السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:"

بعض العادات والتقاليد - غير المحمودة - ربما تفرض على الفتاة (حصاراً) عن أن تختار شريك حياتها كما تتمناه أو تراه في أحلامها وخيالاتها.. فالبنت لابن عمها!!
وبعض هذه العادات - المذمومة - ربما حرمت الفتاة من أن تنظر إلى خاطبها في أول لقاء بينهما ولا ينكشف لها الستار إلاّ حين تراه على فراش الزوجية فلربما تفاجأت به إنساناً غير الذي كانت تأمل وتتمنى!!
وزوجات يعشن في أكناف أزواج في سعادة واستقرار ثم بعد فترة من الزمن تتفاجأ إحداهنّ بتغيّر في سلوك زوجها ومعاملته لها!!
زوجي مدخن!!
زوجي لا يصلّي!!
زوجي عصبي وعنيد!!
اكتشفت أن زوجي يخونني!!
يضربني..
زوجي بخيل..
دائماً ما يخرج مع أصحابه ويتركني وأبنائي وحيدة!!
لسانه بذيء..!!
إلى غير ذلك من قائمة عريضه ترفعها كثير من الزوجات على أزواجهن في دعوى وإعلان صريح عن تعاستهنّ في حظّهن بأزواجهنّ!!
وهنا تقف بعض الزوجات إمّأ يائسات تندب حظّها وتغصّ بمرارة البقاء من أجل ضغوطات اجتماعية أو مادّية أو لأمر آخر، وبعضهنّ جعلت حدّاً لمعاناتها بطلب الطلاق والانفصال عن زوجها والرضا بقيود العنوسة والطلاق بقيّة العمر على أمل!!
والسؤال هنا: هل للزوجة دور في تأديب زوجها؟!
وهل من الصعب أن تغيّر أو تهذّب الزوجة من سلوك زوجها؟!
لقد أشار القرآن الكريم إلى دور الزوجة في تهذيب وتأديب خُلق زوجها،
والتهذيب هنا ما نستطيع أن نعبّر عنه بالتغيير وإصلاح السلوك، قال الله تعالى:
"وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً(128)"
ومن هنا نعرف أن للزوجة دوراً مهمّاً في تهذيب سلوك زوجها وتأديبه، وعليها أن تضطلع بهذا الدور الذي قوامه سلوك الطرق الحكيمة الموصلة إلى التغيير أو التهذيب؛ وهنا لعلّي أن أشارك الزوجات بعض هذه الطرق والصفات المهمّة التي تفتح لهنّ آفاقاً في إيجابيّة التعامل وتغيير السلوك - المنحرف - في زوجها!!
بداية:
ينبغي أن تُدرك كل زوجة أن الحياة الزوجية في عمومها إنما تدوم على المصابرة والتغاضي والتسامح فقد أثبتت دراسة أجريت على مجتمعنا أن ما يقرب من 80% من العلاقات الزوجية قائمة على الصبر ومحاولة التكيّف، وان الكثير منهم لو عاد إلى الوراء وخُيّر لما اختار هذا الشريك!!
شعور المرأة بطبيعة سنّة الحياة وأن معها من يشاركها هذا الهمّ مما يدفعها إلى محاولة التكيّف مع حياتها بما يضمن لها قدراً من الاستقرار والرضا.
من أهم طرق التأديب وتهذيب السلوك:
1 - الشعور بمسئولية التغيير.
فإن الزوجة التي تقف عند حدود الصدمة بسلوكيات زوجها وعدم شعورها بمسئولية التغيير مما يعني تفاقم هذا السلوك إلى سلوكيات أخرى، وتأثر أفراد العائلة بمثل هذه السلوكيات.
ولذلك فإن من أهم ما ينبغي على الزوجة أن تمتلك الإرادة والعزيمة الجادّة على تغيير سلوك زوجها وأن تشعر بمسؤوليتها تجاه تغيير هذاالسلوك فإن أول خطوة في التغيير تبدأ من الإرادة!!
2 - حتى يغيروا ما بأنفسهم!
وهي الخطوة التالية بعد الإرادة والعزيمة على التغيير، وتلك قاعدة عظيمة يعلمنا إيّأها القرآن الكريم كسنّة سائرة "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "
فابدئي أولاً بإصلاح نفسك..
ولا حظي مكمن الخلل والتقصير في نفسك..
كان بعض السلف يقول: إنّي لأرى أثر معصيتي في خلق زوجتي ودابتي!



