: 9 المشاهدات : 484 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    عضو محظور
    彡نور الشمس彡
    تاريخ التسجيل: August-2015
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,345 المواضيع: 769
    التقييم: 4774
    مزاجي: حسب الجو
    أكلتي المفضلة: حلويات +معجنات
    موبايلي: كلاكسيA72
    آخر نشاط: 1/September/2022

    كيف عرفت مصر الأدب الأفريقي

    وكان الأفريقي نفسه يتسلل إلي الآداب الغربية ،باعتباره المخلوق الأدني والشرير ،والذي يرتقي عن الكائنات الحيوانية قليلا
    في عقود ماقبل الخمسينيات ،لم يكن الأدب الأفريقي معروفا بأي شكل من الأشكال في بلادنا ،وكانت مجرد إشارات هنا أو هناك للإشارة إلي القارة نفسها ،دون استدعاء أي كتابات أدبية لهذه القارة ،وبالطبع فالكتّاب والقرّاء العرب كانوا مشغولين بما يقدمه الغرب من ثقافات ،فكانوا يترجمون تولستوي وأنطوان تشيخوف وبرنارد شو وجوستاف لوبون وتوماس هاردي وفيكتور هوجو وغيرهم ،وعندما نقول الأدب الأفريقي فنحن نقصد أدب الأفارقة غير العرب ،ولا نقصد الأدب الجزائري أو الأدب الليبي أو الأدب في تونس علي سبيل المثال ، ولكننا نعني الأدب الذي كان يمثل الأفارقة في نيجيريا وغينيا والسنغال كأمثلة للتعبير عن العمق الأفريقي ،أو أفريقيا السوداء ،أو أفريقيا الزنجية كما درجت الصحافة والدراسات الأدبية تطلق عليها آنذاك وفيما بعد،هذا الأدب الذي تشكل خارج أفريقيا أولاكجغرافيا ،ولكنه نشأ كفكرة خارج الحيز الجغرافي للقارة ،ثم ذهب إلي أفريقيا كمكان وزمان وقضايا متشابكة .
    وكان الأفريقي نفسه يتسلل إلي الآداب الغربية ،باعتباره المخلوق الأدني والشرير ،والذي يرتقي عن الكائنات الحيوانية قليلا ،وللأسف هناك كتاب كبار انزلقوا إلي هذه التعبيرات في الغرب ،ففي عام 1930 أعلن الجنرال جان كريستيان مؤسس سياسة التفرقة العنصرية في جنوب القارة قائلا :”إن الزنجي هو أشد الحيوانات صبرا وجلدا بعد الحمار”، وللأسف فإن دائرة المعارف البريطانية في طبعتها عام 1797 قد حشدت في مادة “زنجي” قائمة من الخصائص المزعومة كما يذكر علي شلش في إحدي متابعاته منها :(الخيانة والقسوة والخسة والتهور والميل إلي السرقة والكذب والانحلال والإلحاد ..)،وكان من تعريف الزنجي كذلك :”أنهم غرباء علي كل عاطفة وحنان ونموذج لانحلال الإنسان وفساده حين يترك وشأنه”.
    وبالطبع فإن هذا التعريف بالأفريقي ،انسحب علي كافة المستعمرات الفرنسية والإنجليزية والبلجيكية التي كانت تنتشر في كافة أنحاء الكرة الأرضية ،ولم تكن هناك إرادات قوية ومستقلة للأفارقة، والشعوب المغلوبة علي أمرها ،إلا بعد أن قامت ثورة مصر عام 1952،وبعدها انفتحت أبواب حركات التحرر في القارة ،وحدثت أشكال من الدعم المادي والسياسي ، ثم قامت حركة باندونج ،التي وضعت أفريقيا علي خريطة العالم الجديد ،ليست أفريقيا المحتلة ،بل أفريقيا الناهضة والساعية نحو التحرر والتطور والتخلص من كل أنواع العبودية.
