بصوت «كُحة» سُجلت خطئًا في الثواني الأولى من فيلم مدته لم تتجاوز الـ16 دقيقة، بدأ عرض أول فيلم روائي قصير في السينما المصرية بعنوان «برسوم يبحث عن وظيفة» عام 1923.
تلك «الكُحة» هي الصوت الوحيد الذي سيسمعه المشاهد طوال 16 دقيقة، نظرًا لعدم وجود مونتاج وتكنولوجيا حديثة في التصوير في ذلك الوقت تستطيع حذف «كُحة» المصور التي وُثقت عن طريق الخطأ في الفيلم الذي يتناساه البعض موثقين بدايات الفيلم المصري في تاريخ آخر.
«برسوم يبحث عن وظيفة، روائي قصير، أول فيلم مصري يقوم مصري بتصويره وإخراجه، ديسمبر 1923»، بالعربية والإنجليزية والفرنسية كًتبت تلك العبارة في بداية الفيلم «النادر» الذي أخرجه وقام بتصويره «أب السينما» محمد بيومي، ومن بطولة: بشارة واكيم، عادل حميد، فيكتوريا كوهين، فردوس حسن، عبد الحميد زكي، محمد يوسف، سيد مصطفى.
يعرض «بيومي» في الفيلم حالة البؤس التي يعاني منها البعض في المجتمع المصري، مقابل الثراء الفاحش الذي يعيش فيه آخرون ومنهم «مدير البنك» الذي يرصد «بيومي» حالته في الفيلم، ليوضح الفرق بين الطبقات الاجتماعية في المجتمع المصري في تلك الفترة.
ورغم ما عرضه «بيومي» من حالة بؤس تسيطر على المصريين لدرجة جعلت شخصًا يعرض نفسه للإيجار مقابل الحصول على الطعام، إلا أنه قدم تلك الشخصيات في سياق كوميدي كي يخفف من وطأة الحالة الاقتصادية السيئة التي يعرضها.
استعان «بيومي» في الفيلم بين المشاهد بعبارات مكتوبة يشرح بها في بعض الأحيان تطورات الأحداث، وفي أحيان أخرى يعلق على المشهد بشكل ساخر، وفي مرات ليوضح شعور شخصياته في تلك الأثناء.
ويلاحظ من يشاهد الفيلم أن صورة سعد زغلول تتوسط عدد لا بأس به من مشاهد الفيلم، كما أن العبارات المنتشرة على جدران البيوت، والتي توضح مدى ارتباط المصريين بثورة 1919، أصر «بيومي» على تصويرها والتركيز عليها بشكل عمدي يدل على رغبته الشديدة في توثيق تلك الحالة.
ويناقش الفيلم قضية أخرى هي الترابط بين المسلمين والمسيحيين في مصر، إذ أن «الشيخ متولي» رجل مسلم، ويؤدي دوره الفنان بشارة واكيم، وهو صديق لـ«برسوم»، الرجل المسيحي الذي يؤدي دوره الفنان عادل حميد.
يتناسى البعض دور محمد بيومي في السينما، إذ يعد المؤسس الحقيقي للسينما المصرية، والذي كان شغوفًا بالسينما المصرية منذ الصغر، ووضع إرهاصات الفيلم المصري، وقدم فيلم «برسوم يبحث عن وظيفة»، ووفقًا لكتاب «محمد بيومي الرائد الأول للسينما المصرية»، للمؤلف محمد كامل القليوبي فإن الفيلم هو أول فيلم روائي قصير يصوره ويخرجه ويكتب له السيناريو ويحمضه وينتجه ويطبعه مصري، وهو ومحمد بيومي الذي لم يأخذ حقه من التقدير بعد نسب بدايات الفيلم المصري إلى آخرين.
منقول