قد يبدو الموضوع غريباً أن نتحدث عن المنطق الاحصائي وعن مقاومته. لكن هذا الموضوع هو أهم موضوع يجب أن يتعامل معه الانسان طوال حياته وفي شتى مجالاتها من الحب إلى العمل وانتهاء بالصحة. ما هو المنطق الاحصائي وكيف يمكن أن تتجنب الوقوع ضحيته؟
لكي نجعل الموضوع أقرب للفهم لا بد من اعطاء مثال. تتعرض لوعكة صحية تجبرك على الذهاب إلى عيادة الطبيب للمراجعة. الطبيب هو شخص حكيم يعالج الكثير من الأشخاص ولديه قدرة كبيرة على تمييز أعراض الأمراض وإعطاء التشخيص السليم من ثم وصف الدواء المناسب.
هذا الأمر هو تطبيق مباشر للطب الاحصائي الذي يكون صحيحاً في أكثر من 99 بالمائة من الحالات. لكن ماذا يحدث إذا كنت من ذوي الحظ السيء الذين ينتمون للـ 1 بالمائة المتبقية. تذهب لعيادة الطبيب، لديك أعراض تشابه الكثير من الناس لكن وجعك مختلف، تحصل على وصفة تقليدية، تشتري الدواء ثم تبدأ العلاج وعلى الأغلب تسوء حالتك لأن الدواء لا يناسبك. ليس من الضروري أن نذكر الحالات التي يمكن أن تنتهي بالموت نتيجة أخطاء طبية. لكن النتيجة واحدة. المنطق الاحصائي يجعلك عبداً لتشخيص الطبيب ومرضك يستخف بك وبالطبيب معاً.
تخيل أنك تعيش علاقة غرامية من طرف واحد، تخيل أنك نعمل في مكان وكل من حولك يقول لك أنك غير مناسب للعمل، تخيل أن لديك حلماً تريد أن تحققه وكل عائلتك، أصدقائك، أقاربك يقفون ضدك لأن ما تحاول القيام به سوف يودي بك إلى الفشل على الأغلب حسب رأيهم.
ربما بدأت تدرك الآن التأثير المدمر للمنطق الاحصائي. 99 بالمائة من الناس يعيشون حياتهم دون أن يدركوا ما هي موهبتهم الحقيقية، أو دون أن يعثروا على شريك الحياة المثالي، أو دون أن يعملوا في مكان يحبونه. المنطق الاحصائي يقول بأنك يجب أن تستسلم للحياة لأن معظم من حولك يستسلمون.
حتى تقاوم المنطق الاحصائي الذي يحيط بك، انس كل من حولك. إذا كنت تريد فعل شيء مهما بدا تافهاً، سخيفاً، ليس له أي حظ بالنجاح، لا تتردد أبداً لأن كل هذه الأحكام هي أحكام ناتجة عن منطق احصائي. إذا اتبعته سوف تنضم إلى ضحاياه وإذا أهملته يمكن أن تنضم إلى من يساهمون في تغييره. أنت وحدك من يقرر في أي طريق تريد أن تمشي.