إن تحديد الكميات المناسبة من الأسماك وأنواعها التي يجب أن تأكلها المرأة الحامل أثناء الحمل يمكن أن يكون قرارًا صعبًا واختبارًا لمدى حرص أمهات المستقبل على أطفالهن، فقد أجريت العديد من الدراسات مؤخرًا حول كمية الأحماض الدهنية التي يجب تناولها والموجود بها مادة أوميجا3إس والمتوفرة في الأسماك والتي تساهم في التطور الصحي لمخ الجنين، وجاءت إحدى الدراسات لتؤكد أن الأطفال الذين يولدون لأمهات تناولوا مادة أوميجا3إس تمتعوا بقدرات ذهنية أفضل من الآخرين، حيث أظهرت الدراسة أن أولئك الأطفال تمتعوا بنسب ذكاء أعلى وبمهارات كلامية أفضل وبمشكلات سلوكية أقل، لذا تنصح الدراسات بأن تتناول المرأة الحامل الأسماك وأطعمة البحر أثناء فترة الحمل.
ولكن على الجانب الآخر تظهر دراسات أخرى تفيد أن الأسماك ربما تحتوي على بعض المواد السمية مثل الزئبق والذي يمكن أن يؤذي الجهاز العصبي الذي يتكون لدى الأجنة، وبالرغم من أن الزئبق موجود بكميات ضئيلة في كافة أطعمة البحر، إلا أن نسبه تكون أعلى بكثير في بعض أنواع الأسماك.
وقد أجرت مجلة (يو إس نيوز أند وورلد ريبورت) الأمريكية حوارًا مع اثنين من الخبراء في علوم الأجنة وأبحاثها لمعرفة أي أنواع الأسماك يجب على المرأة الحامل أن تأكله، والخبيران هما جدعون كورين أستاذ قسم العقاقير الإكلينيكية والسموم ومدير برنامج (مخاطر المرأة (المخصص لتوفير الاستشارات للمرأة الحامل بشأن المخاطر المتعلقة بالأدوية والكيماويات والأمراض والتغذية والعوامل البيئية بمستشفى الأطفال بتورنتو الكندية، وإيميلي أوكين الطبيبة الأستاذة المساعدة في قسم الرعاية المتنقلة والوقاية بجامعة هارفارد، والتي قامت بعدة أبحاث حول مخاطر ومزايا تناول الأسماك أثناء الحمل وآثارها على تطور الطفل.
ويقولان: إنه يجب أولاً اختيار الأنواع المناسبة من الأسماك فليست كلها متشابهة، فالأسماك الكبرى التي تعتلي السلسلة الغذائية يكون فيها الزئبق بنسب أعلى من تلك الصغيرة، لذا فإن الحجم مهم في البداية: كلما كبر حجم النوع الأصلي للسمك كلما زاد فيه الزئبق، كما تقول هيئة الأغذية الأمريكية أن النساء الحوامل يجب أن يأكلن ثلث كيلوجرام أو وجبتين تقريبًا من السمك منخفض الزئبق والمحار أسبوعيًا، وبذلك يمكن تناول المزيد من مادة أوميجا3إس وتقليل الزئبق، أما إذا خشيت المرأة الحامل من ارتفاع نسبة الزئبق فيمكنها أن تجري تحليلاً عن طريق أخذ عينة من شعرها، ويجب ألا تتخطى نسبة الزئبق 0.3 لكل جرام من الشعر، ولكن على أي حال يطمئن الأطباء أمهات المستقبل بأن نسبة الزئبق تنخفض بمرور الوقت تدريجيًا.
ويقول الدكتور كورين أنه حتى الأنواع المختلفة من الأسماك التي يتم اصطيادها من نفس البحيرة يمكن أن تحتوي على نسب مختلفة من الزئبق، ويجب أن يتم الرجوع إلى مسؤولي الصحة لمعرفة نسب الزئبق في كل نوع من أنواع الأسماك أو المحار. والأسماك وزيوت الأسماك تحتويان على مادتي DHA وEPA المسؤولتين عن الكثير من المزايا والفوائد للأجنة، مثل حماية صحتهم العامة والقلب والأوعية الدموية، كما أنهما مهمان أيضا لتطور مخ الجنين وللحماية من الأزمات، ولكن يحذر الخبراء من أن الأبحاث لم تستطع تحديد الحد الأقصى من الكميات التي يجب تناولها من الأسماك حتى الآن، ولكن تشير الدراسة إلى أنه من الجيد تناول ما بين مائتي إلى ثلاثمائة ملليجرام من مادة DHA التي تحتويها الأسماك أسبوعيا، أما فيما يتعلق بزيوت الأسماك فتحذر الدكتورة أوكين من زيت كبد الأسماك بصفة خاصة لأنه غالبًا ما يحتوي على ملوثات. ويقول دكتور كورين أنه يمكن تناول تلك المواد عن طريق مكملات غذائية وليس شرطًا أن يتم تناولها عن طريق الأسماك مباشرة، ويقول أيضا إنه لا ينبغي للأم الحامل أن تقلق على المهارات الإدراكية لطفلها
المصدر : (يو إس أند وورلد ريبورت) الأمريكية