ص 405
أيتّها الإرادة ,يا مُنعرَج كلّ فاقة .
أنتِ يا ضرورتي : لتحفظيني لإنتصارٍ عظيم !
ص 409
مثلَ عجينٍ مُختمر كنتَ تستلقي هنا .
وروحكَ قد إنتفخت فائضة على حوافها من جميع الجهات !
ص 409
ما أعذب ذلك ,أن تكون هناك كلمات وأصوات .
أليست الكلمات والأصوات ,أقواس قزح وجسوراً وهميّة بين كائنات منفصلة الى الأبد ؟
لكل نفس عالمها المُختلف ,ولكل نفس تكون أيّ نفس اُخرى عالماً ما ورائياً !
وبين أكثر المتشابهات تشابهاً بالذات ,تكون المظاهر أكثرُ خداعاً .
ذلك أنّ أصغر الفجوات لهي أشدّها إستعصاءً على التجاوز !
ص 409
لَكَمٍ هو لذيذ أن ننسى !
ص 411
لكن ها أنا الآن أستلقي هنا ,ومازلتُ متعباً ممّا عضضتُ وممّا لفظت.
مريضاً لم اُشفَ بعد ممّا فعلت لأجل خلاصي !
***
إنّ الإنسان حقاً لأشّد الحيوانات فظاعة !
في مسرحيات المآسي ,وفي مصارعة الثيران وأعمال الصلب
كان يجد دوماً أكثر ما يغمرهُ سعادةً على وجه الأرض .
وعندما إخترع الجحيم , كانت تلك جنّتهِ على الأرض !
هكذا تكلّم زرادشت
ص 414
إنّ الغناء مُلائم للناقه ( المريض في طريقهِ للشفاء )
أمّا المُعافى , فيُحّب الكلام .
وإذا ما أراد المُعافى أناشيد فأنّهُ يريد أناشيد اُخرى غير تلك التي للناقه !
ص 418
لقد علّمتُكِ يا نفسي فنّ الإقناع ,بما يجعل الاُسس والأعماق نفسها تنقاد إليكِ .تماماً كالشمسِ تجعل البحر يرتفع مندفع توقاً الى أعاليها !
***
لقد منحتُكِ يا نفسي أسماءً جديدة ولُعباً ملوّنة .
سميّتكِ … قَدَراً
ودائرة الدوائر
وحبل سُرّة الزمن
وجرساً لازوردياً !
ص 419
لقد وهبتكِ كلّ شيء يا نفسي .
ويدايّ قد أفرغتهما في العطاء .
والآن ! الآن تقولين لي مُبتسمة وبكل كآبة :
مَنْ منّا ينبغي عليه أن يشكر الآخر؟
أليس على الواهِب أن يكون شكوراً لأنّ المُستَلِم قد تسلّمَ من يدهِ ؟
أليس العطاء ضرباً من الحاجة ؟
أليس الأخذ رحمة ؟
***
أوليس كلّ بُكاء شكوى ؟
وكلّ شكوى .. شِكاية ؟
ص 422
تُرى أتكون اُذنا الراقص في أصابع قدميه ؟
ص 425
إنّ الضجيج يقتل الأفكار !
ص 431
و إذا ما ضَحكتُ ضحكة البرق المُبدِع ,يتبعها صوت الرعد مُزمجراً لكنّهُ منصاع .. ذلك أنّني أحبّكِ أيتّها الأبدية !
*****
ص 437
((الكتاب الرابع و الأخير))
ص 443 / قربان العسل
هكذا تسّنى لي أن أصعدَ اليوم صيّاد أسماكٍ الى قمّة هذا الجبل !
هل رأيتم أحداً قد إصطادَ أسماك فوق قمم الجبال ؟
وحتى لو كان حمقاً هذا الذي أريده وأفعلهُ هنا فوق هذهِ الأعالي .
فإنّ ذلك أفضل من أن أظلَ قابعاً في سكون .
حتى أبهت وأخضّر و أصفّر لكثرة الإنتظار هناك على السفح .
هكذا تكلّم زرادشت عن نفسهِ !
( وهو هنا يتحدّث عن الأسماك البشرية التي ينوي إصطيادها !)
ص 443
رجل الدين الحانق يصرخ بالعامة :
(إسمعوني ,وإلاّ جلدتكم بسوطِ الرّب !)
ص 446
إسرحي بعيداً بعيداً يا عيني !
أوّاه كم من البحار من حولي .
و كم من صباحات مستقبليّة للإنسان تتوهج على خط الاُفق !
وأيّة سكينة ورديّة من فوقي !
وأيّ صمتٍ لا تُكدّرهُ الغيوم !
