مع قرب انطلاق العام الدراسي الجديد، يترقب عدد من الخريجات السعوديات اللاتي توجهن إلى سلك التدريس حظوظهن مع فرص التعيين في مدارس المملكة بعيون يملأها القلق من بعد المسافة، بيد أن هناك من المعلمات من سبقت في خوض التجربة التي لم يوضع لها علاج ناجح حتى الآن.
رحلة الصباح تبدأ مع أذان الفجر، التي تعد ساعة الصفر للمعلمات المعينات في المناطق النائية، بعد تجهيز إفطار الصباح للعائلة، ومع انطلاق الحافلة التي بالعادة تجمع المعلمات اللواتي يشتركن في مواجهة أخطار الطريق بين شرايين المدن السعودية.
الإحصاءات تؤكد أن شريحة المعلمات تحتل الرقم واحد في عدد وفيات الموظفات السعوديات، فالسائق الذي يقود مركبته بنصف عيون نتيجة السهر والنعاس، ربما تكون حفرة صغيرة كافية لإنهاء حياته ومن معه في الحافلة لتخلف أطفالاً فقدوا ابتسامات أمهاتهم وأزواج فقدوا شريكات حياتهم في لحظة خاطفة.
في عناونين الصحف
وتصدرت الصحافة السعودية، عناوين مختلفة، طوال الأعوام الماضية منها :"وفاة 3 معلمات بحادثة"، "وفاة المعلمة الخامسة في حادثة الأمس"، "زوج المعلمة يدعو إلى فتح تحقيق"، "معلمة تروي اللحظات الأخيرة قبل وفاة زميلاتها"، "التفاصيل الكاملة لوفاة المعلمات على الخط السريع".
وأخذت بعض الأفلام السعودية والعربية تحاكي معاناة المعلمات مع المناطق النائية، فالراتب والموت وجهان لعملة واحدة، وأحلام المعلمات في المناطق النائية ربما انتظار نهاية الأسبوع لرؤية وجوه الزوج والأبناء بهدوء.
فإحدى المعلمات، زهرة الشهراني، تصف تعيين المعلمات في المناطق النائية بسوء تنسيق تدفع المعلمات وأرواحهن ثمنا له ، مثل تعيين خريجات الشمال في أقاصي الجنوب والعكس، على رغم توافر معلمات في المنطقتين، وتترك الوزارة المعلمات في دوامة البحث عن النقل الذي لا يأتي غالبا إلا بعد سنوات من القهر والتشتت.
أما المعلمة، ريم الشهري، من سكان المنطقة الغربية، فتقول: "انتظرت التعيين 10 أعوام وبعدها عينت في أقصى المنطقة الجنوبية في إحدى القرى النائية التابعة لمحافظة بيشة فاضطررت أن أباشر عملي مرغمة واصطحبت والدي العجوز معي 73 عاما وبقيت والدتي في منزلنا وحيدة على رغم أنها تعاني من أمراض عدة".
أما المعلمة، صالحة البشري، فتقول: "أنا أم لسبعة أطفال واضطررت لاستقدام سائق خاص يقلني للمدرسة، وزوجي مقيم في منطقة أخرى بسبب ظروف عمله، وأنا أودع أطفالي كل يوم عند مغادرتي للعمل، لعلمي أني ربما لا أعود".
وتؤكد المعلمة، وفاء الأحمدي، أن جميع المعلمات اللواتي يعملن في مدارس بعيدة يستأجرن سيارات لإيصالهن، وبمبالغ تتجاوز نصف راتب المعلمة، ومع ذلك فإن الوزارة لا تلتفت لهذا الأمر تاركة المعلمة تصارع الظروف وحدها دون تدخل يذكر.
ومن قصص المعلمات حملهن لسلاح أبيض أحياناً في الحقيبة للدفاع عن أنفسهن، دون علمهن أن "الحوادث المروية والموت لا يكترث لأي سلاح".
من جانبها، عملت وزارة التعليم السعودية على تعيين حوافز وبدلات كتقليل عدد الرحلات خلال الأسبوع وتقليل المسافات، واقتصار دوام المعلمة على 3 أيام أسبوعياً، على رغم أن الوضع بحاجة لـ"عملية قيصرية وليس مجرد مهدئات"، وفقا لبعض المعلمات.
المصدر
http://m.skynewsarabia.com/#!/web/article/768113