لكل أرضٍ رجالات ،ولكل أسطورةٍ أبطال . لكن من الرِجَالاَتِ من حفر في الذَّاكرة حتى صار وقْعُهُ أقوى وأكثر رسوخاً فيها من أبطال الأساطير و الأفلام ، نعم هو "غوارديولا" من كانت بداياته ملتقط الكرات ليُتسلق سُّلم المجد من أوله، لاعباً فنجماً فيما بعد .
وبانتهاء صلاحية اللاعب ، ظهر من جديد : مدربًا منطلقًا إلى عالم الشهرة والنجومية، فكان رجل السداسية و منها إلى الخماسية وبينهما ثنائية في دوري الأبطال وثلاثية متلاحقة في الليغا، فهل لأرض الكتلان رجل غير هذا الرجل؟
قد تكون الحياة تحدياتٍ يعيش الإنسان للتغلب عليها ، أو على الأقل لمحاولة التجذيف ضد تيارها . لكنها في لحظة من اللحظات أيضا قرارٌ و مصير ، فما أصعب أن تعفو و أنت أشد الغاضبين ، و أن تترجل وأنت في اوج بزوغ الفجر تداعبك فيه أشعة الشمس الذهبية ، لتغازل غرورك وتغريك بنسيم القمة. فلا يصفح حينها إلا كريم ، ولا ينخفض أمامها إلا عظيم . وكما الحياة تحدٍ وقرار ، فهي امتحان أيضاً. وكيف و ان كان الإمتحان الأخير لا تكرار بعده ولا استدراك . هي حسبةٌ واحدةٌ لا تقبل التوازنات و لا التعقيدات ، لها حل واحد بطعم الوداع. إنه مسك الختام.
آخر نهائي = آخر لقب = آخر أمل لإنقاذ الموسم:
كما قالها الرجل في مؤتمر الوداع : "لكل شيء نهايته" ، فمباراة برشلونة هي مجرد نهاية ،لكنها نهاية لعدة طرق تنتهي هناك في "الكالدرون" منها الأكيد ومنها ما سيتأكد . ستنتهي حكاية الفيلسوف مع مقاعد البدلاء على ارض الكتلان ، كما سيعلن ختام مباريات بطولة الكأس أو السهرة الأخيرة في عمر موسم الأندية الإسبانية . بينما ربما تكون نهاية الأحزان هناك في بلاد الكتلان ، لكنها قد تأتي على أحلام "الباسك" فتكون ساعة اليقظة من حلم النهائي الثاني على التوالي ، فبعدما فعلها أبناء مدريد أوروبياً في دوري النخبة ، قد تعاد الليلة على معقلهم مع القطب الكلاسيكي وفريق الأحلام. خيوطٌ من يحسن الامساك بها سوف يحرك الموقعة لصالحه بامتياز ، وربما الرهبة من هنا أو القلق من هناك تفسد الأمور و تفيق أحد الطرفين على كابوس مرعب.
فريق العناد القادم vs فريق الرعب العارم:
فريقٌ بابه مفتوح على سياسة "لاماسيا" التجربة الرائدة في صناعة النجوم محلياً وعالمياً ، يواجه فريقاً يصفونه "بالمتعصب" أحياناً، حيث لا يضم غريباً واحداً ، من الجناح إلى الجناح ومن الهجوم إلى قلب الدفاع ، وروح العناد تنخر في نخاع عظمه ، لطالما كان سبب المشاكل للكتلان مع مهاجمين طوال القامة ، وخط وسط يعتمد الكرات العالية و التمريرات الطويلة ومدرب أرجنتيني محنك يعرف الكتلان كما يعرف نفسه. لكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى متى سيصمد عناد "الباسكيين" ، أمام إعصار جارف يقتلع من الجذور كل من يقف في وجهه، لن يفوت فرصة التتويج أولاً ، وقطع بطاقة السفر للانتقام لكن هذه المرة بعيدا عن حسابات الفيلسوف الذي سيكون حينها في بداية سباته الشتوي "ثانياً" .
كأس "مدريد" لمقابلة زعيم مدريد :
لو لم تكن مباريات الريال و البرشا مميزة بشكل جنوني ، لما إختلفت في شيئ عن باقي" دريبيات" أصقاع العالم ، ولو كانت الليغا كما يسمونها صراع الكبيرين لا تحمل ما يميزها ، لما حافظت على ريادتها في وجود دوريات لا يحسم التتويج فيها الى آخر الثوان ، ربما لأنها فعلاً كان لها السبق لهذه الواقعة حين حسم الدوري في بفارق الإهداف ، طبعاً في مواجهات "الكلاسيكو" . وربما لأن جنون الكلاسيكو هو نفسه حتى ولو تكرر خمسة مرات .ربما حتى "أني شخصيا" لا أدري ، لأني لا أعرف لما في كل مرة أعتقد أني أشاهده للمرة الأولى. ولهذا ربما سيكون العطاء الكتالوني في أوجه وكأنه الطريق لرد الصفعة لأبطال الليغا.
ربما غداً تفهمون، غداً عندما تشاهدون حرارة اللقاء قد تستوعبون ، ربما ليس للكأس "وعفواً"، لكن لغاية في نفس يعقوب قضاها.