    وبالتالي كان الأدب هو إحدي أدوات التعبير عن هذا النهوض الأفريقي العارم ،ولم يكن هذا النهوض يخص الجانب غير العربي في القارة الأفريقية ،بل إنه امتد ليشمل بلادا أخري عربية ،وكان الشاعر محمد الفيتوري المصري السوداني ، هو أحد الشعراء الفتيان الذين تصدوا للكتابة عن أفريقيا ،وللتصدي للتاريخ الدامي لاضطهاد الأفريقي ، واستهجان وجوده في العالم.
    وهنا لا بد أن نشير إلي التباس فكرة الأفرقة في الأدب ،وحول هذا الأمر نشبت بعض المشاغبات التي لا بد من ذكرها هنا ،فمن المعلوم أن معركة شهيرة ثارت في القاهرة حول الأدب الأفريقي ،وكان طرفا المعركة هما الشاعر محمد الفيتوري الذي حمل القضية الأفريقية علي عاتقه كقضية محورية في النضال التحرري الأفريقي من ناحية،والناقد الواقعي محمود أمين العالم من ناحية أخري ،وعندما كتب الفيتوري قصائده الدفاعية عن الأفريقي ،وعن اضطهاد الأبيض بشكل عام للأسود المتعدد والمنتشر في بلاد العالم ،انتقده العالم علي صفحات مجلة الآداب اللبنانية ،واعتبر أن قضية اللون ، ماهي إلا قضية ثانوية ،وإبرازها علي هذا النحو ،قد يعطّل من تطور القضية الاجتماعية الطبقية الأشمل ،ولكن الفيتوري، أبان وأوضح ودافع ،إن قضية الأسود الأفريقي قضية طبقية واجتماعية في الأساس ،لأنها قضية تمييز عنصري واضح ، ولا يمكن فصلها بأي شكل من الأشكال عن القضية الكبري ،وهي صراع الانسان عموما ضد أي تمييز قائم في الحياة ، أيا كان هذا التمييز ،التمييز الطائفي أو اللوني أو الطبقي أو الفئوي أو القبلي والديني وهكذا.
    وكان ديوان محمد الفيتوري الأول ،الذي صدر عن دار الآداب عنوانه :”أغاني أفريقيا”،وللمفارقة أن محمود أمين العالم هو الذي قدمه ،بعد أن وضع أساسا متينا للقضية ،وتضمن الديوان قصائد تحمل عناوين واضحة وصارخة في الوقت ذاته ،مثل “ثورة قارة ،و”أغاني أفريقيا “،و”أنا زنجي”و”الطوفان الأسود”و”حدث في أرضي”،وهكذا من القصائد التي كانت صوتا جديدا ،ورياحا مختلفة علي الأدب العربي،ولم يكتف الفيتوري بهذا الديوان ،ولكن العناوين والقصائد التي جاءت فيما بعد ،عمّقت من لفت النظر حول القضية الأفريقية في الأدب عموما.
    ويستعيد الفيتوري هذه المعركة في ديوانه “اذكريني يا أفريقيا “الذي صدرت طبعته الأولي عام 1966 قائلا :”إن محمود أمين العالم أكثرهم جدية ،وإحساسا بمسئولية الناقد ،إنني أحمل له قدرا كبيرا من المحبة والتقدير ،غير أنني أثق تماما ،في خطأ موقفه من هذا الاتجاه الشعري الجديد الذي تبلورت ملامحه في ديواني “أغاني أفريقيا”..هل الخطأ في التفسير ؟في النظرية أم في التطبيق ؟..قلت له ،وأنا أناقشه في مجلة الآداب :إنك لا تستطيع أن تتعمق مأساتي ..لأنك لا تستطيع أن تعيش تجربتي ..قال لي : إنها مأساتك الخاصة ،تسقطها علي قارة بأكملها علي أفريقيا ..إنك شاعر مريض ..قلت له : المرضي كثيرون ،وأنا واحد منهم ..كلهم يعانون مثلي ..أقصد كلنا ..ثق فيما أقول ..وأنا أريد في هذه المرحلة من شعري أن أتطهر من مرضي بأن أبوح به ،لقد جرؤت علي أن أكسر الصدفة من الداخل ،ولذلك تجدني أغني مبتهجا بمادة حزني”.
