تحديات العيش في مخيم للاجئين وتفاصيل الحياة الصغيرة فيه، وقدرة الناس على التأقلم، ورسائل توعية للحفاظ على السلامة، كلها مواضيع تتضمنها مجلة خاصة بمخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، وتصدر تحت اسم 'مجلة الطريق'، وذلك باللغتين العربية والإنجليزية.
شبان وفتيات من المخيم يشاركون في تحرير وترجمة المجلة التي ترعاها منظمة طوارئ اليابان، والتي ولدت من الحاجة لإرسال معلومات لسكان المخيم وتبادل المعلومات معهم.
رئيسة تحرير المجلة هدى سرحان تحدثت للجزيرة نت وقالت 'بدأت المجلة بصفحتين ثم أربع والآن تصدر بـ32 صفحة، لم نكن نتوقع أن يهتم اللاجئون بقراءة مجلة، لأنهم مشغولون بقوتهم وأساسيات حياتهم، لكنهم تفاعلوا معنا وحتى بادروا للكتابة فيها'.
تنوع المحتوى
وأضافت أن المجلة تنشر القصص والقصائد والمقالات التي يكتبها اللاجئون، بالإضافة إلى رسائل التوعية التي تريد منظمة طوارئ اليابان إيصالها والمتعلقة بأمور النظافة والصحة وترشيد استهلاك الكهرباء وتنقية الماء ومقاومة الحشرات وتطعيم الأطفال والتعامل مع ظروف الطقس.
وواصلت أنهم نظموا دورات تدريبية في فن الكتابة الصحفية تلقى خلالها عدد من الشبان والفتيات مبادئ التصوير والكتابة، وأصبحوا من ضمن فريق تحرير المجلة، على أمل أن يعودوا إلى سوريا ليؤسسوا مجلاتهم وصحفهم الخاصة مستقبلا.
وأشارت هدى إلى أن هؤلاء الشبان يجرون لقاءات وحوارات صحفية، كما تنشر أفضل قصة في الصفحة الأولى. وقالت 'عادة ما تكون قصصا إنسانية تحكي عن اللجوء والظروف الصعبة التي عاشها اللاجئون إلى أن وصلوا إلى الزعتري'.
وتابعت أن اسم المجلة الذي كان مقترحا في البداية هو 'مجلة المخيم' لكنها شعرت أن هذا الاسم 'يكرس حالة اللجوء، فالمخيم هو مجرد مرحلة أمام هؤلاء الناس الذين يجب أن يعودوا إلى وطنهم، لذا اقترحت اسم الطريق، إنه الطريق إلى بلدهم ومستقبلهم'.
اللاجئون عن قرب
وعن انطباعها من خلال الاحتكاك بالسوريين في المخيم قالت سرحان إنهم أشخاص عانوا كثيرا، 'أحيانا تجعلني قصصهم أبكي، لكنهم أيضا يصنعون أشياء من اللاشيء، فالمواد البسيطة المتاحة لديهم يحولونها إلى أغراض وزينة، وداخل كل كرفان هناك بيت سوري، ليس لأنهم يملكون اللازم بل لأنهم يتحلون بالإرادة والتنظيم'.
وأردفت أنها لاحظت في أحاديثهم درجة عالية من الحنين إلى سوريا وإلى بيوتهم، إضافة إلى كرمهم مع الضيوف رغم ظروفهم الصعبة.
أسماء النجار (27 سنة) إحدى المتطوعات في فريق المجلة، وهي من ضمن المجموعة التي خضعت للدورات التدريبية، قالت إنها أصبحت أكثر اهتماما بمشاكل الناس حولها لتحاول طرحها عبر المجلة، وكثيرا ما يسألونها عن محتوى المجلة ويطالبون بتوسيع بعض الأقسام فيها.
وأعربت أسماء عن رغبتها بالاستمرار في هذا المجال رغم مسؤوليتها كأم لثلاثة أطفال.
أحمد شبانة أيضا أحد شباب المخيم الذين انضموا لفريق المجلة، وهو مساعد في شؤون التحرير، قال للجزيرة نت إن العمل الصحفي كان طموحه منذ وقت طويل، لكن لم يتسن له دراسة الإعلام في الجامعة فدرس القانون.
تفاعل السكان
ويرى شبانة أن المجلة 'أتاحت للاجئين التعبير عن أنفسهم وعن معاناتهم، وأنا شاركت في ورشات التدريب، والآن أجري المقابلات وأساعد في أعمال التحرير والتنسيق مع أعضاء الفريق'، وعبر عن سعادته بانتمائه لأسرة المجلة التي يدعم بعضها بعضا.
وتابع أنه يشعر بقيمة عمله عندما يستوقفه الناس في المخيم يوميا لسؤاله عن موعد صدور العدد التالي، وليشرحوا له مشاكلهم اليومية لينشرها بدوره في المجلة، معتبرا أن ذلك يعكس ثقة الناس بهم.
ومن ناحية أخرى لفت إلى أن فريق التحرير هو من المتطوعين الذين لا يتقاضون أجرا ماديا على عملهم، لكنهم مثل كثير من أقرانهم يشاركون في عمل بعض المنظمات بالمخيم ليكون لهم دور فاعل في المجتمع الذي يعيشون فيه.
منقول