ص 459
عليكم أن تحبّوا السلام .. وسيلة لحروب جديدة .
والقصير من فترات السلام , أكثر من طويلها !
ص 465
سعةُ الكفّ من الأرض كافية بالنسبة لي .
شريطةَ أن تكون بحّق أرضاً متينة وقاعدة صلبة .
سعةُ الكفّ من الأرض ,فوقها يُمكن للمرء أن يقف بقدمٍ ثابتة .
ففي مجال التدقيق المعرفي الحّق ,ليس هناك من كبير أو من صغير !
ص 466
إنّني أقرف من كُلّ أنصاف العقول .
كلّ العقول الضبابيّة المُحلّقة والمتأججة حماسة !
***
رفيق زرادشت (الخبير العارف بالعَلَقَة ) .. يقول عن نفسهِ :
حيث أريد أن أعرف ,اُريد أيضاً أن أكون نزيهاً
أيّ قاسياً شديداً صارماً فظيعاً , بلا هوادة !
ص 466
العقل هو الحياة التي تحّز وتقطع في لحمها الخاص !
ص 478
كم من واحدٍ رأيتهُ ينتفخ ويتمطط والشعب يصيح من حولهِ :
(( إنظروا هو ذا إنسان عظيم ))
لكن مانفع كلّ منافيخ الحدّادين ؟
فبالنهاية لا يخرج منها سوى الريح !
…..
مَنْ ذا الذي يسعى اليوم للعظمة فيوّفق ؟
الأحمق وحدهُ ينجح في ذلك !
ص 479
لكن الشيطان لا يكون في المكان المُناسب أبداً
هناك حيث يُحتاج إليه ,دائماً يأتي مُتأخراً
ذلك القزم الأعرج الملعون !
ص 486
لكَمْ فشلَ في الكثير ممّا عملَ ذلك الخزّاف الذي لم يتعلّم صنعتهِ كما ينبغي!
أمّا أن ينتقم من أوانيهِ ومخلوقاتهِ لأنّهُ فشلَ في صناعتها على الوجه المطلوب .فإنّ ذلك كان خطيئة في حقّ الذوق السليم !
ص 488
أيّة أشياء جميلة وهبني هذا اليوم ,كي يعوّض لي عن بدايتهِ الكريهة .
وأيّ مُحادثين عجيبين إلتقيتُ بهم على هذا الطريق !
ص 489
ولكُم أن تتصوّروا الحالة التي غدا عليها زرادشت وما حدثَ لقلبهِ
فعندما إستمع الى تلك الكلمات تملّكتهُ الشفقة ,وهوى دفعة واحدة مثل شجرة بلّوط قد صمدت طويلاً أمام ضربات العديد من الحطّابين .
شجرة تهوي بكّل ثقلها فجأةً بما يُرعِب الحطّابين أنفسهم !
أؤلئك الذين كانوا لايريدون غير سقوطها .
لكنّهُ سرعان ما هبّ واقفاً من جديد ,وقد غدا وجههُ الآن قاسياً صلباً !
ص 492
لزمنٍ طويل جداً , ظلّ هؤلاء الأصاغر يُلاقون عبارات الإستحسان .
وأخيراً مُنِحوا السلطةَ أيضاً .
والآن ها هُم يكرزون بهذا التعليم : (لا خيرَ سوى ما يعتبرهُ صغارَ الناسِ خيراً) . و(الحقيقة) التي تطلع من فم ذلك (القديس) العجيب الناطق بإسم الصغار والذي يقول عن نفسهِ …( أنا الحقّ ) !
ص 494
ذلك الدعيّ الذي لا يعرف التواضع ,هو الذي جعلَ أصاغر الناس يرفعون أعرافهم في السماء مثل الديكة .
هو الذي لم يكن قد علّمهم ضلالاً يسيراً لما كان يكرز بينهم :
(( أنا هو الحقّ )) !
ص 495
الفاعل وحدهُ هو الذي يتعلّم !
ص 498
لو كان بإمكان الإنسان أن يمتلك الدُنيا بكليتها ,فأيّ نفع في ذلك لهُ إذا لم يتخلّص من بؤسهِ .
بؤسهِ الأعظم هو ما يُسمى اليوم .. بالقرف !
ومَن مِنَ الناس ليس لديهِ ملء القلبِ والفمِ والعين من القرف ؟
قرفٌ من كبار أثريائنا ,سجناء الثروة .
قرف من هذا الرعاع المزوّر المتحلّي بالذهب .
أؤلئك لا شيء يميّزهم في الحقيقة عن العاهرات .
رعاع من فوق , ورعاع من تحت .