    ولا ينتهي الأمر عند الفيتوري ،فهو الملقب بعاشق أفريقيا ،وهو الذي ظلّ يغني لها في أشعاره ،وكتب مسرحيته “سولار”أو “أحزان أفريقيا”، ليضع قدما راسخة للتعريف بهذا الأدب في اللغة العربية.
    ومن ناحية أخري كان هناك الشاعر عبده بدوي ،وهو أول من قام بالتعريف علي نطاق متوسط بالأدب الأفريقي ،بل إنه تجاوز ذلك ،إلي التعريف ببعض الأدباء العرب الذين ذهبوا وعاشوا في أفريقيا ،وتبنوا القضية الأفريقية ،ودافعوا عنها بشكل مثير وعادل في الوقت ذاته ،ومن هؤلاء الشاعر السوري عبد الباسط صوف،وهنا لا ننسي المسرحية التي كتبها الكاتب والقاص رؤوف مسعد عن الزعيم الأفريقي لومومبا.
    ثم كان علي شلش الذي قرأ عام 1957في مجلة أمريكية وهي مجلة »atlantic « الثقافية ،ملفا يضم مجموعة من القصائد والحكايات الشعبية والقصص القصيرة من غرب أفريقيا ،خاصة من نيجيريا ،وبعد قراءته لهذه المادة الغنية ،ونالت كامل إعجابه ،ومنها تعرّف علي أصوات جديدة وعفية ومختلفة في الأدب ،وبدأ شلش رحلة التعريف الواسع بالأدب الأفريقي ،وترجم هذه القصص والقصائد ،وراح ينشرها في المجلات والصحف المصرية والعربية ،وأصدر أول كتاب عام 1963 عنوانه “من الأدب الأفريقي”.
    وكانت القاهرة في عقدي الخمسينيات والستينيات تعمل كمركز كبير وواسع لاحتضان حركات التحرر الوطني في العالم الثالث ،وكانت تحتضن كذلك مثقفين وكتابا وزعماء أفارقة ،واستعان علي شلش ببعض هؤلاء ، وكان يستعرض معهم أهم الإصدارات الشعرية والروائية والمسرحية في أفريقيا ،وكان اندهاشهم كبيرا بهذا الاهتمام الذي يكاد يكون فرديا واستثنائيا ،وكانوا مقدرين لهذا التقدير الذي يصدر من رجل مخلص كهذا الرجل ،حيث إن الأدب الأفريقي كانت صورته في البلدان الأوروبية ،مجرد آداب فلكلورية فقط ،وليست أدبا إنسانيا فائق القيمة ،وشديد الأهمية ،ومن هنا تأتي أهمية علي شلش الذي نقل بعض آثار الأدب الأفريقي في إصدارات عديدة أخري ،منها كتاب “سبعة شعراء من أفريقيا”،الذي صدر عن دار الهلال عام 1977،لمؤلفه جيرالدمور ،وكان الكتاب يتضمن التعريف بالشعراء الذين يكتبون باللغتين الفرنسية والإنجليزية ،وهم ليوبولد سنجور ،وداود ديوب ،وأموس توتولا ،وتشنوا اتشيبي ،وكامارا لابي ،ومونجو بيتي ،وحزقيال مفاليلي.
    وجاء هذا الكتاب ليضع قضية الشعر الأفريقي ،في صدارة الأدب العالمي ،رغم أن هؤلاء الشعراء والأدباء كانوا متأثرين بشكل أو بآخر بالآداب الأوروبية ،ولكنهم بذلوا مجهودات مضنية ،لإبداع شعر يعبّر بشكل قوي وحاد عن الشخصية الأفريقية ،والقضية الأفريقية ،والقارة الأفريقية التي عاشت طويلا تحت كافة أشكال الاستبداد السياسي والعنصري والطبقي واللوني والاجتماعي.
