التأخّر النطقي واللّغوي هو الأداء النطقي واللّغوي المتأخّر عمّا هو متوقّع للطفل وبشكل ملحوظ. إنّ أي ضعف في الأداء النطقي أو الكلامي يمكن أن يكون له أثر كبير سواء من الناحية النفسية أو من ناحية التفاعل لإجتماعي.
تعود كلمة تأخّر أو اضطراب إلى جميع المشاكل التي تعتري التّواصل البشري والمواضيع ذات العلاقة بها، مثل (فعالية أداء أعضاء النطق). ويتراوح ذلك بين الإصابة البسيطة مثل استبدال صوت مكان آخر أثناء الكلام، إلى الإصابة الشديدة مثل عدم القدرة على الكلام نهائياً.
ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب من أبرزها:
1.عضوية أو عصبية: مثل الأمراض التي تصيب أعضاء النّطق أو المناطق ذات العلاقة بالنطق أو اللّغة أو الفهم في الدماغ.
2.تشريحية: أي إصابة أو تشوه لأعضاء النّطق مثل انشقاق الشفّة أو سقف الحلق أو استئصال الحنجرة
3.وظيفية: وتشمل أي اضطراب لا يعرف له سبب واضح. أو يكون السبب المعتقد هو سوء الاستخدام (مثل الضرر الذي يلحق بالحبال الصوتية جراء الصراخ) أو خطأ في التعلّم مثل بعض الأخطاء النطقية.
نسب الإصابة: ليس هناك دراسة توضّح نسب الإصابة في الدّول العربيّة بالتحديد (على حد علمي المتواضع).
وقد أظهرت دراسة في الولايات المتحدة أجريت في العام 1993 ـ 1994أن نسب اضطراب النطق واللغة بلغت الربع في المدارس العامة التي تقدم برامج أو خدمات التعليم الخاص.
وكانت هذه النّسب خاصّة بالإصابات التي لم تكن مصحوبة بإصابات أخرى مثل مشاكل السّمع أو الشّلل الدماغي أو غيرها. والنّسب المقدرة لعدد المصابين في الولايات المتحدة يصل إلى واحد لكل عشرة أشخاص.
الخصائص:يعرف التأخّر النطقي أو اللّغوي بأنّه التأخّر الملحوظ في اكتساب المهارات أو القدرات الكلامية (إصدار الأصوات) أو اللّغوية (من مهارات تعبيرية أو استيعابية) للطفل عن أقرانه في نفس العمر الزمني، أي الأداء النّطقي أو اللّغوي المتأخّر عمّا هو متوقّع للطفل وبشكل ملحوظ (أكثر من 6 أشهر) أمّا الإضطراب فهو الأداء المختلف عن الأداء العالي، أي استعمال أنماط نطقيةو لغوية مختلفة عن الطبيعة.
وتشمل هذه الإضطرابات:
1.النطق: وهو القدرة على إصدار الأصوات الكلامية، وفعالية أعضاء النطق لأداء هذه الوظيفة، وتشمل أي خلل أو اضطراب في القدرة على البلع أو وجود سيلان اللعاب.
2.الصوت:ويشمل العلو والنغمة والطبقة الصوتية المناسبة وأيضاً »القدرة على التآزر بين التنفس والكلام وحالة الحبال الصوتية«. ومن الأمثلة على الاضطرابات الصوتية البحتة أو خشونة الصوت أو عدم القدرة على إصدار الصوت تماماً.
3.الطلاقة: وهي عامل مهم لإرسال الرسالة الكلامية بشكل فاعل للشخص المستمع، وينبغي أن تكون السرعة في الكلام مناسبة. ومشاكل الطلاقة تشمل السرعة البطيئة أو المتقطعـــة مثـــل التـــأتـــأة أو السرعة الزائدة.
4.اللغة: وتشمل جميع المهارات التعبيرية من نحو وصرف ومفردات ورواية، والتعبير عن الحاجات والمشاعر وتبادل المعلومات، والاستيعابية مثل إتباع الأوامر اللفظية (مع سلامة القدرة السمعية) ، وفهم اللغة المحكية (الشفهية) أو المقروءة أو المكتوبة ويشمل ذلك أيضاً فهم لغة الجسد والإشارة وتعابير الوجه والمعاني المبطنة والنكات والمجاز وغيرها.
التصنيف:
  • إذا لوحظ وجود مشاكل في اكتساب المهارات النطقية أو اللغوية عند الأطفال أو التأخر فيها قبل أو خلال رحلة اكتساب اللغة فإنها تدعي إصابة تطورية.


  • أمّا إذا لوحظ هذا الاختلاف أو الاضطراب عند شخص ما بعد سن اكتساب اللّغة فإنّ ذلك يدعى إصابة مكتسبة.

