طبقة: “لا يمكن للسلام أن يفرض بالقوة، بل يمكن تحقيقه فقط بالتفاهم.” كلمة جميلة أليس كذلك يا شن؟
شن: هل تعرفين من قائل هذه الكلمة؟ إنه يهودي، وأنت تعرفين اليهود.
طبقة: ولكن بالغض النظر عن القائل، ما رأيك بالمقولة؟
شن: وهل تريديني أن أصدق اليهود الذين يقتلون الأطفال الرضع في الأراضي المحتلة، ويأخذون حقوق الناس بالسلاح؟
مغالطة ضد الرجل (Ad Hominem) مستخدمة بشكل مروع في عالمنا العربي الإسلامي، والفكرة تعتمد على ضرب الفكرة المطروحة بضرب صاحب الفكرة، إما من خلال شخصية الشخص أو من خلال معتقدات الشخص، في المثال السابق طبقة تطرح حكمة، وهذه الحكمة جميلة، وتدعو الناس لمحاولة التفاهم بدلا من فرض السلام بالقوة، فيقوم شن بتفنيد الكلمة بطريقة غير مباشرة، فبدلا من أن يناقش مضمون ومحتوى الكلمة، يقوم ضرب صاحب الكلمة، ويحاول أن يكره طبقة بالكلمة من خلال كره الشخص.
هذه الكلمة فعلا هي كلمة أتت من شخص يهودي، وقد يتبادر لذهنك حال اليهود الإسرائليين واحتلالهم لفلسطين، وأخذ حقوق الناس بالقوة، فبذلك ترى وكأن هذه المقولة خداع ووهم لأن القائل يهودي، ولكن ماذا لو قلت لك أن اليهودي الذي قال هذه المقولة هو آينشتين؟ فهل ستغير نظرتك إلى المقولة الآن؟ ولو قلت لك أن آينشتين عرضت عليه رئاسة إسرائيل ورفض، هل ستبدأ بقبول النظر في الكلمة على أنها قد تكون حكيمة؟
بغض النظر عن آينشتين، وبغض النظر عن موقفه، إقحام كلمة يهودي في المناقشة كانت للتمويه، ونقلت المناقشة من الفكرة إلى الشخص، وهذا ما نقوم به نحن بشكل متكرر في حياتنا الشخصية، فإذا ما كنا نستمع لفكرة نحول النقاش من الفكرة إلى طائفية أو قبلية أو ما أشبه، “هل تعلم أن حسين شيعي؟ كيف يمكنك الاستماع لمثل هذا الشخص”، “انتبه، قائل هذه العبارة سلفي يريد أن؟”، “لماذا تستمع لفهد البدوي فكرة التصالح تأتي من منظور قبلي؟”، “أنور لبرالي، بالتأكيد سيؤيد فكرة الاختلاط”
هناك حالة واحدة يمكن استخدام ضرب الشخص لدحض الفكرة، إذا كانت الفكرة متعلقة تماما بتخصص الشخص، وأحيانا تستخدم هذه في المحاكم، فمثلا يأتي متخصص ليشهد في أن آثار الإطارات على الأرض هي آثار إطارات سيارة الفيراري، فإذن لابد أن الفراري هي السبب في الحادث، فيقوم المحامي بتفنيد رأي المتخصص بعد أن يبين أنه متخصص في مكائن السيارات وليس في الإطارات، فلا يمكن الاعتماد على شهادته. ودحض الفكرة بدحض مؤهلات الشخص هو مجال ضيق جدا للاستخدام ودقيق.