    وفي عام 1979 أصدر علي شلش كتابا عن “الدراما الأفريقية ” متضمنا بعض المسرحيات التي واكبت التطور الأدبي الكبير الذي كانت تعيشه أفريقيا ،وحققت فيه إنجازا ملحوظا ،وبدأت كتابات كثير من أدبائهم تنال اهتماما واسعا في اللغات الأخري ،إذا كان هذا الأدب مكتوبا باللغتين الإنجليزية أو الفرنسية ،أو كان مكتوبا باللغات الأفريقية الخاصة،مثل اللغة السواحيلية،وفي عام 1986 أصدر كتابا عنوانه “مختارات من الأدب الأفريقي”،ثم جاء كتابه الأهم والأشمل وهو “الـدب الأفريقي”،الذي يعتبر من أهم ماصدر في ذلك الوقت “1993” للتعريف الواسع بهذا الأدب،حيث إن الكاتب أجري جولة نقدية واسعة وعميقة في الشعر والمسرح والرواية والقصة القصيرة والسيرة،وطاف بأهم ملامح وكتّاب الأدب الأفريقي.
    ولم يقتصر الأمر كذلك علي كتاب وناقدين عرب فقط ،بل استكتبت مجلة الهلال القاهرية بعض الأفارقة للتعريف بالأدب الأفريقي الناهض ،ومن بين هذه الدراسات التي قدمها أفارقة يعيشون في القاهرة ،ويدرسون اللغة العربية ،جاءت دراسة “الأدب الأفريقي الجديد”للشاعر الأفريقي جورج أدورنو ويليامز،ونشرها في العدد الصادر في أول أكتوبر عام 1964،وبدأ

    أدورنو دراسته قائلا :”ماالذي نعنيه بالتجديد عندما نتحدث عن الأدب الأفريقي ؟،هل هو أدب له مميزاته الخاصة والبارزة أم هو أدب تابع لأجناس الأدب الأوروبي ؟”،ويضرب أدورنو مثالا برواية شهيرة في الأدب الأفريقي عنوانها “لم يعد يشعر بالاستقرار” للأديب النيجيري تشينا آشبي ،وتساءل أدورنو :”هل هي مجرد إضافة إلي كيان الأدب الانجليزي ؟ هل يمكن أن يكون هناك أدب أفريقي كتب بأي لغة أجنبية؟”، ويعقب أدورنو :”إن هذه أسئلة تثير بعض القضايا الأساسية التي نتعرض لها عندما نقدم صورة عن الأدب الأفريقي”،ويحاول أدورنو أن يصل إلي تعريف شبه مختصر للأدب الأفريقي فيقول :”إن الأدب الأفريقي هو ذلك النتاج الأدبي الذي يعالج التجارب الأفريقية معالجة متكاملة والذي يتشبع فيه العمل الإبداعي بأكمله ببعض قيم الأصالة العامة ،ومن ثم ،فإن هذا التعريف لا يتضمن فقط الأدب الذي كتبه أفريقيون باللغات الأوروبية المختلفة ،وأوسعها اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية ،وإنما هو يتقبل كذلك الأدب الذي يكتبه زوار لأفريقيا ،هضموا واستوعبوا تجربة أفريقيا واستطاعوا أن يصلوا إلي درجة معينة من التكامل والأصالة”.
    وهنا يطرح أدورنو قضية ذات إشكاليات عديدة ،هذه الإشكاليات لا تخص الأدب الأفريقي فقط ،بل تخص الآداب العالمية جميعا ،وهنا سوف نتطرق إلي الروايات والأشعار والمسرحيات التي كتبها مبدعون عرب مثل محمد ديب ومالك حداد ومولود فرعون ومولود معمري وغيرهم من كتاب الجزائر ،أو وجيه غالي وأهداف سويف اللذين كتبا إبداعاتهما بلغة غير عربية ،وهل نطلق علي هذه الآداب بأنها آداب عربية ،أم أنها آداب تنتمي إلي اللغة التي كتبت فيها ،ولكي لا يحدث هذا اللبس ،فقد حاول أدورنو أن ينشغل بالأدب المكتوب عن التجارب الأفريقيية السياسية والوطنية والاجتماعية الأفريقية ، وليس لكونه الأدب المكتوب بلغة محلية ،وكتبه أدباء أفارقة فحسب.
