في تقرير مشترك من إعداد منظمة العفو الدولية وفريق البحث المعني بمشروع “فورنسيك آركتكتشر” (بنية الأدلة الجنائية) نُشرت أدلة جديدة تُظهر أن القوات الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب انتقاماً لوقوع أحد جنودها في الأسر. وتتضمن الأدلة تحليلاً مفصلاً لكمٍ هائلٍ من المواد متعددة الوسائط، وتشير إلى وجود نمط منهجي ومتعمد على مايظهر تتسم به الهجمات الجوية والبرية التى شنها الجيش الإسرائيلي على رفح وأدت إلى مقتل 135 مدنيا، بما يجعلها ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية أيضاً. ويورد التقرير المنشور على الشبكة بعنوان “يوم الجمعة الأسود: مجزرة في رفح أثناء نزاع إسرائيل/ غزة 2014” تقنيات تحقيق متطورة وتحليلاً ريادياً من إعداد فريق مشروع “فورنسيك آركتكتشر” في جامعة غولدزسميث بلندن. وبهذه المناسبة، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر:
“كان ذلك الهجوم الذي قام به الجيش الإسرائيلي على مدى خمسين يوما في 2014 هو الأكثر دموية، فقد قامت قوات الجيش الإسرائيلي بإطلاق نار كثيف وقصف مكثف جنوبي رفح،مما أدى إلى وقوع اكبر عدد من الضحايا المدنيين خلال نشوب النزاع”
ويضيف لوثر “ثمة أدلة قوية تشير إلى ارتكاب إسرائيل جرائم حرب عندما قامت بتكثيف قصفها بلا هوادة على المناطق السكنية في رفح بغية إحباط عملية أسر الملازم هادار غولدين، وهو ما أظهر على نحو صادم عدم اكتراثها بأرواح المدنيين. فلقد شنت القوات الإسرائيلية هجمات غير متناسبة وغير ذلك من الهجمات العشوائية وتقاعست كلياً عن التحقيق فيها بشكل مستقل”. واستطرد مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية قائلاً: “يوجه التقرير دعوة عاجلة لا يمكن تجاهلها من أجل تحقيق العدالة. إذ يوفر التحليل المشترك لمئات الصور ولقطات الفيديو والصور الفوتوغرافية وتلك الملتقطة بالأقمار الصناعية وإفادات شهود العيان أدلة دامغةً على ارتكاب القوات الإسرائيلية لانتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي لا مفر من إجراء تحقيقات بشأنها”.
وعمد فريق من الباحثين في مشروع “فورنسيك آركتكتشر” إلى استخدام تقنيات معقدة ومتقدمة لتحليل هذه الأدلة. وقام أعضاء الفريق بمعاينة المؤشرات الزمنية من قبيل زاوية الظل أو شكل أعمدة الدخان وحجمها، وهي مؤشرات تُعتبر بمثابة “مؤشرات حسية” تفيد في تحديد زمان الهجمات وأماكن وقوعها بدقة (وهي تقنية تُعرف علميا باسم “التزامن الجغرافي”).
وتُظهر نتائج التحليل أن الهجمات الإسرائيلية على رفح بتاريخ 1 أغسطس/ آب 2014 قد استهدفت عدداً من المواقع التي كان يُعتقد أن الملازم غولدين يتواجد فيها بصرف النظر عن الخطر الذي تشكله تلك الهجمات على المدنيين، ما يوحي بأن تلك الهجمات كانت تهدف إلى قتله هو أيضاً على الأرجح.
وتعليقاً على ذلك، قال مدير مشروع “فورنسيك آركتكتشر” ، أيال وايزمان:
“نحن نقوم أيضا بتجميع تحريات عبر تقنيات علم العمارة، ومانقوم به هو أننا نتوجه إلى مناطق الحروب،ونعاين الحالات التي انتهكت فيها حقوق الإنسان،ثم ننظر إذا ما كانت هناك جرائم حرب،و الآثار التي تخلفها أعمال العنف على المباني أثناء النزاعات” ويضيف قائلا: “يجمع مشروع بنية الأدلة الجنائية ما بين تقنيات علم العمارة والوسائط الجديدة بغية معاودة بناء تفاصيل حوادث معقدة بالاعتماد على الآثار التي تخلفها أعمال العنف على المباني أثناء النزاعات. وتساعدنا النماذج الحاسوبية المعمارية على تحديد الروابط والصلات بين أجزاء الأدلة ودقائقها من قبيل الصور ولقطات الفيديو التي يتم رفعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وإفادات الشهود من أجل إعادة بناء تفاصيل القصة وتبيان أحداثها”.
هذا وقد علقت حماس و إسرائيل على التقرير
ويقول فوزي برهوم ايمانويل نحشون، المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية:
“نعتقد أن هذا التقرير هو غير صحيح تماما سواء في منهجيته او في النتائج التي أفضى إليها فالتقرير يعزل منطقة واحدة معينة،في غزة مدعيا أن إسرائيل هاجمت المنطقة،دون أي داع لذلك،في حين نعلم أن تلك المنطقة كانت جزءا من منطقة الحرب الجارية”
ولقد عُرض الكم الهائل من ألأدلة التي تم جمعها على خبراء عسكريين وغيرهم من المتتخصصين قبل أن يُصار إلى تجميعها معاً ضمن تسلسل زمني بغية إعداد رواية زمنية ومكانية للأحداث اعتباراً من 1 أغسطس/ آب، أي عندما عمد الجيش الإسرائيلي إلى تطبيق إجراء جدلي وسري يُعرف باسم “توجيه هنيبعل” عقب وقوع الملازم هادار غولدين في الأسر.وتصف إفادات شهود العيان مشاهد مروعة للفوضى والرعب تحت جحيم نيران الطائرات المقاتلة من طراز (ف-16) والطائرات بدون طيار والمدفعية التي انهمرت قذائفها على الشوارع لتصيب المدنيين الراجلين والركاب وسيارات الإسعاف التي كانت تنهمك في إخلاء الجرحى.
لمشاهدة الفيديو
اضغط هنا
تم النقل