نص ما جاء في خطبة الجمعة الثانية التي أقيمت في الصحن الحسيني المقدس بإمامة ممثل المرجعية العليا العلامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي بتاريخ 14/شوال/1436 هـ المصادف 31/تموز/2015 مـ :
أيها الإخوة والأخوات اعرض على مسامعكم الكريمة الأمرين التاليين:
الأمر الأول:
يعاني المواطنون في معظم المناطق من نقص كبير في الخدمات العامة ولاسيما الطاقة الكهربائية التي تمس الحاجة إلى حد الضرورة القسوة مع ارتفاع الحرارة الى درجات قياسية في هذا الصيف اللاهب، وكان المتوقع من الحكومات المتعاقبة أن تولي اهتمام خاصاً بحل هذه المشكلة وتقرر وتنفذ خطط صحيحة بسد النقص في هذه الخدمة الأساسية، ولكن المؤسف أن كل حكومة تضع اللوم على ما قبلها ثم لا تقوم هي بما يلزمها لتخفيف معاناة المواطنين مستقبلاً.
ويعاني الكثير من المواطنين من جوانب مهمة أخرى أيضًا ومنها عدم توفر فرص العمل المناسب الذي يحقق لهم الحد الادنى من العيش الكريم حيث أن هناك نسبة عالية من البطالة في البلد كما هو معلوم للجميع والحكومات المتعاقبة اغفلت وضع خطط استراتيجية لعلاج هذه المشكلة بالرغم من الإمكانات الكبيرة التي يحظى بها العراق مما لو استغلت بصورة صحيحة لما بقي مواطن فيه لا يتوفر له العمل المناسب.
وبالرغم من كل هذه المشاكل بالإضافة إلى الفساد المالي والإداري -الذي هو ام البلايا والإرهاب والفلات الأمني الذين تعاني منها مناطق مختلفة- فإن معظم المواطنين لازالوا صابرين محتسبين بل نراهم لا يبخلون عن تقديم تضحيات جسيمة بأرواحهم وأرواح فلذات اكبادهم في محاربة الإرهاب الداعشي فداء للعراق وكرامته وعزته ولكن للصبر حدود ولا يمكن أن يطول الانتظار الى ما لا نهاية له، والمطلوب من الحكومة المركزية والحكومات المحلية ان تتعامل مع طبقات المواطنين بالأساليب المناسبة التي تعبر عن احترام الدولة لمواطنيها ورعايتها لحقوقهم وعدم اللجوء إلى الأساليب الخشنة في التعاطي مع مطالبهم المشروعة كما أن عليها أن تبذل قصارى جهدها في سبيل تحقيق تلك المطالب وفي الحد الأدنى التخفيف من معاناة المواطنين ولو مرحليا وحذاري من الاستخفاف بها والتقليل من شأنها وعدم الاكتراث بتبعاتها.
ان المأمول من المسؤولين ان يعملوا بجد وإخلاص في متابعة تظلمات المواطنين ويحاولوا بكل ما لديهم من إمكانات العمل لتحقيق مطالبهم وحسب احتياجاتهم وليتصوروا بعض الوقت ان يعيشون في نفس الظروف الصعبة التي يمر بها عامة الشعب عسى أن يتحسسوا عمق وحجم معاناتهم.
الأمر الثاني:
تواصل القوات الأمنية البطلة في جهاز مكافحة الإرهاب وغيره من صنوف القوات المسلحة ومعهم المتطوعون الأبطال والغيارى من أبناء العشائر منازلة الإرهابيين في مناطق مختلفة ولاسيما في عدد من احياء مدينة الرمادي وغيرها في محافظة الانبار، و في الوقت الذي نقدر ونثمن عالياً انجازاتهم إنتصاراتهم نؤكد مرة أخرى على ضرورة مشاركة عدد أكبر من أبناء هذه المناطق في هذه المعارك خصوصاً أبناء العشائر الغيارى ممن عرفوا بحميتهم وغيرتهم على العراق و وحدته وكرامته وعزة شعبه، كما أن مشاركة إخوانهم من المتطوعين من مناطق أخرى في هذه المعارك يزيدهم اقتدارا عسكرياً وقوة معنویة تعزز قدراتهم الفعلية وتعكس تلاحما وطنيا يثبت وحدة الهدف وشعور الجميع بالانتماء إلى العراق الواحد الموحد و يفوت الفرصة على من يريد التفرقة بين من هبوا من مناطق متعددة الانتماءات في سبيل تخليص البلد من الإرهاب الداعشي، ولابد أن يتزامن هذا مع تحرك المسؤولين ومن يعنيهم الأمر بالانفتاح على الشرائح الفاعلة والمؤثرة اجتماعياً و دينياً في هذه المناطق التي يجري تحريرها من دنس الدواعش للاطلاع على احتياجاتهم والاستماع إلى طروحاتهم و رؤاهم ومقترحاتهم للوصول إلى واقع أفضل وعلاقات تتسم بالثقة المتبادلة والشعور بوحدة المصير العيش المشترك المبني على تساوي الجميع في الحقوق والواجبات.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا بالخلاص من هذه العصابات الإجرامية وان يصلح حال بلدنا انه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.