أهميّة التدخّل المبكّر:
لا بد من الإسراع باستشارة الأخصائيين عند وجود أي مظهر يستدعي القلق بخصوص القدرات النّطقية واللّغوية منذ بداية ملاحظتها آو حتى توقع حدوثها، فالتدخّل المبكّر يكون غالباً ذا أهميّة قصوى للتحسّن في هذه المهارات، وذلك لأنّه في حالة الأطفال فإنّ التدّخل في مرحلة اكتساب اللّغة وخلال تطوّر الدّماغ البشري يجعل من اكتساب اللّغة أكثر سهولة (لأنّ الدماغ البشري مجهز بطريقة تجعل اكتساب هذه القدرات أثناء النمو أكثر سهولة، بل يعتقد بأنّه إذا كانت هناك إصابة في الجزء الأيسر من الدّماغ والذي هو مسؤول عن اكتساب اللّغة عند معظم البشر فإنّه يمكن أن يتم تحفيز الجزء الأيمن للقيام بجزء من هذه المهارات إذا تم ذلك في سن مبكّر أمّا بالنّسبة للإصابة عند الكبار فإنّه في بعض الإصابات تكون هناك فترات حرجة يمكن فيها استغلال التحسّن الطبيعي للقدرة الجسديّة في تحسين استعادة القدرات النّطقية أو اللّغوية (مثل بعض حالات الإصابة بالجلطات الدماغية).
أهمية اللّغة والكلام:ربما تبدو هذه الأهمية من البديهات، فكيف يمكن تخيّل النّجاح في الحياة والعمل أو الدّراسة بدون هذه القدرات، بل إنّ إصابة ولو كانت بسيطة يمكن أن يكون لها اثر كبير سواء من النّاحية النّفسية للمصاب أو العائلة أو توقعات المجتمع منه.
حيث يتم الحكم أحياناً كثيرة على أي شخص تبعاً لمهاراته اللّغوية سواء من رفاق المدرسة أو العمل مثل (التأتأة والمشاكل النّطقية) أو في اختيار مسار الحياة من مواضيع الدراسة أو شركاء الحياة.
وكلّما كانت المشكلة أشد كان أثرها أكبر، والمشكلة الأكثر تعقيداً هي إمّا جهل الأهل أو المصاب بوجود حل لمشكلته يمكن أن يساعد في التغلّب عليها أو التقليل من حدّتها أو عدم الإعتراف بالمشكلة في الوقت المناسب والذي من الممكن أن يساهم بشكل فاعل في تجنب الكثير من المشاكل النفسية والدراسية والاجتماعية.
الاكتشاف:ينبغي ملاحظة أي عرض مهما كان صغيراً أو كان الوقت مبكراً وذلك خلال أي مرحلة من عمر الطفل الشخص، حيث يتم ملاحظة أو توقّع وجود مشاكل في النّطق واللّغة منذ الولادة (الأطفال المعرضون للخطر) والذين تظهر لديهم مشاكل مثل التنفّس أو الرّضاعة أو تشوهات خلقية في أعضاء النطق.
ويتم عادةً في البداية اللّجوء إلى طبيب (عادة يكون طبيباً عاماً أو أخصائي طب تطوري عند ملاحظة ما يستحق الإهتمام)، وينبغي للطبيب أن يكون على علم وإطّلاع بالمظاهر التي قد تشير إلى وجود مشاكل أو توقع وجود مشاكل نطقية أو لغوية مستقبليّة، وبالتالي الإتّصال بأخصّائي النّطق واللّغة لتحديد طبيعة المشكلة وطرق التعامل معها، وبالتعاون بين الطبيب المختص وأخصائي النّطق واللّغة ( كنقص الاكسجين لتغذية الدّماغ أو وجود مضاعفات أثناء الولادة ، حالات الشلل الدّماغي ،انشقاق سقف الحلق ،التهاب الأذن ومشاكل السمع) تكون نسب التحسّن أفضل وخصوصاً إذا تمّت في الوقت المناسب، وينبغي أيضاً التنبّه إلي أي تأخّر في اكتساب أي مهارة مهما كان ذلك مبكراً (مثل المناغاة أو الاتصال البصري أو السمع أو فهم الكلام) في سن ما قبل المدرسة (من الولادة وحتى 5 سنوات).
كما ينبغي على المعلم ـ في مرحلة المدرسة أو رياض الأطفال ـ ملاحظة أي تأخّر أو اختلاف في قدرات الطفل عن أقرانه وسرعة إحالته إلى أخصائي النطق واللغة.
ورغم عدم معرفة أو عدم اقتناع البعض بفاعلية التّدريب النطقي لجهلهم به أو للطريقة التقليدية بالنظر إلى أن كل إصابة يجب أن يكون العلاج لها بالأدوية أو الجراحة فقط، فإن هناك وعياً أفضل الآن بهذه الاضطراب وتوجهاً للتعامل المبكر معه وهو المطلوب. وينبغي التأكيد على أهمية التّعاون بين الأهل والمصاب وجميع المختصين ذوي العلاقة (من أطباء واختصاصي سمع واختصاصي نفسي ومعلمين واختصاصي علاج طبيعي ووظيفي وتربية خاصة وغيرهم.