إعدام مجهول التنفيذدماء تسيل وكراسٍ محميةيوماً بعد يوم تتصاعد وتيرة الأحداث المريرة في العراق. فقد أصبحت أبجدية القتل فيه تحفظ عن ظهر قلب حتى للأطفال!. وصارت فنون القتل تمارس علناً؛ فلم تجتمع في تاريخ زمني قصير فنون متعددة للقتل مثلما اجتمعت في العراق, ولو انه عرف فنوناً عديدة, في هذا المضمار مذ بدء تاريخه.لم يعش شعب من الشعوب تجربة ان يكون كل فرد فيه قد صدر حكم الإعدام موتاً عليه وهو لا يعرف ساعة التنفيذ او كيفيته مثلما يحدث للعراقيين الآن. فقط هذا القاتل (بطل المجازر) المجهول له الحق في تحديد الزمان والكيفية التي ينفذ فيها هذا الحكم المبرم. إنها مشانق وساحات إعدام متنقلة فالموت في سماءنا تلوثاً وقذائف هاوون- والموت تحت أقدامنا وعلى يميننا وشمالنا- سيارات نقل, سيارات مسلحين, سيارات مفخخة, أحزمة ناسفة, سكاكين مشحوذة وقاتل ملثم او سافر الوجه لا يهم, فذاكرتك أيها القتيل لا يمكن أن تحفظ بوجه قاتلك بعد موتك. وقد اقترنت تلك الجرائم في إذاعة أخبارها والتعليق عليها بعبارة (قام مسلحون مجهولون) او(انفجرت سيارة مفخخة) أو (قام رجل يرتدي حزاماً ناسفاً) إلى آخر الصيغ التي ترتئيها وسائل الإعلام وهي تنقل أخبار هذا القتل المجاني والعبثي وتلك المجازر اليومية. والجميع يدرك أن القاتل معروف…ارتأت إدارة التحرير حذف بقية الفقرة خوفاً مما لا يحمد عقباه…!أما الدولة (التي تدعي حماية المواطن ووضع مصلحته قبل كل شيء ومراعاة حقوقه كافة, وطبعا هذا الكلام يبعد عن الواقع بعد السماء عن الأرض) تحاول بإبجراءتها الوهمية التصدي لتلك الأحداث ومعرفة الأساليب التعسفية التي تمارسها تلك العصابات الإرهابية ومعرفة بطل المجازر التي تحدث في العراق دون ان تعي انها السبب الرئيسي في حدوث كل هذه الفوضى.إن كل هذه الصراعات الدموية التي تحدث في العراق لأجل ذلك الكرسي الملعون, فكل من يصل إليه يستأصل من الشعب شأفة وأمام أنظار العالم دون أن يحرك احد ساكنا , حتى سدروا في ظلمهم وبلغوا في شططهم شئناً لم تبلغه دولة من قبل. إن حقيقة الوجه البشع لهذه الحكومة لم تقف عند هذا الحد, ولكن الأعمال الإجرامية التي تنفذ في الظلام من نهب وسلب مقدرات البلد ووضع الخطط لسرقتها أكثر من أن تحصى حيث يتورط فيها عادة كبار المسؤولين في الدولة .حتى أصبح الخير لغير أهله والنعمة تنهبها أفواه تعودت أن تمتلئ بالمال الحرام؛ وأيدٍ هي سياط تلهب ظهور الجياع وقيوداً تحكم قبضة الحقد والشره على أيدي الفقراء؛ ووحوش ذات أنياب شرسة متعطشة للدماء الزكية . فأصبح لكل يوم نكسة موجعة وهزة عنيفة تزلزل النفس من دواخلها . أما السياسة فقد صارت خنجراً ينحر الرقاب الضعيفة لتكون قرباناَ لاعتلاء السلطة. أما حان الوقت للشعب أن يعرف بأن دمائه رخيصة عند من سلمهم أمره بل هي ارخص عنده من الهواء الذي يستنشقه…متى يأتي ذلك القائد الذي يعتلي السلطة فيتعامل مع المسؤولية بشرف وأمانة وليس مجرد تفاخر وفوز؟!. لكن هذه أمنية لم تتحقق ولن نراها حتى فناء الدنيا , لأن السياسة والتصرف الأخلاقي شيئان متضادان لا يلتقيان بحال من الأحوال, كما أن الحكام الذين يتحلون بالخلق الكريم لا يستقرون على عروشهم طويلا. ومما نراه ان سياسيي اليوم ينتهجون نهجاً مؤداه ان ” الغاية تبرر الوسيلة ” . فليس غريباً إذن موت الأبرياء وعوز الفقراء وتسلط الإرهاب في كل مكان. إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن ليس متعلقاً بجهل العالم بحقيقة هذا الوضع البشع في البلد بل هو ماذا يجب على العالم أن يفعل إزاء معرفته الأكيدة لهذا الوضع ؟! بل يراه كل يوم !!!