روتانا
الانتحار "أحد أخطر الظواهر اللافتة في الكثير من بلدان الوطن العربي بشكل يدعو للقلق والانزعاج, فبحسب أحدث الدراسات التي تناولت ظاهرة الانتحار في الوطن العربي فإن ألفي حالة انتحار تتم يوميًا في مجموع الدول العربية مقابل 3 آلاف حالة انتحار بأوربا، حيث وصلت نسبة المنتحرين العرب إلى 4 في كل 100 ألف منذ بداية الألفية الجديدة. ويقابل كل حادثة انتحار تمت بالفعل 20 محاولة انتحار فاشلة طبقاً للإحصائيات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية.
وتأتي مصر والمغرب وتونس والجزائر على قائمة الدول العربية التي تنتشر فيها حوادث انتحار، بينما تتواجد لبنان وسوريا والخليج أسفل القائمة، ففي الأردن تقدر حالات الانتحار مؤخرًا بـ70 حالة، و400 محاولة في العام، وهو ارتفاع شديد مقارنة بإحصائية 2012 والتي وقع فيها 57 حالة انتحار، ويتميز الأردن بظاهرة انتحار الأطفال حيث ينفذون 18% من حالات الانتحار في المملكة.
أما في مصر فهناك 3000 محاولة انتحار سنوياً لمن هم أقل من 40 عاماً، بينما وصل معدل الانتحار في اليمن إلى 251 حالة.
ووفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية، تأتي السودان في أعلى نسب نمو عدد الحالات بنسبة 17.2 حالة في كل 100 ألف، وفي آخر ترتيب الدول العربية جاءت كل من السعودية وسوريا متساويتين بنسبة بلغت 0.4.
أما عن ظاهرة الانتحار التي بدأت تظهر لدى اللاجئين السوريين، فتذكر دراسة دولية قدمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن نحو 41% من الشباب السوري في لبنان قد سبق أن فكروا بالانتحار، ضمنهم 17% تملكتهم الفكرة لفترة طويلة.
كما تشير الإحصائيات إلى أن هناك 3 ملايين مغربي يريدون الموت، وذلك لانتشار حالات الاكتئاب والبطالة، أما في تونس فسجل عدد محاولات الانتحار سنويًا بنسبة واحد في الألف أي نحو 10 آلاف تونسي يحاولون الانتحار سنويًا.
وبحسب إحصائيات الجزائر، تؤكد أنه تواجد 1108 حالات انتحار أغلبها لشباب ومراهقين خاصة من الإناث، كما يحاول 3 أشخاص جزائريين الانتحار يوميًا.
وترى الدكتورة درية عبدالله، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن زيادة معدلات الانتحار في الوطن العربي من أكثر الظواهر الخطيرة التي تشهدها الكثير من المجتمعات العربية وتعد في ذاتها مؤشراً في غاية الخطورة على ما أصابها من متغيرات سلبية وانحراف عن القيم الدينية والاجتماعية التي تمثل حصناً ضد انتشار مثل هذه الظواهر الخطيرة, موضحة أن هذه الظاهرة كانت الأكثر انتشاراً في الغرب، وأن وجودها في بلدان الوطن العربي كان مجرد حالات فردية لا ترقى إلى مستوى الظاهرة.. معتبرة أن تزايد المعدلات الآن يحتاج إلى وقفة جادة من قِبل كل حكومة ومؤسساتها لإعادة النظر فيما طرأ على المجتمع من تغيرات تمكّنت من الانحراف بالبعض عن ثقافتهم ومعتقداتهم.
مشددة على ضرورة العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية للشعوب العربية وتحقيق معايير العدالة الاجتماعية؛ تجنباً لاتساع الظاهرة، مع ضرورة تكثيف الجهود التربوية والدعوية الرامية لاستعادة القيم الدينية والاجتماعية التي من شأنها حماية الأفراد من أي انحرافات فكرية وسلوكية.