منزل ;زينب خاتون; مأوى الفدائيين
في العام 1486م قامت الأميرة شقراء هانم، حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون أحد سلاطين المماليك، ببناء منزل رائع خلف الجامع الأزهر، وظل هذا المنزل ملكها حتى العام 1517 ودخول العثمانيين مصر، وتعاقب الوافدون الجدد على سكن المنزل وأضفوا لمساتهم عليه قبل أن يؤول في النهاية إلى زينب بنت عبدالله الشهيرة بزينب ;خاتون، وهي إحدى الجواري اللواتي كن ملك يمين محمد بك الألفي وأعتقها لتتزوج أميراً مملوكياً حينها ويصبح منزلها مأوى للفدائيين المصريين ضد الاستعمار الفرنسي خلال الحملة الفرنسية على مصر (1798 -1801)، وفي العصر الحالي تحول المنزل إلى بيت أثري يجذب محبي الآثار وعشاق الفن الشرقي، حيث يستضيف من حين لآخر حفلات للموسيقى الشرقية .
كانت ;زينب خاتون جميلة وواعية ولهذا قرر محمد بك الألفي أن يعتقها وبعد أن أعتقها تزوجت من الشريف حمزة الخربوطلي، وكان أميراً مملوكياً وبالتالي صارت هي الأخرى أميرة بالتبعية لزوجها ولقبت باسم خاتون ولقب خاتون يعني المرأة الشريفة الجليلة .
اشترى لها زوجها منزل ;شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون وسمي المنزل باسمها ;منزل زينب خاتون، وكانت آخر من سكن هذا البيت قبل أن يضم إلى وزارة الأوقاف المصرية التي قامت بتأجيره لشخصيات عدة، كان آخرها قائد عسكري بريطاني إبان فترة الاحتلال البريطاني لمصر .
ورغم ما يشاع من أن المرأة في العصرين المملوكي والعثماني عزلت وراء المشربيات واقتصر دورها في عالم الجواري والحريم، أثبتت زينب خاتون عكس ذلك، ففي العام ،1798 جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر وبدأ نضال المصريين ضد الاحتلال الأجنبي .
وشاركت زينب خاتون في هذا النضال، فكانت تؤوي الفدائيين والجرحى الذين يلجأون إلى البيت عندما يطاردهم الفرنسيون، وقد عثر في البيت على سبع وعشرين جثة دفنت في سرداب تحت الأرض، يعتقد أنها جثث الجرحى التي كانت زينب خاتون تؤويهم داخل بيتها، وإذا كانت قصة حياة زينب خاتون تكشف لنا ملمحاً مهماً عن حياة هذه السيدة، فإن البيت نفسه وما يشتمل عليه من قاعات وأنماط هندسية يكشف لنا عن سمات العمارة المملوكية وما تحمله من رؤية .
ويعد بيت ;زينب خاتونo أنموذجاً للعمارة المملوكية، فمدخل البيت صمم بحيث لا يمكن للضيف رؤية من الداخل وهو ما أطلق عليه في العمارة الإسلامية اسم المدخل المنكسر وفور المرور من المدخل إلى داخل البيت ستجد نفسك في حوش كبير يحيط بأركان البيت الأربعة، وهو ما اصطلح على تسميته في العمارة الإسلامية ;صحن البيتo;، والهدف من تصميم البيت بهذا الشكل هو ضمان وصول الضوء والهواء إلى واجهات البيت وما تحويه من حجرات، وبيت زينب خاتون يتطابق في هذه السمة مع البيوت الأخرى في القاهرة الفاطمية مثل ;بيت الهراوي الذي تم بناؤه عام ،1486 وهو العام نفسه الذي تم فيه بناء l;زينب خاتون بل ومواجه أيضاً لبيت الهراوي .
ويتميز المنزل بشكل عام بالقباب التي تعمل على توزيع التهوية في المنزل، وبالمشربيات التي تتميز بها العمارة الإسلامية المنزلية، وبالزجاج الملون الذي يشيع جوا من الجمال في المكان .
ويحوي الطابق الأول حجرات ;المندرة وهي مخصصة لاستقبال الضيوف من الرجال، كما يوجد إسطبل الخيل، وهناك أيضا المزيرةوهي غرفة لحفظ المياه، بالإضافة إلى غرف المطبخ والطاحونة ومخزن الغلال .
أما الطابق الثاني من المنزل فيوجد فيه مقعد الرجال أو ما يعرف بالسلاملك، وهو عبارة عن شرفة واسعة تطل على صحن البيت، وهناك كذلك، الحرملك، وهو مقعد الحريم الذي يتميز برحابته واتساعه .
أما الحمام الذي يوجد أيضاً في الطابق الثاني، فينقسم إلى ثلاثة أقسام؛ الحمام نفسه وغرفة التدليك، وملحق صغير مخصص لارتداء الملابس .
وفي الطابق الثالث من المنزل تقع غرفة الأميرة التي تتميز بالزجاج الملون الذي يضيء الغرفة بألوان مختلفة حين يقع عليه ضوء الشمس، وعلى الجانب الأيسر من الحجرة، يوجد باب يؤدر علوي كانت تمكث فيه السيدة بعد الولادة، فبعد أن تلد السيدة، كانت تصعد إلى l;الصندلةo; ولا تترك الغرفة إلا بعد مرور أربعين يوماً، ولذلك حكمة طبية تتمثل في أن مناعة الطفل تكون ضعيفة في الأيام الأربعين الأولى، ولذا كانت ;الصندلة; تعمل على عزل الأم والوليد عن أية مسببات قد تضر بصحة أي منهم
منقول