    وظلت هذه القضية فيما بعد تشغل كتابا ونقادا كثيرين ،وفي هذا المجال كتب كذلكالدكتور علي شلش دراسة،ونشرها في مجلة “الزهور”،وكان عنوانها “أفريقيا ..في أدب غير الأفارقة”.
    وعلي سبيل المثال فنحن لا نستطيع أن ننسب مسرحية “لومومبا” للكاتب المصري رؤوف مسعد ،إلي الأدب الأفريقي ، وهو يتعرض في هذه المسرحية إلي أدق القضايا التي تعرض لها لومومبا ،منذ أن تحررت الكونغو من الاستعمار البلجيكي ،وهو يصوّر لومومبا في المسرحية باعتباره القائد الخائب ،الذي ارتمي في حضن اليمين ،وترك كل قوي اليسار التي ساعدته ودعمته ،وأوصلته إلي السلطة ،وينتقد مسعد ،وكأنه واحد من هناك تصرفات لومومبا ،ووصفه بأنه خان رفاقه ،واعتمد علي قوات الأمم المتحدة لحمايته ،بل إنه لم يستطع التخلص من الجيش العميل والموالي للقوي القديمة التي ثار من أجلها ،لذلك فقد سقط صريعا ،بعد أن قتله جنود تشومبي ،ووقعت البلاد مرة أخري في دوامة من الصراع.
    إذن هل نستطيع أن ننسب هذه المسرحية إلي الأدب الأفريقي ،أم أننا نقول عنها بأنها مسرحية عربية ،ولكنها منشغلة بقضية أفريقية؟،وهذا ينسحب علي أعمال ونصوص كثيرة ،منها رواية “عتبات الجنة” للكاتب المصري فتحي إمبابي.
    وفي مجال التعريف بالأدب الأفريقي لا بد أن نذكر بتقدير كبير ، الناقدة الدكتورة إنجيل بطرس سمعان ،التي نقلت إلي العربية رواية “الأشياء تتداعي”، للكاتب شينوا أتشيبي، ونشرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1971،وكتبت تحت عنوان الرواية “رواية أفريقية”،وكانت الدكتورة إنجيل قد أعدت دراسة سابقة عن الأدب الأفريقي المعاصر ،ونشرتها في مجلة الفكر المعاصر المصرية ،في ديسمبر 1970، ونشرت هذه الدراسة المهمة ،كمقدمة للرواية ،وتحدثت عن أهمية هذه الرواية في الأدب الأفريقي .
    بعد عبده بدوي وعلي شلش وإنجيل بطرس سمعان وآخرين ،أصبحنا نقرأ أنواعا من الأدب الأفريقي في صحف ومجلات كثيرة ،مصرية أو عربية ،حتي جاءت الدكتورة رضوي عاشور ،وذهبت إلي الولايات المتحدة الأمريكية ، لتدرس الأدب الأفريقي المقاوم ،أو بمعني أصح “أدب السود في أمريكا”،ثم عملت علي تطوير الدراسة ،حتي تتناول الآداب الأفريقية عموما ،باعتبارها آداب مقاومة لكافة أشكال التمييز ،وفي الوقت نفسه يعتبر من الآداب الانسانية الفريدة والغنية في عالمنا المعاصر،وقد أعدت تلك الدراسة فيما بعد ،ونشرتها تحت عنوان “التابع ينهض..الرواية في غرب أفريقيا”،وصدرت عن دار ابن رشد في بيروت للمرة الأولي،وفي هذا الكتاب درست رضوي اتجاهات الأدب الأفريقي عموما ،وركزت بشكل خاص علي فن الرواية ،باعتباره الفن الأكثر قدرة علي تناول القضايا الاجتماعية والسياسية بشكل أكثر وضوحا وشمولا.
    هذه مجرد إشارات عابرة ،تحتاج إلي تعميق وتوثيق وتوسع ،نأمل أن يتحقق ذلك فيما بعد إن شاء الله.جاءت تأثيرات القطيعة الأفريقية؛ واضحة بقوة في الدورة الثانية لملتقي القاهرة الدولي لتفاعل الثقافات الأفريقية، الذي انطلقت فعالياته يوم الاثنين من الأسبوع الماضي بالمجلس الأعلي للثقافة، تحت عنوان “الهوية في الآداب والفنون الأفريقية”، لينتهي مساء الأربعاء مخلفًا وراءه أكثر من 60 بحثًا، والكثير من التساؤلات، والرؤي حول كيفية التواصل الحقيقي بين الشعوب الأفريقية.
