وشى بعض جلساء السوء للمتوكل بأن الإمام علي الهادي عليه السلام قد جمع السلاح للانقضاض على الدولة العباسيّة ، وحكّام الجور لكثرة جرائمهم وتعدّيهم على الناس يُفزعهم أيُّ أمرٍ بخصوص مُلكهم وسلطانهم ، ولذا أرسل المتوكل جماعة من الأَتراك، وأمرهم أن يداهموا بيت الإمام عليه السلام ويحملوه على الحالة التي هو فيها. فوجدوه مستقبلاً القبلة ويتلو آيات القرآن . فأخبروا المتوكل بما شاهدوه وكان المتوكل في مجلس الشراب فطلب من الإمام أن يشاركه ، فأبى عليه السلام ثم طلب منه أن ينشده شعراً وألحَّ على الإمام فقال عليه السلام قصيدته اللاّمية العصماء

باتوا على قللِ الأجبـال تحرسُهـم غُلْبُ الرجالِ فمـا أغنتهـمُ القُلـلُ

و استنزلوا بعد عزّ مـن معاقلهـم و أودعوا حفراً يا بئس مـا نزلـوا

ناداهمُ صارخٌ من بعد مـا قبـروا أين الأسرة و التيجـانُ و الحلـلُ؟

أين الوجوه التـي كانـتْ منعمـةً من دونها تُضربُ الأستارُ و الكللُ؟

فأفصح القبـرُ حيـن ساءلـهـم تلك الوجوه عليهـا الـدودُ يقتتـلُ

قد طالما أكلوا دهراً و ما شربـوا فأصبحوا بعد طول الأكلِ قد أكلوا

و طالما عمّـروا دوراً لتُحصنهـم ففارقوا الدورَ و الأهلينَ و ارتحلوا

و طالما كنزوا الأموال و ادّخروا فخلّفوها على الأعـداء و انتقلـوا

أضحت منازلُهـم قفـراً معطلـةً و ساكنوها الى الأجداث قد رحلوا

سـل الخليفـةَ إذ وافـت منيتـهُ أين الحماة و أين الخيلُ و الخـولُ

أين الرماةُ أمـا تُحمـى بأسهمِهـمْ لمّا أتتـك سهـامُ المـوتِ تنتقـلُ

أين الكماةُ أما حاموا أما اغتضبوا أين الجيوش التي تُحمى بها الدولُ

هيهات ما نفعوا شيئاً و ما دفعـوا عنك المنية إن وافى بهـا الأجـلُ

فكيف يرجو دوامَ العيش متصـلاً من روحه بجبالِ المـوتِ تتصـلُ

بحار الانوار