المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Samer
السلام عليكم
سأتكلم هنا بموضوعية شديدة، .. و آسف لأني لن امدح أحدا، ولكني لن اشتم احدا ايضا، فلن اخالف قوانين هذا الموقع الذي يسمح بالنقد الموضوعي، وسأحاول الاختصار قدر الامكان، و هذا يعبر عن وجهة نظري فقط، وللقارئ ان يقتنع او لا، على اي حال سأذكر عبارات لن تعجب أحدا على الأكثر
حسنا ... نعود إلى عهد التسعينيات من القرن السابق، كان الشعب العراقي يعيش تحت وطأة الدكتاتور صدام، ولكن الشعب هو من جعل صدام دكتاتور، كان يخافه بدرجة كبيرة، سنة وشيعة، وإن كانت المناطق السنية تدين بالولاء للنظام، و المناطق الشيعية يسيطر عليها صدام عبر البعثيين ووكلاء الأمن من ابناء الشيعة أنفسهم.
ثم ظهر العالم الجليل، محمد محمد صادق الصدر (الصدر الثاني) ، .. اتذكر إنه بدأ يخطب خطب الجمعة المشهورة، وكانت الناس تتناقلها سرا ثم صارت شبه علانية، واستطاع ان يخلق ثورة فكرية حقيقية، حتى إني أتذكر إن السرقات والجرائم في وقتها انتهت، وكأن الكثير من الناس تذكرت الدين فجأة (وإن كان قسم من الناس قد شكك في وقتها إنه مدسوس من النظام، ولكن هذه الشكوك تبددت لاحقا عندما استشهد)
ثم قتل العالم قدس سره مع نجليه من قبل صدام في سنة 1999. و حدثت بعدها ثورة صغيرة تمثلت في ضرب مقرات حزب البعث، سرعان ما تم إخمادها من قبل النظام وقتل الشباب المشاركين وزجهم في السجون والتعذيب ولم يكن اسم (مقتدى الصدر) معروفا في ذلك الوقت، على الأقل بالنسبة لي.
، على اي حال بعد 2003 وسقوط الهدام بواسطة امريكا، .. دخل الامريكان (مسالمين) إلى العراق، ليتم إنشاء حكومة وقتية برئاسة (بريمر) واستقرت قواتهم في قواعد الجيش السابقة بعد ان حلوا الجيش، وحاولوا تمشية الأمور إداريا وأمنيا (سلطة الاحتلال).
كانوا مقلدي السيد محمد صادق الصدر ومؤيديه لا زالوا موجودين، و التفوا حول السيد مقتدى الصدر باعتباره ابن محمد الصدر ليكون التيار الصدري (حسنا قسم آخر منهم التفوا حول المرجع الديني محمد اليعقوبي، حسب وصية منسوبة بقوة لمحمد الصدر ليكون حزب الفضيلة، ليكون هذا مصدر تباغض بين الطرفين)
كان مقتدى الصدر رافضا سلميا لوجود الامريكان، ثم ما لبث ان كون جيش المهدي وبدء بقتال الامريكان بضراوة بعد ان قامت حكومة بريمر باغلاق صحيفة (الحوزة الناطقة) لمدة 60 يوما، هذا في نهاية 2003، اي لم يمض 8 اشهر على دخول الامريكان، وسبب هذا في جعل تعامل الجنود الامريكان مع العراقيين بصورة عدائية (كانوا يقتلون كل من يقترب من مدرعاتهم بسيارة ولو سهوا خوفا ان يكون هجوما)
كان تنظيم جيش المهدي فوضويا إلى حد معتد به، و انضمت إليه عناصر كثيرة فاسدة، ولكن ايضا الكثير من الآخرين ايضا كانوا اصحاب عقيدة راسخة. على اي حال، ازعج وجود جيش المهدي الكثير من (الشيعة) في ذلك الحين للأسباب التالية:
- ذم بعض افراده علنا للمرجع الديني السيستاني بتصرفات فردية.
- انتماء العناصر الفاسدة إليه التي يعرف الناس في المناطق بفسادهم.
- نسب إليهم قتل المترجمين وغيرهم الذين عملوا مع الامريكان في القواعد الامريكية لغاية 2005.
- اقامة المحاكم الشرعية داخل المكاتب (في السنوات الاولى فقط ربما) ، ومنع اقامة الحفلات والمظاهر غير الدينية التي يقوم بها الناس غير المتدينين،
لهذا السبب او ذاك .. نقم الكثيرون على جيش المهدي في المناطق الشيعية وعلى مقتدى الصدر ايضا.
