عضو محظور
彡نور الشمس彡
تاريخ التسجيل: August-2015
الجنس: أنثى
المشاركات: 5,345 المواضيع: 769
مزاجي: حسب الجو
أكلتي المفضلة: حلويات +معجنات
موبايلي: كلاكسيA72
آخر نشاط: 1/September/2022
الخطاب المثالي في الفلسفة الألمانية الحديثة. دراسة تحليلية ونقدية الفصل الثاني
الفصل الثاني : إشكالية العقل و الواقع
8تبين لنا أن هناك إشكاليات أساسية سيطرت على مجمل الفكر الألماني، فهناك إشكاليات متعلقة بنظرية المعرفة وبفلسفة العلوم، وأخرى متعلقة بالحرية وبالسياسة، وأخيرا إشكاليات متعلقة بالميتافيزيقا.
9وبالنسبة لـ : ليبنتز فقد حاول تجاوز ما توصل إليه ديكارت (الميكانيكا)، مركزا على مبدأ الاتصال ومبدأ المتعذر تمييزه (الديناميكا). و كان تركيزه على مبدأ الاتصال لأجل المحافظة على هوية الموجودات وثباتها، ورغم أهمية هذا المبدأ يوجد كذلك التعدد والتنوع (مبدأ المتعذر تمييزه)، ولكن هذا لا يمنع من ظهور مجموعات متشابهة ومنظمة في أنواع تشكل هويات ثابتة (الهوية/الاتصال - التنوع/الانفصال). أما البحث في الحرية، فقد كان بحثا ميتافيزيقا منفصلا عن الدولة والسياسة، حيث أن الإرادة تتبع دائما التمثلات المحفزة، الواضحة منها أو المبهمة، الخيرة أو الشريرة، والناتجة عن الانفعالات والميول... إنها تتصرف دائما بموجب دافع. والدافع سيكون متوافقا مع العالم، باعتباره أفضل العوالم الممكنة، والله لا يخلق كل إنسان بقرار مسبق و منفرد، فكل قرار فردي مرهون بقرار كلي حول العالم. وهكذا فإن ليبنتز يفكر بالميتافيزيقا وللميتافيزيقا، وكتاباتليبنتز الشاب تقدم شهادة لاستبعاد الطبيعة، حيث لا يوجد في الواقع أية حكمة و أية رغبة في الطبيعة، ونظامها الجميل آت من كونها ساعة الله.
10وقد حاول كانط لاحقاالابتعاد عن هذا المنحى الميتافيزيقي المتعالي، وذلك بالتوفيق بين المثالية والتجريبية، لأن المفاهيم بدون حدوس فارغة، والحدوس بدون مفاهيم عمياء. وهناك فرق بين ما نفكر فيه، وبين ما نعيشه، فالإنسان يسعى بتفكيره المجرد إلى تحصيل المعرفة الكاملة التي تجعله يفهم جميع الأسباب المتحكمة في ظاهرة ما، فوفق هذا المنطق يمكنه أن يصل إلى الشيء في ذاته. ولكنه على المستوى الواقعي يجد نفسه مرغما على تحويل المفاهيم إلى حدوس ومعطيات تجريبية مشروطة بحتميات، تجعله غير قادر على الالتقاء مع اللامشروط. يتبين هكذا أن كانط يقيم نظرية معرفة انطلاقا من رؤية ابستمولوجية تستبعد الميتافيزيقا الكلاسيكية وتستفيد من الاكتشافات العلمية، لإخراج الفلسفة من الدوغمائية وجعلها علما. وفيما يتعلق بموقفه من الحرية، فالحرية الشاملة تتطلب قانونا شاملا قادرا على إقناع الجميع بضرورة الالتزام بالقواعد الاجتماعية، وإذا كان اللاتفاهم يوصف بأنه شر، فلا بد منه من أجل تحقيق أفضل العوالم الممكنة. ولكن ذلك لا يمنح للإنسان بطريقة مجانية ومنذ البداية، فهو ليس نتاج إرادة إلهية، ولكن على الإنسان أن يناضل من أجل ذلك. وإن اهتمام كانطبالجغرافيا يهدف إلى ربط الإنسان بالأرض، ما يدل على تميزه عن الاهتمامات الفلسفية الأخرى التي منحت للتاريخ دورا كبيرا. فهو يعلن لقارئه بأن الكرة الأرضية يجب ألا يفكر فيها عموديا من خلال وجهة نظر فلكية، ولكن أفقيا، بدون أي علاقة مع السماء كمكان للتاريخ وللتفاعل الإنساني. وبالنسبة للميتافيزيقا، فإننا نجد في العقل النظري قلبا جذريا للعلاقة بين الله والإنسان، فقد تقلص دور الله فيه إلى فكرة ناتجة عن العقل الإنساني. ولقد تمّ الفصل بين الأخلاق والدين، فالأخلاق الكانطيةذات نزعة إنسانية عميقة، فهي بالتالي نزعة إنسانية غير ميتافيزيقية، يصبح فيها الله مجرد مسلمة من مسلمات العقل العملي. ويؤسس كانط لميتافيزيقا محايثة، ومن هنا عنوان كتابيه "لكل ميتافيزيقا مستقبلية تريد أن تكون علما" و " أسس ميتافيزيقا الأخلاق".
11سيرسّخ هيجل بدوه هذه المكتسبات التنويرية، مستدركا على مستوى نظرية المعرفة شروطا جديدة منها تنم على تطور وإلمام بكافة الشروط المنتجة للمعرفة، وذلك بالتركيز على تغييرين أساسيين :
12أولا : الاعتماد على المنطق لا على الرياضيات، لأن استعمال المقولات الرياضية من أجل تحديد المنهج أو من أجل مضمون العلوم الفلسفية، يعني اللجوء إلى إجراء سخيف، و يجب على الفلسفة أن تستعير عناصرها من المنطق، وليس من الرياضيات. لأنه إذا كانت الرياضيات تملك سلطة، فإن هذه السلطة لا تؤهلها للقيام بالفحص المتعقل والمنعكس.
13ثانيا : الاعتماد على الجدل والتناقض، لأنه إذا كان البحث عن "الشيء في ذاته" يقودنا إلى التناقض دائما، فلماذا يجب أن نستنتج من ذلك عجز العقل، بدلا من اعتبار التناقض واللامعقول هما الجوهر النهائي للأشياء؟
14والحرية عند هيجل تبقى مرهونة بسلطة الدولة، حيث يطرح مفهوم "حيلة العقل" فيما يخص علاقة الدولة بالمجتمع المدني، ففي حين يقدم الدولة كعالم من الحرية، فإنه في المقابل يصف المجتمع المدني بعالم الضرورة، ولكن هذه الضرورة ستتمكن من أن تفرض نفسها من خلال وهم الحرية. كما و يبقى همه الأساسي هو تهديم الأساس الأخلاقي للحق لأنه سبب الفصل بين الوجودl’être والوجود كما يجب Le devoir –être... و هذا ما جعله يثمّن وجهة نظر المجتمع المدني المرتبط بالعمل والمتميز عن الدولة. وقد جعل من واجب الدولة إعادة تأسيس الوحدة وإعطاء أساس سياسي بروح مصلحة وإصلاحيةRéformiste et réformateur ، وهو بذلك يستغل مكتسبات الثورة الفرنسية، ولكن يقتصد فيها بجعلها غير ممكنة الحصول في المستقبل.