*
عن الفضلاء / ص 182
رعوداً و صواعق ,يجب أن يتكلّم المرء الى الحواس المرتخية النائمة .
***
تُريدون أن يكون لكم أجراً أيّها الفُضلاء .
تُريدون جَزاءً على فضيلتكم وسماءً مقابل الأرض .
وخلوداً مقابل يومكم هذا .
ها أنتم تسخطون عليّ الآن ,لأنّي أعلم أن لا مُحاسِب ولا مُوزّع اُجور هناك .
إنّي لا أعلم حتى بأنّ للفضيلة جزاء في ذاتها .
أوّاه ,هذا الذي يُحزنني : في عمقِ الأشياء دُسّت إكذوبة الثواب والعقاب !
ص 183
إذ هذهِ هي حقيقتكم أيّها الفُضلاء
أنتم أكثرُ نقاءً من أن تتلوثوا بقذارة هذهِ الكلمات:
إنتقام ,عقاب ,جزاء ,ثأر !
تحبّون فضيلتكم محبة اُمّ لطفلها .
لكن متى سمعتم باُم تبتغي أجراً على حبّها ؟
***
لكن هناك أيضاً أؤلئك الذين لا تعدو فضيلتهم كونها تشنجاً تحت لذع السياط . ولكَمْ سمعتم من صرخات هذهِ الفضيلة !
ص 184
آخرون يشعرون بالفخرِ لنزرٍ قليل من عدالة لديهم .
يقترفون بسببه ضروباً من الشنائع في حقّ الأشياء كلّها ,الى أن يغرق العالم بكليّتهِ في مظالمهم .
لكَمْ هي مقرفة عبارة (فضيلة) وهي تَسري على أفواههم .
عندما يقول أحدهم : (أنا عادل)
فإنّ لكلمتهِ تلك دوماً وَقع .. (إقتصصتُ لنفسي) !
ص 185
بفضيلتهم يريدون أن يفقؤوا عينيّ عدوّهم ,هم لا ينهضون إلاّ لكي يحطوّا من منزلة غيرهم !
***
عن الرعاع / ص 188
إنّ الحياة هي نبع مسرّة ,لكن حيثما يكرع الرعاع تتسمّم كلّ الآبار !
ص 189
بل حدثَ لي أن تسائلتُ وكدتُ أختنق بسؤالي :
ماذا ,هل الحياة بحاجة الى الرعاع أيضاً ؟
ص 190
مثل مُعاقٍ أصّم وأعمى وأخرس أصبحتُ
هكذا كان عليّ أن أحيا لزمن طويل ,كي أظلّ بعيداً عن رعاع السلطة والكتابة والرغبة ! هكذا تكلّم زرادشت
ص 192
إيّاكُم والبصاق في وجه الريح !
***
عن العناكب
(إنّ العدالة تعني لدينا أن تغمرَ العالم عواصفَ إنتقامنا)
هكذا تتحدّث العناكب فيما بينها .
(إنتقاماً نريد أن نُنزِل بكلّ الذين ليسوا مثلنا , ونغمرهم بالشتائم)
ذلك هو الوعد الذي يأخذهُ ذوو قلوب العناكب على أنفسهم !
***
ص 196
لترتابوا أكثر من كلّ أؤلئك الذين يُكثرون من الكلام عن عدالتهم !
***
لا أوّد أن اُمزَج بدعاة المساواة ,ولا أن يُخلَط بيني وبينهم .
إذ هكذا تُحدّثني العدالة (الناس ليسوا سواسية)
ولا ينبغي لهم أيضاً أن يُصبحوا كذلك !
***
ص 200 / عن مشاهير الحكماء يقول :
لكن الذي يكون مكروهاً من الشعب (كالذئب لدى الكلاب) هو العقل الحُرّ عدّو القيود ,المُدبِر عن العبادة ,الساكن في الأدغال .
