بقلم الاستاذ محمد الخطيب
لماذا افترضت علينا سنة هذه البشرية أن نقف هنا نمتطي جرحنا ونسافر عبر الزمن محرومين من ادني متطلبات الفرح ، نسافر عبر بوابات الخوف واللا أمن والحرمان ، تسكن في عيوننا مرارة الدمع وفي قلوبنا حسرة الوداع واللقاء ، حتى وان جاء يوما ما يدعي للفرح أصبحنا لا نعرف كيف نفرح ، من الذي فرض علينا هذه المفترقات لكي ينعم هو بالحياة ، من الذي سرق من عيوننا في ليالينا الحزينة حتى الحلم ، من الذي أبدل نهارنا بستائر ليل معتم واستبدل صوت موسيقى الليل بعواء ذئاب أصبحت تعوي في قلوبنا ،تلونت جدران عمرنا بالألم واكتسانا الوهن ، وعربد في قلوبنا الخوف ، نبحث عن الورد في حاويات القمامة ونبحث عن الأمان في مرمى النيران ونبحث عن الحب في قلوب صدئت وكساها الحقد والكراهية ، ونبحث عن عمرنا بين القبور ، اختلطت علينا الأمور حتى لم نعد ندري من نحن وماذا نريد والى أين تشير البوصلة .أصبحنا نحن الكبار نبحث عن الأمان في عيون أطفالنا فيقتلنا الخوف ، ونبحث عن الحنان في أحضان أمهاتنا فترهقنا قسوة الأيام ، ونبحث عن الدفيء بين الثلوج المتراكمة على قلوبنا ،الم يعد هناك من يمتلك قراره ويسطع بقول كفى ، الم يعد من يتجرأ على اللات والعزى ويحمل فأسه ليكسر هذه الأصنام التي أصبحت تتحكم في حياتنا ، ماذا تبقى لنا من مساحة نخط بها جراحنا وآلامنا أم هل بقي هناك مساحة لأقلامنا لتكتب ما تبقى من شظايا العمر هنا في هذا العمر المسلوب منا بإرادتنا ،أصبحنا نلعب في متاهة كبيرة إما نصل إلى نهايتها ونكون قد أسلمنا ما تبقى من أعمارنا هناك أو أن نموت في منتصف الطريق تعبا ويئساً وإما أن نعود من حيث انطلقنا وعنها يكون مفروضا علينا أن نحاول مرة أخرى ،من الذي فرض علينا هكذا حياة ، لن أقول وأسلم بأن هذا هو قدرنا ، قد اسلم يوما بأن هذا عقابا ربانيا نعم ، ولكن ليس قدرا مكتوب يجب أن نحياه ، بل هو من صنع البشر ، أصحاب المصالح الثورية ، والاقتصادية المعولمة ، إنها حياة فرضها علينا من لا دين لهم ولا ضمير ، خطها لنا الثوريين المتخمين بقوتنا وبأحلامنا ، خطوها بكروشهم العفنة وأفكارهم الدنيئة ، وانتماءاتهم المشبوهة ، وساقونا مثل الخراف على مذابح صفقاتهم الخيانية ، ونحن اعترانا الجبن والهزال من صوت مرورهم المرعب في حياتنا ، ولم نتجرأ حتى على أن نتنفس بصوت عال ، فمتى يستيقظ في قلوبنا الأمل لأننا إذا انتظرنا صحوة ضميرهم فلله البقاء ، كفي إلى هذه الحد ، وكفانا تجاعيد تكسي وجوهنا بالعار ، فما عاد يتبقى في بندقية هذا العمر غير طلقة واحدة فإما أن نطلقها على أنفسنا ونفسح المجال لهؤلاء المشوهين أن يتمددوا وأما أن نطلقها عليهم ونفسح المجال لأطفالنا ولعيوننا أن تبتسم ولحياتنا أن تزهر من جديد.
راق لي جدا