دائماً لها ذوقها الخاص لا يشاطرها فيه احداً
قصه قصيره استوقفتني عند قراءتها فأحببت ان اشاركها معكم
بطعم الفانيليا
تقول للنادل ...فيوميء لها بأنه يدري ..وكُل من في المطعم يدري طلبها ذاك المعلوم !
أمّا هو فيجلس في مكانها ..الذي أعتاد أن يكون مكانهم
لم يكُن من هواة الفانيليا ولكنَّه أعتاد أن يُمارس طقوسها ...فكم من طقوسٍ قد تبعث من ذهبوا بعيداً ؟!
أو كما يظُن هو
أحضر له النادل طلبه وتركه غارقاً في بحرِ كوبٍ مليء بمذاقٍ لا يشتهيه أكثر من إشتهاءه لصاحبه
أغمد في عُمقِ الكوب ملعقته وأغترف غُرفةً صغيرة ووضعها على فمه ...سُرعان ما ذابت ...فتسلل بداخله شعوراً لطالما أحبه وكرهه
مذاقٌ يُدغدغ جسده ...ألمٌ جميل ..مُختلِط بشوقٍ خفي إلى تلك الفتاة التي شاطرته قلبه ..أو قُل إحتلته ورفعت رايات نصرها على غُرفه الأربع !
سرعان ما إنتهى الكوب ..وسريعاً ما ذهبت هي !
ولم يبقَ من ذكراها سوى قليلاً من بقايا الفانيليا في كوبه أمامه !
لا يدري لما يتذكر لحظات الرحيل وكأنها حدثت البارحة
كانا يضحكان ملء قلبهما ...ثم أردفت بعد ضحكةٍ ...أعتقد إن أيامي في المدينةِ قليلة
أتذكر أنّي فقدت نبضةً حينها واعتقدت أنها تمزح معي
ولكنّ تعابير وجهها المرسومة بعناية أفصحت أنّها الحقيقة لا لبس فيها
تلك البعثة إلى أحد الجامعات المشهورة بالخارج ...حلمي ...مستقبلي ...كلماتٍ توالت كأنها سيلُ العرم
أنبأت لي عزمها على الرحيل
رحلتُ عن المطعم بعد أن دفعت الحساب لم ألمح نظرة الكاشيير المُشفِقة حينما أعطيته ظهري ,,,ولا أدري أنهم يتحدثون عن آمالي الواهنة في إنتظارها
لعلها تأتي يوماً ما !
يتذكر يوم أن هاتفته تطلب منه اللقاء
حينها قابلته وهي تحمل حقيبة توحي بالفراق
كان يشعُر بخليطٍ من الغضب واليأس والوفاء والقليل من الحُب الذي إختبأ خلف كل شعور
قال لها في صوتٍ مبحوح : ماذا أعني لك ؟!
أطرقت برأسها ناحية الأرض وسالت دمعة نابتة في مُحياها ... وقبل أن تبدأ الكلام
قال لها : لا تقلقي عزيزتي ..لن أقف أمام أحلامك ..
تركها تذهب وهو يعلم أنه إن كان جادلها قليلاً لبقت
ولكنَّه أبى أن يسألها البقاء
حينما أختارت الرحيل
ومضت وكأنما أعجبها الفراق
وظل طعم الفانيليا عالقاً بحلقه كأنه غُصة
أو كأنه ألمٌ جميل !