ما بال أنفسنا تفقد الكثير منها على قطار الحياة … تتنصّل من جزء بإرادتها و تخسر أجزاء رغما عنها …ففي النّهاية ليست كلّ الرّقع بمقدورها البقاء إلاّ ما انتمى للأصل و أرجع للجذور …
نحار عادة كيف تنقلب أحداث حياتنا على أعقابها و كيف تدار المواقف على أدبارها … فنتساءل أناّ للسرداب المخبّئ لأقدارنا أن يتحوّر فجأة … أن يزيد عمقا أو أن يردم أكثر … أن يعاد رسم تضاريسه و كأنّما كلّف بذلك مهندس آخر و لا شيء من تخيّلاتنا يمتّ للحقّ بصلة …
كلّ مناّ يعلم بتصديق جازم أنّ القدر واحد و مكتوب بشكل يحول دون خضوعه لقابليّة التّغيير … و لكنّنا نتألّم من ذلك بالرّغم من كونه الحقيقة الثابثة في الذّهن و الوجدان … المحققة بالدليل و البرهان … لكن ثمّة ذلك الخلل الذّي يولد من داخلنا … يولد من رحم الأحلام … لن أقول الورديّة فلكلّ مناّ لون أحلامه الخاصّ الذّي ينفرد به عن سواه …سأكتفي بتسميتها أحلام … تلك التّي تنسج ليلة بعد ليلة و بإتقان فلا تتفكّك إلاّ بضربة واحدة من منصل القدر … يا لك من جائر في عيوننا و عادل في عقولنا يا قدر و شتان ما بين العدل و الجور… فلا الجور ارتقى ليلمس العدل و لا العدل رضي النّزول لمقام الاستبداد … فأنى لك يا قضاء أن تجمع الاثنين ؟ و أنا للتناقض أن لايكون بين غريمين ؟
لا غرو و لا جرم أنّ العيب من ملّة البشر … ففي نهاية المطاف تبرز ارتياباتنا … ليس القدر من لم ينصفنا … و ليس للجور منصب في برلمان القضاء كما يتهيّأ لنا … إنّما نجن المخطؤون في حق أنفسنا الظالمون لها حين نؤمن أنّ أحلامنا ستكون أقدارنا … رغما عن أنّهما لا يشتركان إلا في ألف و نون … فطوبا لألف خدعتنا و قبعة لنون لعبت بالظنون …
نسأل الله جميل القدر … و رحيم القضاء … آمين …
راق لي