قصر “بلازو” الجميل الذي يعود إلى القرن الخامس عشر، والذي يقع على قناة غراندي الإيطالية. يحتوي مقرها هذا على مجموعة كبيرة من الأثاث الإمبراطوري، والتحف الرائعة واللوحات الجدارية الحية.
تقع على ضفاف قناة غراندي الكبيرة مبانٍ تمتاز بالجمال الملكي والروعة المعمارية، والتي يعود معظمها إلى القرن 15. وتدل هذه المباني على الرفاهية والفن التي أوجدتها جمهورية البندقية. وتنعكس واجهات المباني الضخمة على سطح الماء، والذي ينبثق من القناة ويرتفع إلى السماء التي تأخذ لون الشمس.
يتألف منزل المصممة ماري باجناسكو من أربع غرف، ويتميز برسم معماري ذي أشكال متناغمة، ونسب رياضية متناسقة، ويجسد ما فيه من أعمدة وأقواس وقباب فن العمارة في عصر النهضة. وتسكن “ماري باجناسكو” في الطابق الأول، الذي تبلغ مساحته 300 متر مربع، والذي يشار إليه باسم “بيانو نوبيل”، وذلك من قصر “دا ليزي” الشهير الذي يحتوي على عناصر من التقاليد المعمارية القوطية. وعندما اكتشفت ماري باجناسكو هذه الجوهرة على حدود مربع سان ماركو الواسع، كانت معروضة للبيع، ولكن كانت محتوياته مهملة. وفي العام 1995، وبناء على التفكير المنطقي والتأمل الجاد، اشترت منزل أحلامها، لتشرع بعد ذلك في القيام بتحول كبير، لتجديد المساحة التي أهملها للأسف المستأجرون السابقون على مدى عقود من الزمن.
بعد ترميم دقيق للجص والرخام المتدهور، والسقف الجميل الذي تبلغ مساحته 4.5 متر، قام الحرفيون ذوو الخبرة بتثبيت الأرضيات المتشققة بدقة وإتمام عملية تذهيب الأسطح. وتمت تغطية جدران القاعة الواسعة في القصر بورق حائط مصنوع يدوياً ومخطط باللون الأصفر، والذي قام بتصنيعه “كوليفاكس آند فلاور”، وهو ما أضاف جواً من الرفاهية على المكان. إلى جانب ذلك، كان لا بد من توصيل أسلاك كهربائية جديدة واستبدال خطوط المياه الموجودة، من أجل التقيد بلوائح الاتحاد الأوروبي.
ماري باجناسكو امرأة ذات شخصية مميزة، ولها خلفية لا تشوبها شائبة. وتظهر التربية العالية لمصممة المجوهرات في ارتداء زي فضفاض من الحرير ذي انسيابية على شكل طيات أنيقة، مع التعبير الهادئ الذي يكسو وجهها. ولكون والدها السفير الأمريكي، فقد انتقلت من مكان إلى مكان، وتعلمت الإنجليزية في جزر البهاما والإيطالية والفرنسية في جنيف. تقول: “كان يحق لأبي إجازة ثلاثة أشهر مرة كل ثلاث سنوات، وبعد ذلك يتم نقلنا إلى مكان جديد”. وفي العام 1957، عشقت ماري باجناسكو مدينة البندقية. ومع ذلك، عادت إلى المدينة ذات الجسور الساحرة والأزقة المخفية بعد ثلاثين عاماً عندما اشترى زوجها أغلبية “مجموعة فنادق CIGA” الفاخرة التي كانت قائمة هناك.
من دون شك فإن ذوق الفنان، كولومبي المولد، مغروس في شخصيتها غير التقليدية نتيجة لانتقالها الدائم بين الأماكن المختلفة، واختلاطها بمختلف الأشخاص والأفكار. وتقول بعينين لامعتين: “كانت خلفيتي التي تعود إلى أمريكا اللاتينية، وحبي للتصميم الشرقي ذات تأثير كبير في نظام الألوان الزاهية، التي تسود القصر”. تعتبر الجدران وحدها في كل من غرفة المعيشة ذات الطابع الشرقي، وغرفة النوم الرئيس، التي يشار إليها باسم “غرفة الغابة”، عملاً فنياً في حد ذاته. بناء على طلب المالك، رسمت ابنتها إيفلين باجناسكو (Evelyn Bagnasco) رسوماً حية على الجدران، حيث درست إيفلين في قسم التصميم في كلية ويمبلدون للفنون في لندن. وتتحدث عن مواهب ابنتها قائلة: “حولت إيفلين بمهارة الغرف في القصر إلى بيئة ساحرة للغاية” .
وقد كان التميز الظاهر على منزلها جزءاً لا يتجزأ من إحساسها الشخصي بالرضا والارتياح: يأتي الموقد الخاص بالتدفئة، والذي قام بنحته النحّات “سيشرو” من مزاد “ساوشباي” في “ميلانو”، بينما جاءت بالوسائد المطرزة بشكل جميل من أسفارها إلى أوزبكستان وتركمانستان. وفي غرفة الضيوف، توجد طاولة قديمة مصنوعة من خشب البلوط الإنجليزي، والتي جاءت بها من جنيف، كما توجد مرآة مطعمة بخشب الماهوغني، والتي جاءت بها من كومو. “لقد تجمعت كل هذه الأشياء على مدى العقود الماضية”.
تسيطر مجموعة من قطع الأثاث الإمبراطورية، بدءاً من الطاولات المصنوعة من خشب الماهوغني الصلب إلى الثريات الضخمة، على غرفة المعيشة والعشاء. وتهتم ماري باجناسكو بالمساحة الغائرة التي تقلل من الإحساس بالامتداد الكبير لقصر “غراندي” في المقدمة، إضافة إلى اهتمامها بالحديقة التي تقع في الجزء الخلفي من المبنى. وتقول عن التأمل في المساحة الخضراء الجميلة: “إن الهدف هو إيجاد مكان هادئ يدعو إلى التأمل ورؤية شجيرات الورد، وهي تنمو في فصل الربيع والتمتع برائحة الياسمين في فصل الصيف”.
وفي معرض الصور الخاص بها على الجدار اللامع في القصر، كان هدف ماري باجناسكو هو عرض صور عائلة “ثرن آند تاكسيٍس” بالكامل. وإلى جانب لمبة “باكرات” الكريستالية الحمراء وكرسي “بيري فيراي” المنجد، وضعت ماري سجادة صفراء ذات إطار بلون أحمر عنابي. تقول ماري ويبدو عليها الارتياح: “حاولت أن أعطي غرفة الشعور بالتناسق، الذي لم يكن سهلاً نظراً إلى طولها الذي يبلغ تقريبا 18 متراً”. تتجول عيون ماري باجناسكو في الغرفة كما لو أنها تحاول السفر في رحلة خلال حياتها الماضية. وأضافت، وهي تستلقي في مقعدها للخلف: “لن ينتهي هذا المنزل أبداً، حيث إنك تحتاج إلى إضافة المزيد إليه شيئاً فشيئاً. ويبدو أنه يكبر معك”.