في مدرستي الابتدائية سمعت للمرة الأولى بكلمة سرسري. كان الاستاذ حاتم يقرأ أسماء التلاميذ المتفوقين في الامتحانات الفصلية. انتهى من قراءة اسماء الثلاث الاوائل، اراد ان يكمل قاطعه زميلنا رشيد متسائلا: "استاذ شو اسمي ماكو وي الاوائل؟". ضحك استاذ حاتم بصوت عالي واجابه، انتظر راح انطيك شهادة السرسري الاول.
بعد ان انتهى استاذ حاتم من قراءة الاسماء نادى على رشيد واوسعه ضربا وهو يقول: "هم سرسري وهم لسانك طويل" .
لو اجرينا استفتاء شعبي لمعرفة السرسري الاول والحرامي الاول والعميل الاول والفاسد الاول والمرتشي الاول والفاسق الاول والفاجر الاول وو... من بين الساسة, فهل سيحصد شخص واحد منهم كل هذه الالقاب ام ستتوزع الجوائز بين مجموعة من الساسة؟.
هل سيكون هذا الفائز سياسي عادي ام رئيس كتلة ام زعيم حزب او قائد مجموعة ام سيفوز الاغلبية بكل الجوائز؟.
رحم الله زماننا وزمن مدرستنا التي افرزت سرسرياً واحداً من صفنا الدراسي ولم يترك رشيد السرسري دون رادع، فلقد كان الاستاذ حاتم والمدير خالد الشيباني -يرحمهما الله- له بالمرصاد ، كلما تجاوز وتعدى حدوده .
نحن في زمن المسؤول فيه سرسري ومسؤول المسؤول اكثر فسادا وسرسرة ولم نجد من يردع هؤلاء.
لان السلطات الرقابية والعقابية ربما تكون اكثر فسادا .
يتوسلون بالمرجعية عندما تقتضي مصالحهم ذلك ويديرون ظهرهم لها اذا طالبتهم بمحاربة الفساد، هي لا تملك سلطة غير سلطتها الاخلاقية. فكيف تردع السلطة الاخلاقية من لا اخلاق لهم سرسرية ؟. عقاب السرسرية بايدينا، نحن من سيمنحهم شهادات السرسرة ونحن من سيتولى عقابهم .
خيزرانة الاستاذ حاتم ستكون اكثر رحمة مما ينتظرهم على أيدي الشعب.
"حتى اللص يقول باسم الله عندما يضع المفاتيح في الخزنة المسروقة " فولتير