فأيّ معنى اليوم ل غني وفقير ؟
لم أعد أرى شيئاً من هذا الفرق ,لذلك هربتُ بعيداً !(هكذا تكلّم الرجل المُسالم عندما قابل زرادشت )
ص 500
إنّ العطاء فن !
وهو أرقى أشكال المكر في براعة الخير .
***
ص 507
إذا ما كانت لي من فضيلة ,فهي أنّني لم أكن لأخشى أيّ ممنوع !
***
وعندما يُغيّر الشيطان جلدتهِ ,ألا يسقط عنهُ إسمهُ أيضاً ؟
إذ إسمهُ أيضاً جلدة !
ولعلّ الشيطان نفسه مجرّد جلدة !
***
آهٍ كيف زالَ عنّي كلّ إعتقاد بالخير ,وكلّ خجل ,وكلّ إيمان بالخيّرين ؟
تُرى أينَ ذهبت تلك البراءة الكاذبة التي كانت لديّ فيما مضى ؟
براءة الخيّرين وأكاذيبهم النبيلة !
ص511
مثلَ نسمة رقيقة لا مرئية ترقص فوق بحرٍ صقيل السطح
خفيفة بخفّة الريش , هكذا يرقص فوقي النُعاس الآن !
يُقنعني لا أدري كيف ,ويداعب روحي بيد رقيقة حنون .
يغلبني على أمري ويجعل روحي تتمدّد وتهجع !
ص 512
إنّ روحي العجيبة قد تذوّقت طيّبات كثيرة .
لكن هذا الحُزن الذهبي يضغطُ عليها ويهصرها .
وهاهي مثلَ سفينة تلجُ خليجها الأكثرُ هدوءً .
تتكىء الآن على اليابسة وقد أعيتها الرحلات الطويلة وبحار المجهول .
أليست الأرض أكثر وفاءً من البحار ؟
ص 512
إنّهُ ليكفي القليل ,كي يكون الواحدُ سعيداً !
هكذا قلتُ فيما مضى ,وكنتُ أعتقد نفسي فطناً .
لكن ذلك كان تجديفاً .
ذلك ما تعلمتهُ فيما بعد :
أنّ عقلاء المجانين ,لهم الأبلغ كلاماً !
ص 513
إنهض (قال مخاطباً نفسه) ,إنهض أيّها النوّام ! يا نوّام الظهيرة .
هيّا إنهضي أيتها الساقان العجوزتان ,لقد حان الوقت وآنَ الأوان .
إنهض أيّها القلب العجوز
كم ينبغي لكَ من الوقت كي تستيقظ من هذا النُعاس ؟
ص 534
ليس كافياً بالنسبة لي أن تغدو الصاعقة غير مُضرّة .
فأنا لا أريد أن اُحوّل مسارها .
بل عليها أن تتعلّم كيف تعمل لحسابي !
طويلاً ظلّت حكمتي تتجمع مثل سحابة ,غمامة تزداد صمتاً وقتامة .
هكذا تفعل كلّ حكمة سيكون عليها أن توّلد صاعقة يوماً ما !
هكذا تكلّم زرادشت
ص 535
لا تطلبوا ما يفوق طاقتكم !
هناك زيف خبيث لدى أؤلئك الذين يرومون أشياءً تفوق طاقتهم !
ص 536
والذي تعلمتهُ الرعاع في ما مضى دون براهين
كيف يُمكن دحضهُ ببراهين ؟
ص 537
لتحترسوا أيضاً من علماء (الدين) , إنّهم يحقدون عليكم .
ذلك أنّهم عقيمون !
هؤلاء يتبجحون بأنّهم لا يكذبون .
لكن العجز عن الكذب لا يعني البتّة حبّ الحقيقة .. لتحترسوا إذاً !
هكذا تكلّم زرادشت
ص 539
إسألوا النساء ,فما من واحدة تَلِدْ ,لمُتعة تجدها في الولادة !
ص 539
من أرادَ أن يكون أولاً ,فليحترس أن لا يصيرَ آخراً !
ص 540
خائفينَ خجولين مرتبكين ,مثلَ نمرٍ أخطأ قفزتهِ
هكذا أراكم أيّها الناس الراقون غالباً ما تتسللّون منسحبين جانباً
لقد أخطأتم رمية نرد !
ص 540
وإذا ما فشلتم في أمرٍ عظيم , فهل يعني ذلك أنّكم أنفسكم فاشلون ؟
ص 541
أتُرى ينبغي على المرء أن يلعن حيثُ لا يحّب ؟
إنّ هذا يبدو لي سلوكاً عديم الذوق !
