كنت أتحدث مع أصدقاء مقيمون في دول أوروبية مختلفة فتفاجأت بأن أحدهم بدأ بتعلم لغة اسمها ماندرين، في البداية وكي أكون صادقاً لم أعرف هذه اللغة فسألت من يتكلمها؟
فقال "إنها الاسم الرسمي للغة الصينية المعتمدة من قبل الدولة
وعندها سألت "لماذا؟"، فكان الجواب إنها لغة المستقبل وكل المدراء في أوروبا يعمدون إلى تعلمها هذه الأيام .
والمقصود بأن هذه اللغة - وإن كنت أنقل اسمها بشكل صحيح - هى لغة المستقبل وهى لغة الدولة التي ستحكم العالم خلفاً للولايات المتحدة الأمريكية، فكل المؤشرات تؤكد أن نمو التنين الصيني اقتصادياً وعلمياً هو نمو حاكم مستقبلي للعالم، ومع الأخذ بعين الاعتبار الطاقة البشرية والقوة العسكرية تصبح توقعات الريادة شبه مؤكدة حسب العلوم المختلفة من اقتصاد وتاريخ وسياسة واجتماع .
المسألة في هذا المقال ليست إن كانت الصين ستقود العالم من عدمه، لكن ما لفت انتباهي طريقة التفكير السائدة في أوروبا والعالم الغربي
كله والتي ستسمح له دوماً بأن يتقدمنا ما لم نغير نحن من تفكيرنا، فهم الآن أتقنوا اللغة الإنجليزية ولم يكتفوا بذلك بل بدأوا بالاستعداد للمستقبل من تحضير فئة تتكلم الصينية وهي التي سيناط بها مستقبلاً تعليم الباقين اللغة، وكأنهم يسبقون المستقبل فما إن يأتي حتى يكونوا على أتم الاستعداد له...أما نحن فمصرون على لعب دور المندهش فغداً تسود الصين ونحن نندهش للغتهم ونحاول تعلمها فنتقن ذلك عندما تشارف هي على الهبوط من القمة من أجل دولة أخرى .
المسألة لا تتعلق باللغة فقط، بل إنها تتعلق بنمط حياة وتفكير بشكل عام، فكل الشركات التي عملت فيها كانت تفتقد إلى الاستعداد للمستقبل وكانت تحب دور ردود الفعل السريعة على طريقة الأفلام الأمريكية، وحتى نحن كأفراد نعرف ما قد يمكن أن يحدث ولكننا ننتظره حتى يقع ثم ننطلق متحركين، وهذا واضح من حياة الطالب الذي ينتظر ليلة الامتحان إلى قليل الحركة الذي ينتظر الإصابة بالجلطة والموظف المتأخر دوماً الذي يترقب إنذاره وربما فصله