قال تعالى :
( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) آل عمران :164
وَكَأَيِّنْ: كلمة مركبة من " كاف " التشبيه و " أي " الإستفهامية المنونة ثم صارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية المفيدة للتكثير ، ولزوم أن تكون في صدر الكلام ، والاختصاص بالماضي ، وحكم مميزها أن يكون مفرداً مجرور بمن ، ولأن التنوين قد صار جزءً من تركيبها كتبت بالنون فهي الآن كلمة واحدة ويجوز أن تكتب (كأيٍ) بحسب أصلها .
ومن المعروف أن التنوين لا يكون في اللفظ دون الخط إلا في قوله تعالى حيثُ وقع فإنه كتب بالنون
في مواضعها السبعة في القرآن ( آل عمران ؛ يوسف ؛ الحج ؛ العنكبوت ؛ محمد ؛ الطلاق )
وفي المصحف أبدلت التنوين في "كأيٍ" نوناً حفاظاً على قراءات أخرى ، وذلك عكس "وليكوناً ، لنسفعاً "
ويوقف عليها بالنون الساكنة .
في المعجم الوسيط
اسم مركب من كاف التشبيه وأي المنونة يفيد تكثير العدد بمعنى (كم) الخبرية ويكتب تنوينه نونا مثل : كأين رجلا لقيت وكأين من رجل لقيت وإدخال (من) بعده أكثر وأشهر لغاته :كأين وكائن ..
في تفسير القرطبي
قال الخليل وسيبويه : هي أي دخلت عليها كاف التشبيه وبنيت معها فصار في الكلام معنى : و كم ، و صورت في المصحف نونا ; لأنها كلمة . نقلت عن أصلها فغير لفظها لتغير معناها , ثم كثر استعمالهافتلعبت بها العرب و تصرفت فيها بالقلب والحذف , فحصل فيها لغات أربع قرئ بها . وقرأ ابن كثير " وكائن " مثل وكاعن , على وزن فاعل , وأصله كيء فقلبت الياء ألفا , كما قلبت في ييأس فقيل يائس ; قال الشاعر : وكائن بالأباطح من صديق ... يراني لو أصبت هو المصابا وقال آخر : وكائن رددنا عنكم من مدجج ... يجيء أمام الركب يردي مقنعا وقال آخر : وكائن في المعاشر من أناس ... أخوهم فوقهم وهم كرام وقرأ ابن محيصن " وكئن " مهموزا مقصورا مثل وكعن , وهو من كائن حذفت ألفه . وعنه أيضا " وكأين " مثل وكعين وهو مقلوب كيء المخفف . وقرأ الباقون " كأين " بالتشديد مثل كعين وهو الأصل , قال الشاعر : كأين من أناس لم يزالوا .... أخوهم فوقهم وهم كرام وقال آخر : كأين أبدنا من عدو بعزنا .. وكائن أجرنا من ضعيف وخائف فجمع بين لغتين : كأين وكائن , و لغة خامسة كيئن مثل كيعن , وكأنه مخفف من كيء مقلوب كأين . ولم يذكر الجوهري غير لغتين : كائن مثل كاعن , و كأين مثل كعين ; تقول كأين رجلا لقيت ; بنصب ما بعد كأين على التمييز . وتقول أيضا : كأين من رجل لقيت ; وإدخال من بعد كأين أكثر من النصب بها وأجود . و بكأين تبيع هذا الثوب ؟ أي بكم تبيع ; قال ذو الرمة : وكائن ذعرنا من مهاة ورامح بلاد العدا ليست له ببلاد قال النحاس : ووقف أبو عمرو " وكأي " بغير نون ; لأنه تنوين . وروى ذلك سورة بن المبارك عن الكسائي . ووقف الباقون بالنون اتباعا لخط المصحف .
و في كتاب (تأويل مشكل القرآن)
كأيّن هي بمعنى : كم . قال اللّه تعالى : وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ [الطلاق: 8] أي: و كم من قرية .
و فيها لغتان : كأيّن بالهمزة و تشديد الياء ، و كائن على تقدير قائل و بائع ، و قد قرئ بهما جميعا في القرآن ، و الأكثر و الأفصح تخفيفها ، قال الشاعر :
و كائن أرينا الموت من ذي تحيّة ... إذا ما ازدرانا أو أصرّ لمأثم
و قال آخر :
و كائن ترى من صامت لك معجب... زيادته أو نقصه في التّكلّم