ص 545
حتى أسوء الأشياء ,لها قدمان للرقص !
***
مَنْ منكم بإستطاعتهِ أن يضحك ويكون في الوقت نفسه سامياً ؟
الذي يصعد الى الجبال الشواهق يضحك من كلّ مآسي المسرح ومآسي الحياة !
ص 546
مُباركة هي روح العقول الحُرّة جميعها .
العاصفة الضاحكة التي تذرو التراب في أعين كلّ السوداويين والمُبرقعين بالسِهام .
***
ص 546 / يقول عن الضحك :
تاجُ الضاحكين , هذا التاج المُكلّل بالورود .
إليكم أقذف بهذا التاج يا إخوتي .
لقد أعلنتُ الضحك .. مُقدساً .
أيّها الناس الراقون ,فلتتعلموا أن تضحكوا !
ص 583 / ( كرّرتُ هذه العبارة مرتين عن قصد )
مَنْ يُريد أن يقتل قتلاً جذرياً لابُدّ أن يضحك !
ليس بالغضب يُقتَل المرء , بل بالضحك !
ص 560
ثمّ تحدّث رجل التدقيق والتمحيص فقال :
{إنّ الخوف هو الشعور الفطري والأساسي في الإنسان .
لأنّ الخوف من الحيوان الوحشي هو ما لقّنهُ الإنسان منذ أقدم العصور .
بما في ذلك الخوف من الحيوان الذي يُخبّأهُ في داخلهِ ولا يطمئن إليه .
ذلك الذي يُسمّيهِ زرادشت .. الدابة الداخليّة !
هذا الخوف القديم الضارب بعيداً في الزمن وقد غدا مُهذباً روحانياً وعقلياً
ذلك هو الذي يُسمى اليوم فيما يبدو لي .. عِلماً !}
هكذا تكلّم رجل التدقيق والتمحيص .
لكن زرادشت الذي عادَ تواً الى مغارتهِ ,وكان قد سمع و حزر هذه الخطبة الأخيرة قذفَ إليه بقبضة من الورود وهو يضحك من ((حقائقه ِ))
ماذا ؟ ماهذا الذي كنتُ أسمعهُ هنا ؟ قال صائحاً
حقاً أقولُ لكَ إنّهُ ليبدو لي أنّكَ أحمق ,أو أنّني أنا الأحمق .
أمّا (( حقيقتكَ )) فسأقلبها على رأسها حالاً ,ودفعة واحدة .
فالخوف هو الإستثناء لدينا !
لكن الشجاعة والمغامرة والنزوع الى إرتياد المجهول والى كُلّ مُمتنع بعيد المنال .
الشجاعة هي التي تكوّن مُجمل التأريخ القبلي للإنسان فيما يبدو لي .
هو الذي إستهوتهُ كلّ فضائل الوحوش الكاسرة وأكثرها شجاعة فإسترقها منها ,بعدها فقط تحوّل الى إنسان !
ص 565
الصحراءُ تمتد وتتسع , وويلٌ لمن يحمل صحاري في داخلهِ !
ص 583
مَنْ يُريد أن يقتل قتلاً جذرياً لابُدّ أن يضحك !
ليس بالغضب يُقتَل المرء , بل بالضحك !
ص 594
لئن كان الوجعُ عميقاً , فالغبطةُ أعمق من مُعاناة القلب !
ص 594
أيّتها الكَرمة
كُلّ ما غدا مُكتملاً وكُلّ ناضج يُريد أن يموت .
لكن كُلّ ما لم يبلُغ النضج ,يُريد أن يحيا !
ص 594
(( مُرّ وإندثرْ يقول الألم , مُرّ وإندثر أيّها الوَجَع ))
لكن كُلّ ما يتألّم يُريد الحياة !
ص 595
هل قلتُم مرّة نعم للغبطة ؟
أي أصدقائي فقد قُلتم إذاً نَعَم لكلّ الآلام أيضاً .
إذ الأشياء جميعاً مترابطة متداخلة متعاشقة !
ص 595
إنّ كُلّ غبطة تُريد الخلود !
ص 598
أيّها الكوكب العظيم !
( هكذا خاطب الشمس كما سبقَ أن خاطبها فيما مضى )
أيّةُ سعادة ستكون لكَ أيّها الكوكب العظيم لو لم يكن لديكَ هؤلاء الذين تضيؤهم بنوركَ ,يا عين السعادة العميقة !
*****
إنتهى تلخيص كتاب (( هكذا تكلّم زرادشت )) !
أتمنّى أن ينتفع بهِ من لا يملك الوقت الكافي للقراءة .
تلك الأجمل ما في الحياة ,في ظنّي !