"لَنَسْفَعاً" : في قولهِ تعالى "لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ" ( العالق :15) ، "وَلَيَكُونًا"في قوله تعالى"وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ " (يوسف : 32)
أصلها " لنسعفن، ليكونن" أُبدلت النون تنويناً حفاظاً على قراءات أخرى ، ويوقف عليها بالألف فرقاً بينها وبين النون الثقيلة .
.
/
؛
.
ملاحظة: نون التوكيد الخفيفة في قوله تعالى (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) جاءت تنويناً وليس نوناً ساكنة، وذلك اتباعاً لرسم المصحف الشريف (الرسم العثماني)، والقاعدة تقول: إن رسم المصحف لا يُخالَفُ ولا يُقاسُ عليه غيرُه.
ومعنى (لا يُخالَفُ) أي أنه لا يجوز كتابة آيات القرآن الكريم إلا به، ولذلك أثبتنا الآية هنا كما جاءت في رسم المصحف.
ومعنى (لا يُقاسُ عليه غيرُه): أننا عندما نكتب لغة عربية غير آيات القرآن الكريم فإننا لا نلتزم بالرسم العثماني؛ لأنه رسم خاص بالمصحف الشريف، فلا يجوز أن نقيس غيرَه عليه.
التنوين في ( لنسفعًا...) ( وليكونًا...) هو في أصله نون توكيد خفيفة تتصل بالأفعال
ولكن لما كانت ساكنة في طرف الكلمة ملازمة للحركة ويوقف عليها بالألف بعد الفتح
فأشبهت التنوين فرسمت تنوينًا في المصاحف
سئل الشيخ الفاضل وليد الجناحي حفظه الله عن { ليكونا - لنسفعا } و كان جوابه كالتالي
كلمة ( لنسفعًا ) التي بسورة العلق الآية 15 و كلمة ( لنكونًا ) التي بسورة
يوسف عليه السلام الآية 32 كتبتا هاتين الكلمتين بالألف على العلم أنهما
أفعال والأصل أن الأفعال لا تنوَّن
فإذن هذه هي النون الخفيفة ( لنسفعن ) ، ( ليكونن ). فما هو سبب كتابتهما بالألف ؟
سبب كتابتهما بالألف
أولا : ما ذكره الإمام الداني رحمه الله في كتابه المقنع في رسم مصاحف الأمصار في باب ما رسم بإثبات الألف على اللفظ أو المعني [ فصل : قال أبوعمرو : واجتمع أيضا كتّاب المصاحف على رسم النون الخفيفة ألفا وجملة ذلك موضعان: في يوسف (س 12 آ 32 ) (( وليكونًا من الصـغرين )) وفي العلق ( س 96 آ 15 ) (( لنسفعا بالناصية )) وذلك على مراد الوقف. ] .
ثانيا : ونقول خطان لا يقاس عليهما خط المصحف وخط العروض ، لأن خط المصحف معجز كما هو القرآن معجز، وقال الشيخ محمد العاقب في كتابه كشف العمىوالخط فيه معجز للناس .. وحائد عن مقتضى القياس
لا تهتدي لسره الفحول .... ولا تحوم حوله العقول
قد خصه الله بتلك المنزلة .... دون جميع الكتب المنزلة
ليظهر الإعجاز في المرسوم .... منه كما في لفظه المنظوم .
ثالثا : من المعلوم أن زيادة المبنى من زيادة المعنى والعكس صحيح ، ففي هاتين الكلمتين حذفت منهما النون وحل محلها الألف وهو أقل منها قوة ، فقال بعض أهل العلم ذلك ليوحي سرعة التنفيذ وفوريته للخفة ، فبذلك نلحظ هذا الإعجاز يأتي بناء الكلمة القرآنية مناسبا للمعنى في أدق مراميه وأوضح معانيه.
رابعا : ما قاله أهل العلم من لمسات بيانية فيها ، كالدكتور فاضل السمرائي حفظه الله : [ هذه نون التوكيد الأولى ثقيلة والثانية خفيفة ، (لَيُسْجَنَنَّ) هذه نون التوكيد الثقيلة و (وَلَيَكُونًا) هذه نون التوكيد الخفيفة والمعروف في اللغة أن نون التوكيد الثقيلة آكد من الخفيفة لأن تكرار النون بمثابة تكرار التوكيد. النون الثقيلة هي عبارة عن نونين ففي الفعل (لَيُسْجَنَنَّ) ثلاث نونات نون الفعل الأصلية المبنية على الفتح ونون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد الثقيلة آكد من الخفيفة لأنهما نونان فتكرار النون بمثابة تكرار التوكيد. سبب الاختيار أنها هي أكدت على السجن فجاءت بالنون الثقيلة فسُجِن، هي لم ترده من الصاغرين وإنما تريد سجنه. الصغار يعني الإهانة وهي لا تريد إهانته وإنما سجنه ربما ينفذ ما تطلبه . إذن نون التوكيد الثقيلة توحي بتوكيد الفعل تدخل على الفعل المضارع بشروط معينة وعلى فعل الأمر . وفي سورة يوسف الآية (ليسجننَّ وليكوناً من الصاغرين) النون نون التوكيد التي تخلص الفعل للمستقبل واللام هي لام القسم وليست لام التوكيد هنا
استطراد : (وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف) خطر ببالي أن ليسجنن مؤكدة بالنون الثقيلة لأنهم أكيد سيسجنونه وولم يؤكد (وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ) لأنه لن يكون من الصاغرين فلذلك جاءت بما بتناسب مع مستقبل يوسف عليه السلام لم تقل ليكونن من الصغرين
لأنها لن تقدر عليه وإنما تقدر على السجن كما أنها لن تكون حقيقة مستقبله وإنما
سيصير عزيز مصر لن يكون من الصاغرين
خامسا : لا يخفى علينا أن هناك كلمات كثيرة في القرآن الكريم تخالف الإملاء الحالي سواء كان بالحذف
أو بالإبدال أو الزيادة أو الفصل أو الوصل أو كتابة صورة الهمزة ،
وقال الشيخ محمد العاقب في كشفى العمي
الرسم في ست قواعد استقل .... حذف زيادة وهمز وبدل
وما أتى بالوصل أو بالفصل .... موافقا للفظ أو للأصل
وذو قراءتين مما قدر شهر .... فيه على إحديهما قد اقتصر .
وأقول في هاتين الكلمتين أنهما ليستا بمحل وقف إذن لو وصلا بما بعدهما وكانا بالنون الخفيفة سيكون حكمهما حكم ما هما عليه الآن في الرسم ( ليكونمِّن الصـغرين ) ( لنسفعمْبِالناصية ) الأول بالإدغام والثاني بالقلب . أما حال الوقف فنقف بالألف على الرسم بمد العوض
فالكتابة سر من أسرار القرآن الكريم علمه من علمه وجهله من جهله
والله تعالى أعلى وأعلم
?
?في المعجم الوسيط :
?
سفع بعضو من أعضائه سفعا قبض عليه و جذبه بشدة يقال سفع بناصيته و في التنزيل العزيز ( كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ) و يقال سفع بناصية الفرس ليركبه و السموم و النار و الشمس وجهه لفحته
لفحًا يسيرًا فغيرت لونه