مطاردتهِ وإجلاؤهِ عن مخدعهِ ذلك ما يعني لدى الشعب (حِسّاً بالعدالة)
إذاً هنا تكمن الحقيقة : إذا كان الشعبُ هنا ,ويلٌ للسالكِ دروب البحث !
*****
ص 202
أردتم إقرار الصواب لشعبكم في عبادتهِ وسميّتم ذلك (إرادة الحقيقة) يا معشر مشاهير الحُكماء .والآن وددتُ لو تلقوا عنكم أخيراً جلد الأسد كلياً جلد االحيوان المُفترس,الجلد المُزوّق وفروة المُستطلع ,الباحث,الغازي !
ص 204
العقل هو الحياة التي تجترح نفسها في الحياة .
وفي المُعاناة الخاصّة ,تنمو المعرفة الخاصة .
هل علمتم بهذا الأمر من قَبلْ ؟
إنّ سعادة العقل هي هذهِ :
أن يكون مُضمّخاً بالدهن ومُعمّداً بالدموع ,من أجل أن يكون اُضحية !
***
إنّ عماءَ الأعمى وبحثهِ وتلمّسهِ ,ليست سوى الدليل الشاهِد على قوّة الشمس التي يُحدّق فيها .هل علمتم بهذا الأمر من قبل ؟
***
ص 206
مَنْ لم يكُن طائراً ,لا يحّق لهُ أن يبني عشّهُ فوق الهُوى السحيقة !
ص 212
لا تتوقفنّ عن الرقص أيتّها الفتيات اللطيفات .
ليسَ مُفسِد أفراحٍ ذا عين سوء يُقبِل عليكم هُنا , ولاعدواً للفتيات !
ص 215
عندما سألتني الحياة ذات مرّة : مَنْ هي إذاً هذهِ الحكمة ؟
أجبتها بحماس : آ .. طبعاً الحكمة .
يتعطّش المرء إليها ,ولا يرتوي أبداً .
ينظرُ المرء إليها من خِلال حُجُبْ
ويُلاحقها بشِباكْ , طمعاً في القبضِ عليها !
هل هي جميلة ؟ وما أدراني بذلك .
لكن متقلّبة هي وحرون .
وكثيراً ما رأيتها تعّض على شفتيها ,وتأتي الأمور بعكس ,مثلَ الوَبَرْ !
ص 217
آهٍ يا أصدقائي , إنّهُ المساء هذا الذي يسألُ من داخلي .
لتغفروا لي حُزني .
لقد حلّ المساء !
لتغفروا لي حلول المساء .. هكذا تكلّم زرادشت !
ص 230
هناك دوماً بيتاً للبناء على الأنقاض !
ص 232
وتقولون لي أيّها الأصدقاء إنّ مسائل الذوق والألوان لا تخضع للجدال لكن الحياة كلّها خِصام حولَ مسائل الذوق والألوان !
ص 233 / عن ذي المقام الرفيع يقول :
معرفتهِ لم تتعلّم الضحك بعد ,وأن تكون بلا حسد .
صبوتهِ الجيّاشة لم تركن بعد الى السكون في الجَمال .
حقاً أقولُ لكم : ليس في الشَبَعْ ينبغي أن تسكن رغبتهِ وتندثر ,بل في الجَمال .ذلك أنّ الحُسن جزء من سماحة الأنفس العظيمة !
باسطاً ذراعه فوق رأسهِ ,هكذا ينبغي على البطَل أن يستريح
وهكذا عليهِ أن يتجاوز إستراحتهِ أيضاً !
ص 234
إنّ الجمال يستعصي على كلّ إرادة عنيفة .
***
عندما تغدو القوّة رحيمة وتنزل من عليائها الى المجال المرئي ,جمالاً سأدعو هذا النزول .
وما مِن أحدٍ اُريد منهُ جمالاً مثلما اُريدهُ منك أيّها القويّ .
وليكن خيركَ آخر إنتصار على نفسِكَ .
أعرفكَ قادراً على كلّ شرّ , لذلك أريد منكَ الخير !