التجديد والمحاولة وعدم اليأس.
إنه لا يكفي أن تكرري المحاولة تلو المحاولة ما لم تجددي في كل محاولة وأخرى.
تقول زوجة: نصحت زوجي أكثر من مره ليقلع عن شرب الدخان، مرة بالكلام ومرة بالكتاب ومرة بالشريط ومرة بإظهار تضايقي من رائحته.. حتى بدأ اليأس يصيبني، فقلت أجرب محاولة أخيرة.. في ليلة تزيّنت وتجمّلت لزوجي وقبل أن يحضر إلى المنزل عمدت إلى المطبخ وأخذت (بصلة) ففقشرتها وأكلتها..
دخل زوجي إلى المنزل استقبلته احتضنته.. فاشتم منّي رائحة (البصل)
فتضايق.. كررت العملية أكثر من ليلة!!
وبعد أن فرغ صبره قال لي بتضجّر: إلى متى بصل بصل بصل!!
قلت له بسرعة بديهة: وأنت إلى متى دخان دخان دخان!!!
ومن ليلتها أعلن مقاطعة التدخين!!
4 - احترميه ولا تحقّريه!!
لا تحتقري زوجك لمجرّد أنه واقع في سلوك خاطئ، لأن الإحتقار يثير في النفس روح العناد والتحدّي والانتصار للنفس، فالاحتقار والتعيير بالذنب أو الخطأ من أكبر الوسائل التي نقدم بها معونة للشيطان على المخطئ!!
أظهري احترامك له واقبليه ولا تقبلي سلوكه.
5 - الاستشارة وزيادة الاطلاع والبحث.
فلابأس على الزوجة أن تستشير وتسترشد وتطلب المساعدة في إصلاح زوجها من قريب أو بعيد ناصح مؤتمن، كما أن زيادة القراءة والاطلاع في المواضيع والكتب وسماع الأشرطة التي تفتح للزوجة آفاقاً في ثقافة التعامل الزوجي ومهاراته مما يعينها أيضاً ويبعث عندها الإصرار على محاولة تغيير سلوك زوجها.
6 - افتحي عينيك بتفاؤل!!
خلق الله تعالى لنا عينان لكي نرى بهما جميعاً، ولا تكتمل لنا رؤيا نراها إلا إذا استخدمنا كلتا العينين للنظر!!
وهكذا ينبغي أن تنظري إلى زوجك بعيني مفتوحتين لا بعين واحدة!!
فلا تنظري فقط إلى هذا السلوك المزعج في زوجك بل افتحي العين الأخرى وانظري إلى سلوكياته المشرقة الجميلة المحببة.
هذه النظرة الشاملة تصنع لك موقفاً متزناً وقراراً وحكيماً، وتعطيك دفعة
معنوية نحو الثبات وعدم اليأس!!
حتى النظرة إلى سلوكه المزعج ينبغي أن لا تكون هي المهيمنة على النظر الآخر، بل ليكن النظر إلى السلوك المزعج بنظرة إيجابية.. كيف؟!
مرة خرجت إحدى النساء الدّاعيات إلى بلاد الخارج فوجدت امرأة محجبة تشرب الدخان!!
فقالت: محجبة وتشربين الدخان؟!!
ماذا لو أنها قالت: تشرب الدخان ومع ذلك محجبة؟!!
المقصود أن التغيير يكون على خطّين متوازيين:
- الإصلاح.
- التنمية والتعزيز.
فحتى تصلحي السلوك المزعج في زوجك لا بد أن تعزّزي الجانب المشرق فيه!!
7 - تذكّري أن الإحسان يصنع ما لا يصنعه الهجران!!
نلاحظ أن الله ختم الآية التي أشار فيها إلى دور الزوجة في تهذيب خلق زوجها بالإحسان فقال: "وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا.."
ونلاحظ أنه قرن الإحسان بالتقوى. فالإحسان الذي يُراد به المنّة ليس بإحسان!!
والإحسان الذي يُراد به الخروج من تبعيّة اللوم ليس هو الإحسان الذي يكون به التهذيب.
بل لابد من الإحسان الذي يُبتغى به وجه الله.
وفي هذا الاقتران - بين الإحسان والتقوى - إشارة لطيفة إلى أن الإحسان من أسباب الوقاية - ومما يُتقى به - من السلوكيات الخاطئة أو (نشوز الزوج) كما عبّر بذلك القرآن.
الإحسان أيتها الزوجة يكون بالبسمة والكلمة الطيبة ومشاركة زوجك همومه ومنحه الحب والهدية ونحو ذلك..
إنه لا يسوغ أن ينتهي الإحسان بين الزوجة وزوجها عند سلوك خاطئ ربما يزول إن دام الإحسان بينهما!!
وقد قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم::: فطالما استعبد الإحسان إنسان!!
8 - الدعاء وحسن الاستعانة بالله.
وههنا لفتة مهمّة: وهي أحياناً نشعر أننا نستطيع تغيير سلوك الآخرين من خلال استخدامنا بعض الوسائل والطرق المبتكرة في الإصلاح، فنتّكل على هذه الوسائل والأساليب، وربما طلبنا النصح من الآخرين فدلّونا على بعض الطرق ووسائل الإصلاح، فنعوّل كثيراً على هذه الوسائل متناسين ان هذه الوسائل إنما هي مجرّد أسباب!!
وههنا نغفل كثيراً عن حسن الاستعانة بالله وسؤاله المعونة ودعائه
والانطراح بين يديه!!
وهذه لفتة مهمّة يلفتنا إليهاالقرآن بقوله: "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ".
هذه اللفتة تُشعرنا بعمق الارتباط بالله عز وجل الأمر الذي يدعونا إلى
التفاؤل وعدم اليأس.
فيا أيتها الزوجة.. الدعاء الدعاء، واستشعري قول الله جل وعلا في الحديث القدسي: "انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء"!!
دعواتي لكل زوج و زوجة بحياة سعيدة في ظل طاعة الرحمن؛؛؛


منقووووووووول