من جهة اخرى، كان لجيش المهدي صولات ضد تنظيم القاعدة من مناطق بغداد وسامراء، وشكل قوة موازية لقوة الإرهاب في ذلك الحين (الذين كان يذبح المواطنين على الهوية) ، و دعم حكومة الجعفري ، مع الاستمرار بقتال الامريكان وخصوصا في مدينة الصدر الموالية بمجموعها للشهيد محمد الصدر، ثم لابنه مقتدى الصدر.
في سنة 2006 تم تكليف المالكي برئاسة الوزراء كبديل عن الجعفري (بعد معارضة الكتل الكردية والسنة لوجود الجعفري)
في سنة 2007 تم تجميد جيش المهدي من قبل مقتدى الصدر، كمرحلة اولية لحله، بعد اضطرابات في كربلاء منسوبة إلى جيش المهدي.
في سنة 2008، تم عقد ما يسمى بـ (الإتفاقية الأمنية) بين الولايات المتحدة و حكومة العراق، ونصت على أن يتم خروج آخر جندي اميركي في سنة 2011 (وهو ما حدث فعلا لاحقا)
في سنة 2008 ايضا قام المالكي بما اسماها (صولة الفرسان) ضد جيش المهدي، و التي أيدها مقتدى الصدر (بعد ايام من اندلاعها) ، ودعى إلى القاء السلاح واستقبال القوات الامنية بالورود،، وقد استغلت الحكومة هذه الدعوة لتعتقل الكثير من افراده لتزجهم في السجون و قام بعدها مقتدى الصدر بتشكيل لواء (اليوم الموعود) في نفس السنة لقتال الامريكان المتمركزين في القواعد (الذي نفذ عمليات في سنة 2009 و2010 ضد الامريكان)
هذه المعركة (معركة البصرة او صولة الفرسان) ، أدت إلى فرض الحكومة سلطتها بالكامل على المناطق الجنوبية، ولكنها جعلت شعبية المالكي تصعد إلى عنان السماء ايضا، من هؤلاء الذين يكرهون جيش المهدي للاسباب التي تقدمت اعلاه. ناهيك عن إن المالكي عمل بجد على احلال الأمن خلال السنوات من 2006 إلى 2010 .. حتى إن التفجيرات الإرهابية في المدن كادت ان تنتهي .. و الوضع الأمني تحسن كثيرا
في سنة 2010 .. كانت الانتخابات وقد كان المتنافسين الرئيسيين هم كل من اياد علاوي (الذي انتخبه السنة والرافضين للاحزاب الدينية) والمالكي، و قد وقف التيار الصدري (المتمثل بكتلة الاحرار) مع المالكي ليرجح كفته في الحصول على رئاسة الوزراء
في سنة 2011 .. خرج الامريكان من العراق نهائيا وفق الاتفاقية الأمنية فعلا.
يعتقد البعض إن قتال الامريكان طوال هذه الفترة لم يأت على العراق بالنفع، .. فالامريكان كانوا ماضين في مشروعهم بايجاد حكومة مؤقتة ثم دائمة ثم انسحاب، .. على الاقل لواء اليوم الموعود وباقي العمليات من قبل فصائل أخرى ضد الامريكان بعد 2008 ربما لم يكن لها داع حقيقي، حيث إن الحكومة العراقية (برئاسة المالكي) كانت قد عقدت اتفاقا مع الامريكان في 2008 ليخرجوا من العراق في 2011 وهو ما حصل.