    تجسدت تأثيرات القطيعة في ضعف التواصل بين المثقفين المصريين والأفارقة، خلال الجلسات والحلقات النقاشية، في دورة شهدت حضور عدد كبير من أهم أدباء ومثقفي القارة السمراء، وصل عددهم إلي تسعين باحثًا وأديبًا يمثلون 24 دولة أفريقية.
    ركزت الورقات البحثية التي قدمها الباحثون المصريون علي محورين رئيسيين، هما: انعدام التواصل الثقافي بين مصر والقارة السمراء، وضرورة اللجوء إلي الترجمة كأحد الحلول الأولية لإنقاذ ما تبقي من روابط أصيلة بين مصر والشعوب الأفريقية، فيما ركزت الأبحاث والدراسات التي قدمها الأفارقة علي الهويات الأفريقية المتعددة، واظهار التطور الذي مرت به الشخصية الأفريقية بعد حقبات طويلة من الاستعمار، وميراث فادح من القهر والظلم والقمع الذي مارسه الغرب ضد شعوب القارة السمراء.
    نجاح سياسي وفشل ثقافي
    في ورقته البحثية التي جاءت بعنوان ” الشخصية الأفريقية في مواجهة العولمة…الحاجة إلي رؤية ثقافية للاتحاد الأفريقي”، قال الباحث المصري الدكتور السيد فليفل: إن الاتحاد الأفريقي قدم جهدًا ملموسًا للقارة الأفريقية؛ سياسيًا، واقتصاديًا، أما علي الجانب الثقافي فإننا لا نلحظ نشاطًا مماثلًا علي الرغم من التشوه الذي تعانيه صورة الإنسان الأفريقي، سواء عبر شبكات المعلومات الدولية أوالفضائيات أو وكالات الأنباء الوطنية في الدول المتقدمة، فضلًا عن سيادة صورة نمطية سلبية سواء للإنسان الأفريقي، أو للدول الأفريقية، أو لحالة التقدم الحضاري في القارة. واقترح “فليفل” عقد قمة أفريقية مختصة بإعادة الاعتبار للشخصية الأفريقية ورفض امتهانها وتصعيد رؤية إيجابية عنها، كما دعي المثقفين إلي التركيز علي الجوانب الإيجابية للشخصية الأفريقية في أعمالهم حتي يُشكل هذا حافزًا علي التفاؤل ومقاومة الإحباط ويمنع الأجيال الجديدة من الاستسلام للتخلف والقبول به باعتباره واقعًا لا مناص منه.
    الحديث عن الثقافة أمر غير ممكن
    جاءت الورقة البحثية التي قدمها الباحث السوداني حيدر إبراهيم علي، بعنوان ” الشخصية الأفريقية وتصارع الهويات”؛ كاشفة لواقع المجتمعات الأفريقية، وأزماتها التي صنعها الاستعمار، إذ قال حيدر في ورقته التي أثارت اهتمام الحضور: تميزت أفريقيا المعاصرة بفشل الدولة والمجتمع، مما جعلها مكشوفة للعولمة والرأسمالية المستوحشة، والتطرف الديني الإرهابي، وعودة القبلية والعنصرية بأشكال متجددة. وتعجز أفريقيا في عملية الولوج في الحداثة، فتقنع بتجديد الاستبداد وبعث التخلف والتبعية في كؤوس جديدة. وتفتقد أفريقيا تلك الشخصيات الكارزمية التي بزغت إبان صعود حركات التحرر الوطني، ورضيت بترك مصائرها لقادة متوسطي القدرات ليحكمون بالتجربة والخطأ وبلا رؤي.
