السومرية نيوز/ بغداد
استغلال شركات الهاتف النقال لمشتركيها، بات من الظواهر التي تؤرق المجتمع العراقي وتتعدد أشكاله وأنواعه الى أن وصل الى رفع أسعار كارتات الشحن بسبب الضرائب التي فرضت على الشركات مؤخرا، متبعة سياسة "الأمر الواقع".
ما اضطرت شركات الهاتف النقال على دفعه باليمين، أخذته باليسار من المشتركين، زد على ذلك أنها لم تأبه بتحذيرات الشارع والجهات الرسمية من مغبة مثل هكذا أفعال تنطوي على استغلال علني لتحقيق أرباح هي بالأصل "طائلة"، بحسب مختصين، وكأنها تتعامل مع مشتركيها وزبائنها على أنهم "بقرة حلوب" عليها أن تدر فوائد مضاعفة بأي حال من الأحوال، وذلك بفرض ضرائب 20% على مبيعات كارتات الشحن أو ما تعرف محليا بـ"الرصيد".
"إجحاف" لا يتناسب مع الخدمة
يقول رئيس مركز الإعلام الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "شركات الهاتف لم تف بالتزاماتها التعاقدية تجاه الدولة العراقية، ولم تسدد ما بذمتها من الأقساط السنوية الخاصة بقيمة العقد المبرم رغم تحقيقها لأرباح كبرى"، مبينا أن "تلك الشركات عملت على زيادة أسعار المكالمات عدة مرات، مرة بحجة تحول أسعار الخدمة للدينار، ومرة بحجة تحويل الاستقطاع لنظام الثواني، وذلك بالرغم من الملاحظات المتعلقة بتردي خدماتها".
وبخصوص فرض الضريبة على المشتركين، قال محمد علي، إن "الحكومة فرضتها بصيغة ضريبة مبيعات وليست ضريبة دخل"، مبينا أن "من وضع الموازنة العامة يتحمل تبعات تحميل هذه الضريبة على المواطن وإرهاق كاهله، بدلا من اخذ ضريبة على عائدات تلك الشركات الكبيرة والتي لا تتناسب مع نوعية الخدمة التي تقدمها".
ويؤكد محمد علي، أن "هذه الضريبة مجحفة، وجاءت بدون أي مسوغ"، موضحا أنها "محاولة جباية عائدات لسد عجز موازنة لم يستفد المواطن من فوائض سابقاتها، أي أن زيادة الموازنة لا يعود ريعه للمواطن، لكن نقصها يسده من قوته".
أرباح "خيالية" تستدعي وضع حد للشركات
يقول عضو لجنة الخدمات البرلمانية عبد الحسين الازيرجاوي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "اللجنة متابعة لملف الاتصالات وشركات الهاتف النقال، لكون القضية ضمن اختصاصها النيابي"، مبينا أن "هذه الشركات تهربت من دفع الضريبة خلال السنوات المالية واستفادت من الفراغ الدستوري، بسبب وجود أياد خفية عطلت التشريعات".
ويضيف الازيرجاوي، أن "الضرائب يجب أن تفرض على الشركات نفسها من إرباحها الخيالية، لأن تحميل المواطنين جزءا من الضرائب ظلم اخر يضاف عليهم"، مشيرا إلى "أننا قد نضطر لاستدعاء شركات منافسة وسحب الرخص من الشركات الحالية باعتبارها أخلت بعقود الاتفاق".
ويؤكد الازيرجاوي أن "هذا الملف سيطرح خلال اليومين المقبلين في اللجنة وسنستدعي الجهات التنفيذية لأجل إيقاف الإجراء"، مشددا على ضرورة "إيقاف هذه الشركات عند حدها".
"جشع وسرقة"
المرجع الديني الشيخ قاسم الطائي، طالب من جانبه الحكومة المركزية بالحد من "جشع" شركات الاتصالات، وفيما اتهم الأخيرة بـ"سرقة" أرصدة المواطنين، دعا أبناء الشعب العراقي إلى تقليل التعامل مع هذه الشركات واللجوء إلى وسائل اتصال أخرى غير مكلفة.
وقال الطائي في معرض رده على استفتاء لأحد مقلديه حول ضريبة شركات الاتصالات، إنه "من المؤسف جدا أن تكون مصلحة شركات الاتصالات مقدمة على مصلحة المواطن وهو يئن من ثقل متطلبات المعيشة التي لا يقدر على توفير أدنى متطلباتها، وينتظر الفرج وتخفيف معاناته من حكومته التي انتخبها وأوصلها إلى السلطة، وقد خيبت أمله".
وأضاف، أنه "كان على الحكومة وهي تقرر فرض ضرائب على الشركات أن تلزمها بسقف معين لأسعار الكارتات، لا أن تترك لها مجالا برفع الأسعار بما يغطي مبالغ الضرائب المدفوعة بمقدار مرتين وضعف وكأن دفع الضريبة جاء لمصلحتها على حساب المواطن المسكين"، مشيرا إلى أن "القرار قد يخفي مآرب لبعض السياسيين".
وأشار الطائي إلى "أننا نلفت نظر الحكومة إلى ضرورة الحد من جشع وأطماع هذه الشركات وهي تسرق أرصدة المواطنين كما ثبت بالتجربة، ومراعاة مصلحة مواطنيها والتخفيف عليهم وهم يقدمون التضحيات الجسام في مواجهة الإرهاب، ويسترخصون الغالي في الدفاع عن وطنهم".
وتابع "أننا نلفت نظر المواطن إلى تقليل التعامل مع هذه الشركات واللجوء إلى وسائل اتصال أخرى غير مكلفة، كمواقع التواصل الاجتماعي أو الفايبر أو غيرها وقطع الطريق على طمع هذه الشركات"، داعيا المواطنين إلى "تأكيد مطالبهم وحقوقهم بأسلوب حضاري يلزم الحكومة بمراعاة مواطنيها".
أما الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، يقول، إن "جميع شركات الهاتف النقال الموجودة في العراق ارتكبت العديد من المخالفات بحق المستخدمين"، مبينا أن "هذه المخالفات تمثلت بقطع الاتصال بشكل مفاجئ، وعدم عمل أبراج التغطية بشكل جيد، ومعاودة الاتصال في أكثر من مرة دون وجود تغطية".
وأوضح، أن "هذه المخالفات يدفع ثمنها المواطن وحده".
وكانت شركة اتصالات "آسيا سيل" بعثت، الجمعة (31 تموز 2015) رسائل الى مشتركيها تعلمهم بأنه سيتم اعتبارا من يوم السبت (1 تموز 2015)، جباية وتحويل ضريبة المبيعات البالغة قيمتها 20% من القيمة الاسمية المثبتة على بطاقات الشحن والتعبئة الالكترونية عن خدمة الدفع المسبق وعن الفواتير الشهرية عن خدمة الدفع الآجل كضريبة مبيعات من المستخدمين بحسب الأمر الوزاري الصادر من الهيئة العامة للضرائب التابعة لوزارة المالية لجميع شركات الاتصالات المتنقلة.
المصدر