ولكن بعدها بدأت الحرب الباردة بين التيار الصدري، وبين المالكي، الذي عمل بجد من أجل ضمان حصوله على الولاية الثالثة، مستغلا كثرة مؤيديه، وكذلك قيامه بتصفية الأجهزة الأمنية من معارضيه، واصبح المالكي العدو الأكبر للصدريين بحيث لا تخلو منشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي من الذم الشديد بخصوصه، ومحاولة افشال قراراته في مجلس النواب وغيرها (بالاشتراك مع الكتل السياسية الأخرى)،
هذه المرحلة شهدت تخبطا كبيرا في وضع العراق الامني تمثل في عودة كم العمليات الإرهابية إلى مستواها السابق (قبل التحسن) وكان يبدو واضحا الإرباك الهائل في مؤسسات الدولة الأمنية التي حصرها المالكي بيده (خوفا من الانقلاب ضده) كما شهدت مؤسسات الدولة فسادا هائلا ومحاصصة مقيتة وعداوات بين الكتل السياسية بمجموعها وساهمت هذه العداوة في كسب المزيد من المؤيدين والمعارضين للمالكي، بحيث صار الناس صنفان، بين محب غال، ومبغض قال، فمن لن ينتخبه فهو ضده قطعا (وليس مثل انتخابات 2010 حيث كان هنالك من لم ينتخبه، ولكنه ليس بالضرورة ضده)
و يرى الكثيرين إن المالكي ساهم بذكاء بإذكاء هذه الحرب ،ولعب على وتر الطائفية بمهارة، و كسب تعاطف الكثير من الشيعة بتوجيه الاتهامات علنا بدعم الارهاب للسعودية وتركيا وقطر التلويح بالقبضة الحديدية ضد اعتصامات الانبار والعداء الإعلامي مع الاكراد وممثلي السنة، وقد وقف التيار الصدري ضده في هذه التصريحات بزعم إنها مثيرة للطائفية ومفرقة لأبناء الوطن الواحد، مما ساهم في جذب المزيد من المؤيدين الشيعة للمالكي وزيادة الكره للتيار الصدري (حيث تم إتهامه باضعاف البيت الشيعي) .
في بداية 2014، كانت الامور على اوجها، فالمالكي يصف مقتدى الصدر علنا بالجهل في السياسة ويقلل من اهميته ، والصدر يصفه بالطاغية، و أنصار الإثنين على خطاهم.
ولكن الملاحظ على مقتدى الصدر ... إنه رغم شعبيته وسطوته، فإنه يعيش في زهد دائم ، وإن كان يتهم من قبل كثيرين بالتذبذب في الرأي، ويرد انصاره على هذا الكلام بأن أعدائه لا يفهمون مغزى قراراته وحكمته
في سنة 2014، تحديدا قبيل الانتخابات، قام مقتدى الصدر بتقديم البراءة من كتلة الأحرار (الكتلة الصدرية)، تحديدا بعد لقاء السيد بهاء الأعرجي على قناة البغدادية الذي أعقب التصويت على امتيازات البرلمانيين، حيث كان واضحا في اللقاء إن الغالبية من نواب الكتلة الصدرية كانوا من ضمن المصوتين على الامتيازات، مثل بقية البرلمانيين. وهو ما دفع السيد مقتدى الصدر (على الاكثر) بالبراءة منهم وقوله (لا كتلة تمثلني بعد الآن)
في انتخابات نيسان 2014 .. كسب المالكي لوحده في انتخابات 2014 ما يقارب 700 الف صوت، وباقي قوائمه في المحافظات بحوالي 2 مليون صوت، ليحتل ثلث مقاعد البرلمان، وهو ما لم يكن اغلبية كافية لتحقيق الولاية الثالثة، ليتم الاتفاق (بعد مخاض عسير) على السيد العبادي (رئيس الوزراء الحالي) كبديل للمالكي، بالضبط كما اصبح السيد المالكي بديلا عن السيد الجعفري في 2006. وقد سبب هذا بطبيعة الحال فرح للصدريين ونقمة الكثيريين من مؤيدي المالكي على العبادي
في حزيران 2014 وكان المالكي لا زال في منصبه.. سقطت الموصل وتكريت واجزاء من كركوك وديالى بيد الإرهابيين ليعلنوا قيام دولتهم المشؤومة، وكان أحد اسباب سقوط الموصل التباغض بين السنة (الذين يعانون من عقدة التهميش) من جهة وبين الشيعة الداعمين لسياسة المالكي التي يتم وصفها بإنها طائفية. بالإضافة إلى الفساد في المؤسسة الأمنية والفوضى العارمة فيها .
في سنة 2015، .. لا تزال منشورات المنسوبين ضمنا للتيار الصدري لا تخلو من توجيه اتهامات للمالكي ومطالبتهم بمحاكمته، وهو ما يدل على عمق كرههم لهذه الشخصية، بالطبع مقابل ردود عنيفة من قبل مؤيدي المالكي انخفض صوتها هذه الايام خصوصا بعد عدم حصوله على الولاية الثالثة، و دعم المرجعية الدينية للسيد العبادي لدفعه للقيام بإصلاحات.
تعليقي:
من أراد ان يبدأ صفحة جديدة مع اخوانه في الوطن .. فليفعل الآن .. فالوقت مناسب للغاية.