    وأضاف الباحث السوداني أن القارة السمراء دخلت عصر العولمة حسب الزمن الفلكي، أي القرن الحادي والعشرين، ولكن حسب مستوي التطور الحضاري، فهي تقف قرونًا كثيرة خلف العصر، لأنها -بحسب قوله- مثقلة بالفقر والجوع والأوبئة والفساد والقمع، ومن ثم اعتبر “حيدر” أن الحديث عن الثقافة أمر غير ممكن، مشيرًا إلي أن المشكلة ليست في البحث عن هوية أو معرفة من نحن؟ ولكن السؤال الرئيسي هو “كيف يمكن تهيئة شروط ازدهار الثقافات الأفريقية واحترام تطورها وتنوعها، ونحن نتابع أخبار”بوكو حرام” ومطاردة المهجرين في جنوب أفريقيا والاقتتال الديني والإثني في أفريقيا الوسطي والسودان!!
    “التاريخ…لم يخلق الهويات المتطرفة في أفريقيا” تحت هذا العنوان، قدم مقرر الملتقي الكاتب والباحث الكبير حلمي شعراوي، ورقته البحثية، أكد فيها أن التاريخ الحديث الذي شهد التوترات الأفريقية الكبري لم يحمل في ذاته عناصر التعصب والإقصاء، مشيرًا إلي أن التواريخ الوطنية التي شهدت “حروب التحرير الوطنية” وحتي حركات الكفاح المسلح ضد عدو “للأمة”، لم تؤد إلي عنف محلي مقرون بالكراهية المدمرة بين عناصر الأمم علي النحو الذي نراه. وأضاف “شعراوي” أن التواريخ الوطنية نفسها شهدت “حركات جهادية” دينية أو مهدوية، في غرب وشرق ووسط القارة، وكانت تعني التحرر فترة، أو نشر العقائد مرات، علي يد دعاة كبار مثل “دان فوديو”، و”الكانمي”، لافتًا إلي أن حركات الجهاد نفسها مضت لتخدم قيام مساحات التوحد في غرب ووسط القارة دون كل هذا العنف الذي يمارس الآن.
    وفي نهاية ورقته يطرح “شعراوي” مجموعة من التساؤلات حول أسباب العنف الجاري الآن في القارة السمراء، إذ يقول: إلي أي حد نستطيع أن نربط العنف الجاري الآن في القارة بالتاريخ الوطني إن جاز التعبير، أو بأية أبعاد ثقافية، أو فكرية معاصرة؟ كيف يجري تفتيت الهويات التوحيدية (تقليدية أوحديثة) علي هذا النحو لينبعث هذا العنف الوحشي في أنحاء القارة، ودون أن نعرف مصادره في تسييس الدين أو استغلاله، أو تكوين مصالح إمبريالية حديثة؟، هل هي المصالح الفئوية؟ أم مافيات تبعث أصواتًا لا صلة لها بكل هذا الواقع الأفريقي أو العربي، في ظل غياب نخب حقيقية أو قوي اجتماعية صاعدة تصمد لمصالحها ضد هذه المافيات؟ وما الذي يتطلبه ذلك من تكوين ثقافي نهضوي حقيقي؟
    لم تكن هناك توصيات واضحة للمؤتمر، بل ثمة وعود باصدار سلاسل ثقافية لتحقيق التواصل الثقافي بين مصر والقارة السمراء، فرئيس الهيئة العامة للكتاب الدكتور أحمد مجاهد، يعد باصدار سلسلة خاصة بالدراسات الأفريقية تصدر عن الهيئة، يرأسها- حسب قوله في إحدي الجلسات- الكاتب والباحث في الشؤون الأفريقية حلمي شعراوي.

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الدولة: بغداد
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 75,466 المواضيع: 12,588
    صوتيات: 5 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 16970
    مزاجي: حسب الظروف
    المهنة: ضابط في الجيش
    أكلتي المفضلة: الدولمه
    موبايلي: Note 4
    آخر نشاط: 5/March/2016
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى النقيب
    مقالات المدونة: 366
    شكرا للموضوع الرائع اختي

  3. #3
    عضو محظور
    彡نور الشمس彡
    انرت اخي العزيز بمرورك العطر

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال